يترقب المغاربة بدء المفاوضات السياسية لتشكيل الأغلبية الحكومية الجديدة، بعد أن أسفر اقتراع الثامن من شتنبر الجاري عن تصدر حزب "التجمع الوطني للأحرار" للمشهد الحزبي، ولكن الأنظار مشدودة قبل ذلك إلى الشخصية التي سيعينها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لترؤس الحكومة المقبلة من الحزب الفائز. وإلى حين بدء مسار تشكيل الحكومة المقبلة بتكليف جلالة الملك محمد السادس لمن سيقود الحكومة الجديدة، تتداول الأوساط السياسية أسماء ثلاثة مرشحين بارزين، يأتي على رأسهم اسم عزيز أخنوش، رئيس حزب "التجمع الوطني للأحرار" كمرشح أول لتقلد منصب رئيس الحكومة. وإلى جانب أخنوش، يتم تداول اسم وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة في حكومة سعد الدين العثماني، محمد بنشعبون، بالنظر إلى ما يتسم به من حسّ "توافقي". كذلك يُطرح اسم مولاي حفيظ العلمي، بالنظر إلى حصيلته الإيجابية على رأس وزارة التجارة والصناعة والاقتصاد في عهد حكومة سعد الدين العثماني. وبينما تتجه الأنظار إلى الاستقبال الملكي المنتظر خلال الساعات المقبلة لرئيس حزب "التجمع الوطني للأحرار" لمعرفة هوية من سيقود الحكومة ال 17 في تاريخ المغرب الحديث، يبقى اسم أخنوش الأكثر ترجيحاً، في ظل وجود "عرف دستوري" تكرّس تباعاً منذ تعيين الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الراحل عبد الرحمن اليوسفي في منصب "الوزير الأول" بعد انتخابات 1998، وبعده الأمين العام لحزب "الاستقلال" عباس الفاسي وزيراً أول في عام 2007، والأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" عبد الإله بنكيران رئيساً للحكومة في عامي 2011 و2016، ما لم تحدث في النهاية مفاجأة بتقديم رئيس حزب "التجمع الوطني للأحرار" اعتذاره عن مهمة التكليف. ويحتل منصب "رئيس الحكومة"، وهي التسمية التي حلت محل "الوزير الأول" بمقتضى الدستور الجديد، الذي تم إقراره في الأول من يوليو 2011، مكانة متميزة في النظام السياسي المغربي، باعتباره ثاني منصب في المملكة بعد المؤسسة الملكية، وأيضاً لما عرفه من تحولات كبيرة من حيث طريقة تعيينه والاختصاصات التي منحت له. ويأتي على رأس تلك التحولات ما ينصّ عليه دستور 2011 في فصله ال 47، من أن الملك يعيّن رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) وعلى أساس نتائجها، وأنه (الملك) يعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها. كما حمل الدستور الجديد للمملكة تحوّلاً نوعياً في اختصاصات "رئيس الحكومة"، إذ نصّ على أن هذا الأخير يمارس السلطة التنفيذية، ويمكن أن يفوض بعض سلطته إلى الوزراء (الفصل 90 من الدستور)، وله سلطة التعيين في الوظائف المدنية في الإدارات العمومية وفي الوظائف السامية في المؤسسات والمقاولات العمومية. ويمكن لرئيس الحكومة، وبتفويض من الملك، أن يرأس المجلس الأعلى للأمن على أساس جدول أعمال محدّد (الفصل 54 من الدستور)، وأن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة. كذلك يمكن لرئيس الحكومة حلّ مجلس النواب بعد استشارة الملك ورئيس المجلس ورئيس المحكمة الدستورية، بمرسوم يُتخذ في مجلس وزاري، بالإضافة إلى منحه حق التقدم باقتراح القوانين.