أفادت صحيفة "الوطن" الجزائرية، بأن المحكمة العسكرية أصدرت حكما بالإعدام في حق قرميط بونويرة، الذي شغل منصب سكرتير قائد أركان الجيش السابق أحمد قايد صالح. ووفقا للصحيفة الصادرة باللغة الفرنسية، فإن المحكمة العسكرية بمحافظة البليدة قضت بالحكم يوم الاثنين الماضي. وحكمت المحكمة ذاتها بالمؤبد على كل من قائد الدرك الفار، غالي بلقصير، والدبلوماسي السابق المقيم في لندن محمد العربي زيتوت، وهو عضو في حركة "رشاد" التي أدرجتها السلطات الجزائرية ضمن قوائم الإرهاب. وتوبع المتهمون بتهم تتعلق بالخيانة العظمى وإفشاء أسرار من شأنها الإضرار بمصالح الدولة. يذكر أن بلقصير محل بحث من طرف الإنتربول بعد إصدار القضاء الجزائري مذكرة توقيف في حقه، كما جردته المحكمة العسكرية في قضية سابقة من رتبة جنرال، فيما يستفيد الدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت من اللجوء السياسي في بريطانيا منذ سنوات. أما بونويرة، فقد تسلمته الجزائر من تركيا السنة الماضية. وكان الضابط الجزائري السابق قرميط بونويرة، وهو السكرتير الخاص السابق لقائد أركان الجيش أحمد قايد صالح، قد فضح من داخل السجن العسكري، الأفعال الإجرامية التي ارتكبها قائد أركان الجيش الحالي سعيد شنقريحة وعدد من العسكريين. وكشف بونويرة، في تسريب مرئي، أن شنقريحة قام بالضغط على القضاء العسكري لمراجعة وإغلاق ملف تحقيقات كانت تخصه، عندما كان قائداً لمنطقة عسكرية ثم قائداً للقوات البرية، قام بفتحها سلفه أحمد قايد صالح ضده. وأشار إلى أن قايد صالح كان يعتزم إحالة شنقريحة على القضاء العسكري قبل الانتخابات الرئاسية التي جرت في دجنبر 2019، غير أنه فضل تأخير الأمر إلى ما بعد الانتخابات وعدم التشويش على الاستحقاق الانتخابي، لكن القدر كان أسبق منه حيث توفي قايد صالح في ال26 من الشهر نفسه. وذكر بونويرة أن قائد الجيش السابق قايد صالح بدأ، نهاية عام 2018، تحقيقات بسبب استمرار تدفق المخدرات إلى الجزائر، على الرغم من حفر خندق على طول الحدود الجزائرية المغربية ووجود أسلاك وكاميرات مراقبة. وقال إن التحقيقات كشفت عن وجود تواطؤ لقيادات عسكرية لتمكين المهربين من العبور مقابل الحصول على عائدات، مشيراً إلى أن بعض الأسلحة التي كان يتم الكشف عنها في الصحراء، على أساس أنها عمليات كشف في إطار محاربة الإرهاب، كان يجرى استقدامها من ليبيا وتخزينها في الصحراء ثم تصويرها على أنها اكتشاف من قبل قوات الجيش. وذكر بونويرة وقائع وتغييرات حدثت في قيادة الجيش قبل فترة قصيرة، للتأكيد على أن التسجيل سُجل داخل السجن العسكري الذي يقبع فيه منذ غشت 2020. كما وجه اتهامات صريحة إلى قائد أركان الجيش الحالي بالعمل على إحداث خلخلة في التوازنات الجهوية داخل قيادات الجيش، وتعيين عسكريين من منطقة الشرق الجزائري، واستبعاد القيادات التي تنتمي إلى باقي مناطق الوطن، مشيراً إلى أن هذه السياسة تمثل خطرا أكيدا على وحدة الجيش الجزائري وعقيدته الوطنية. وتطرق بونويرة إلى تفاصيل هروبه من الجزائر بعد وفاة قايد صالح، وقال إن قائد أركان الجيش الحالي السعيد شنقريحة عرض عليه العمل معه، لكنه رفض وطلب إحالته إلى التقاعد.
وأشار إلى أنه كان يتوجس من شنقريحة بسبب علمه بالملفات التي قال إنه متورط فيها، وهو ما دفعه إلى التفكير في الخروج من البلاد والتوجه إلى تركيا منتصف مارس 2020، خاصة بعدما وصلته معلومات عن رغبة قائد أركان الجيش وتدبيره، مع مسؤولين في القضاء العسكري، لخطط بهدف تلفيق ملفات وتوريطه في أية قضايا، وإذا استدعى الأمر تصفيته. وكانت السلطات الجزائرية قد تسلمت بونويرة في الثاني من غشت 2020 من تركيا، إذ أُحيل إلى قاضي التحقيق العسكري، ووُجهت إليه تهم تجسس وتخابر وإفشاء أسرار ومعلومات عسكرية والاستيلاء على ملفات ووثائق، زعم القضاء العسكري أنه حصل عليها خلال خدمته في مكتب قائد أركان الجيش، قبل أن يقدم استقالته من الخدمة العسكرية بعد وفاة قايد صالح نهاية دجنبر 2019. وأشارت معلومات حينها أن تسليم بونويرة كان محل اتصال هاتفي بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ تم إرسال فرقة من الأمن الداخلي إلى إسطنبول التركية لاستلامه. ويوجد بونويرة داخل زنزانة انفرادية، ويخضع لحراسة مشددة، كما أن إدارة السجن لا تسمح له بلقاء أي أشخاص آخرين. وهناك تساؤلات حول أهداف نشر التسجيل في هذا التوقيت السياسي الحرج، وما إذا كانت جهة ما في السلطة والجيش لها يد في تمكين بونويرة من تسجيل التسريب لإحراج قائد الجيش والدفع به إلى خارج المؤسسة العسكرية، خصوصاً بعد الاتهامات التي وجهها بونويرة لشنقريحة.