أكد المحلل السياسي التونسي، محمد نجيب ورغي، أن المغرب، وبإطلاقه مشروع تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكوفيد- 19، يشكل الاستثناء في منطقة تعاني من عدم استقرار وقصور المنظومة الصحية. وأوضح ورغي، وهو مدير سابق لوكالة (تونس إفريقيا للأنباء)، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن "المغرب يتبوأ الصدارة، وذلك في الوقت الذي تشهد فيه العديد من البلدان تفشيا كبيرا لكوفيد-19، وتجد صعوبة في إيجاد اللقاح، هذا الترياق الثمين، في السوق العالمية، على أمل الوصول إلى المناعة الجماعية وكسر حلقة الإصابات". وأضاف أنه بعد نجاحها في تمنيع ساكنتها وفي حملتها للتلقيح، قطعت المملكة، التي لا تعتزم التوقف في منتصف الطريق، خطوة جديدة وحاسمة، تمكنها من الولوج إلى النادي الضيق للبلدان المنتجة للقاح المضاد لكوفيد-19، مذكرا بأن المملكة وقعت، خلال حفل ترأسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مع مجموعة (سينوفارم) اتفاقيات تتعلق بمشروع تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكوفيد- 19 ولقاحات أخرى بالمغرب. وتابع أن "هذه الخطوة الكبيرة إلى الأمام لم تأت من فراغ، فهي تكرس نجاعة الرؤية وصواب النهج المعتمد من قبل المملكة تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، سواء في مجال إرساء منظومة صحية فعالة، أو النهوض بالموارد البشرية، أو خلق الشروط الموضوعية لتشجيع إشعاع البلاد على الصعيد الدولي". وأشار إلى أن إطلاق والتوقيع، في 5 يوليوز الجاري، على اتفاقيات تتعلق بمشروع تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكوفيد- 19 ولقاحات أخرى بالمغرب، يشهدان على طموح، وخاصة على إرادة المملكة للسير قدما، والاستباق دائما وعدم الاكتفاء بالخضوع للأحداث. وأوضح ورغي، وهو مدير تحرير سابق بمجلة "Réalités" "حقائق" التونسية، وجريدة "La Presse" "الصحافة"، أنه لهذا السبب البديهي، فضلا عن الهدف الاستراتيجي المتمثل في ضمان الاكتفاء الذاتي للمملكة وتعزيز أمنها الصحي، يمكن إطلاق هذا المشروع الضخم المغرب من تسجيل حضوره في ساحة الكبار، ويصبح منصة قارية للإنتاج والتوزيع. وكشف أنه من الواضح، في سياق دولي يطبعه عدم اليقين، أن هذا المشروع الضخم الذي تبلغ تكلفته 500 مليون دولار، يعزز مكانة المملكة كمصدر للأمن الصحي على الصعيد القاري. وبين أن هذا التقدم الملحوظ الذي يعكسه إطلاق هذا المشروع، وهو نتاج تعاون وشراكة مثمرة بين القطاعين العام والخاص، يجسد طموحا وخاصة رؤية استراتيجية للدور الذي يتعين على المغرب الاضطلاع به في ما يتعلق، على الخصوص، بقطاع حساس وحيوي في الآن ذاته. واعتبر أن هذا الأمر صحيح بالنظر إلى أن هذا المشروع المهيكل يسمح بتمكين المملكة من قدرات صناعية وبيوتكنولوجية شاملة ومندمجة مع إطلاق، على المدى القريب، قدرة أولية لإنتاج 5 ملايين جرعة من اللقاح المضاد لكوفيد-19 شهريا. وأضاف الباحث أن المملكة، ومن أجل تسجيل دخولها لهذا النادي الضيق، وبالإضافة إلى توفر الوسائل الصناعية والتكنولوجية، تزودت بالمؤهلات الضرورية من أجل تطوير بنياتها الخاصة لتصنيع اللقاحات. وتابع أن المغرب يتوفر، بفضل الثقة التي يتمتع بها، سواء لدى البلدان الكبرى المنتجة، على غرار الصين، أو المختبرات الكبرى للصناعة الصيدلانية، أو على صعيد القارة، على كافة الوسائل ليرتقي إلى مركز للتميز لتعبئة اللقاحات القابلة للحقن لفائدة الشعب المغربي والقارة الأفريقية. وعبر عن قناعته بأن هذا المشروع النموذجي سيساهم، بالتأكيد، في خلق مركز مغربي للكفاءات لتصنيع لقاحات الغد، وكذا في خلق مناصب الشغل في هذا القطاع المستقبلي، وفي تطوير خبرة في القطاع. وتابع أنه، لهذا الغرض، تشكل الاتفاقات الثلاثة الموقعة الأرضية المناسبة لجعل المغرب قطبا للتميز في مجال الصناعة البيوصيدلانية في القارة الإفريقية، مذكرا بأنه منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش، نجح المغرب في إرساء أسس سياسة إفريقية تؤهله اليوم للاضطلاع بدور فاعل هام في القارة بالنظر إلى حضوره القوي في إفريقيا، وتمكنه من قنوات التوزيع، وكذا الثقة التي تمكنت البلاد من بنائها، على وجه الخصوص. وخلص ورغي إلى أن الأمر يتعلق بسياسة إفريقية ناجحة تفسر قرار الصين التي فضلت المراهنة على حليف موثوق من أجل تعزيز قدرات تصنيع اللقاحات والتصدير نحو باقي بلدان القارة.