وصلت قصة مصر مع حلم تصنيع السيارات الكهربائية إلى نهايتها حتى قبل أن تبدأ عمليا، وذلك بعدما أعلنت وزارة قطاع الأعمال مؤخرا، توقف المفاوضات مع شركة "دونغ فينغ" الصينية لإنتاج السيارة "نصر – E70" بسبب اختلاف حول أسعار مكوناتها، في الوقت الذي بدأت فيه تقارير مصرية تتحدث عن ارتباط الأمر بالمسار الذي تتجه فيه هذه الصناعة في المغرب، البلد الذي أعلن بالفعل دخول عالم السيارات الكهربائية من خلال علامتي "أوبل" و"سيتروين"، في انتظار أن تلحق بهما "رونو". وعلى المستوى الرسمي لم تتحدث الحكومة المصرية عن وجود ارتباط بين مسار التصنيع المغربي الذي اختار العلامات التجارية الأوروبية كشريك، وبين تعثر مسار التصنيع المصري الصيني، ففي أواخر أكتوبر الماضي تحدث وزير قطاع الأعمال العام المصري، هشام توفيق، عن أن تأخر الإنتاج يعود إلى وجود خلافات مع شركة "دونغ فينغ"، وأعلن حينها ضمنيا عن أن القاهرة بدأت تصرف النظر عن هذا المشروع حين تطرق إلى بدء أعمال إنشائية في مصنع السيارات وتحديث آلات الإنتاج غير المرتبطة بالطراز المذكور. وفي 11 نونبر الجاري خرج الطلاق المصري الصيني إلى العلن، حين أصدرت وزارة قطاع الأعمال العام بيانا أكدت فيه توقف المفاوضات مع الشركة الصينية لإنتاج السيارة الكهربائية، وذلك بعد 11 شهرا فقط من توقيع عقد الشراكة بينها وبين شركة "نصر" التابعة للدولة المصرية، مبررة الأمر بعدم التوصل إلى اتفاق على تخفيض سعر المكون المستورَد بالشكل الكافي للتمكن من طرح السيارة بسعر تنافسي، وأضافت أنها فتحت قنوات الاتصال مع مكتب استشاري دولي للبحث عن "شريك بديل". لكن مسألة التنافس المصري المغربي كانت مطروحة قبل إعلان القاهرة رسميا عن توقف المشروع، ففي شتنبر من العام الجاري أصدر معهد دراسات الشرق الأوسط تقريرا أكد أن العقد الذي وقعته الرباط مع شركة "أوبل" الألمانية، والمعلن عنه رسميا في غشت، أي بعد 7 أشهر من الشراكة المصرية الصينية، قد مكن المغرب من تحقيق السبق أمام مصر، مبرزا أن الأمر يتعلق ب"مكسب استراتيجي لصناعة السيارات الكهربائية الأوروبية على حساب الصين"، حيث فرضت المملكة نفسها "كبوابة تصدير نحو غرب إفريقيا". وجاء ذلك عقب إماطة اللثام عن السيارة Rocks-e التي تصنعها "أوبل" في مصنع Stellantis بمدينة القنيطرة، والتي قالت إنها ستكون موجهة إلى السوق الأوروبي والألماني على وجه الخصوص ابتداء من خريف 2021، وهي سيارة صغيرة الحجم مكونة من مقعدين فقط تصل سرعتها القصوى إلى 75 كيلومتر في الساعة، ومن ميزاتها الأساسية السعر المنخفض الذي لا يتجاوز 7000 دولار أمريكي. وشكلت هذه النقطة إحدى أهم عوامل حسم المنافسة بين مصر والمغرب لصالح هذا الأخير، ففي الوقت الذي تتفوق فيه سيارة E70 من حيث كونها سيارة ذات 5 مقاعد ولكون سرعتها تصل إلى 145 كيلومترا في الساعة، فإن سيارة Rocks-e تتفوق عليها من نواحي أخرى وخاصة السعر، إذ يبلغ ثمن السيارة المصرية الصينية 18.600 دولار، إلى جانب فارق القدرة الإنتاجية بين مصنعي نصر والقنيطرة، ففي الوقت الذي لا تتجاوز طاقة الأول 25 ألف سيارة سنويا، سيكون بإمكان الثاني تصنيع 700 ألف سيارة كل عام. وكان المغرب قد دخل عمليا مجال استخدام السيارات الكهربائية المصنعة محليا في أكتوبر من سنة 2020، من خلال كشف النقاب عن سيارة "سيتروين Ami" التي تصنعها مجموعة PSA في القنيطرة، وذلك بعدما أعلنت عن تخصيص 225 وحدة منها لمؤسسة البريد من أجل استخدامها في إيصال الطرود، وهذه السيارة أقل من نظيرتها "أوبل Rocks-e" في السعر الذي لا يتجاوز 6900 دولار، وأيضا في المميزات، إذ لا تتجاوز سرعتها 45 كيلومترا في الساعة.