كشفت مصادر إعلامية إسبانية، مدى انزعاج اسبانيا وباقي الدول الأوروبية من العلاقات الثنائية بين المغرب والمملكة المتحدة، خصوصا بعد خروج هذه الأخيرة من الاتحاد الأوربي. في هذا الإطار، كتبت صحيفة "الاسبانيول"، اليوم الثلاثاء، مقالا تحت عنوان يعبر بالملموس عن انشغال الأوربيين، وخاصة الجارة الشمالية، بنجاح الشراكة الثنائية بين المغرب وبريطانيا التي ودعت الاتحاد بعد دخول اتفاقية البريكسيت حيز التنفيذ في يناير من السنة الجارية. وجاء في مقال الصحيفة الاسبانية، تحت عنوان " عبارة مباشرة بين المغرب والمملكة المتحدة: هكذا تستفيد الرباط من "بريكست" على حساب إسبانيا"، أن صادرات المملكة المغربية من الفواكه والخضروات إلى المملكة المتحدة زادت بنسبة 51 في المائة، في الشهر الأول من العام الجاري، وذلك بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. واضافت الجريدة، أن المغرب عرف كيف "يتوقع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من خلال توقيع اتفاقية شراكة مع المملكة المتحدة في أكتوبر 2019 ، وبالتالي الحفاظ على نفس العلاقة الاقتصادية بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي". وقالت الصحيفة إن الاتفاق الثنائي بين البلدين "أتى بالفعل ثماره الأولى"، حيث يُظهر المغرب أداءً اقتصاديًا أعلى منذ الأول من يناير في قطاعات مثل الزراعة، التي ارتفعت صادراتها من المنتجات الطازجة إلى المملكة المتحدة بشكل كبير. ومع دخول اتفاقية بريكسيت في يناير 2021 حيز التنفيذ، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، زادت الواردات البريطانية من الفواكه والخضروات المغربية بنسبة 51 في المائة، وحل المغرب بالفعل محل هولندا كمورد رئيسي لهذه المنتجات الطازجة إلى المملكة المتحدة. وزاد الطلب على الفراولة المغربية بنسبة 459٪ مقارنة بالعام الماضي، وفي يناير 2020 ، أرسل المغرب 231 طنًا إلى المملكة المتحدة ، وهو رقم وصل إلى 1،292 طنًا في يناير المنصرم. مقاطعة الفراولة الاسبانية وأضافت الصحيفة أن هذا النمو تم توقعه من قبل رجال الأعمال الزراعيين في إسبانيا. وفي هذا الإطار، قال أنطونيو لويس مارتين، صاحب ضيعة لانتاج الفرولة في كارتايا (بمنطقة هويلفا) ، وهو أحد السباقين إلى عقد اتفاقية مع المغرب بخصوص العاملات الفلاحيات لجمع الفراولة في حقول هويلفا، في مقابلة مع جريدة الإسبانيول إن "المملكة المتحدة ستقاطع هويلفا في مجال السياحة والفراولة ". وتجاوزت واردات الخضار والفواكه من دول خارج الاتحاد الأوروبي إلى المملكة المتحدة 251 طنًا. وفي الوقت الحالي، لا تزال إسبانيا أكبر مصدر للمملكة المتحدة، لكن المغرب زاد من عدد الشحنات لتقترب من هولندا وجنوب إفريقيا، واللتان تحتلان المرتبة الثانية والثالثة في ترتيب الدول المصدرة. وفي يناير 2021، خفضت هذه الدول الثلاثة من حجم صادراتها، بنسبة 10 في المائة في حالة إسبانيا، وحوالي 26 في المائة بالنسبة لهولندا، مقارنة بالفترة نفسها من العام المنصرم. وفي غضون ذلك، رفع المغرب صادراته بنسبة 51 في المائة، من 20 ألف إلى 30 ألف طن. ووفقا للإحصاءات الصادرة عن إدارة الإيرادات والجمارك (HMRC) والتي جمعتها شركة Fruit and Vegetable Facts، فإن الواردات البريطانية من المنتجات المغربية لشهر يناير زادت بنسبة 51 في المائة عن يناير من العام الماضي. كما شهدت المنتجات الفلاحية نظير قرع "الكوسة" و"الفراولة" المغربية ارتفاعا قويا في حجم الواردات في السوق البريطانية بشكل خاص، يظهر ذلك بشكل جلي في جميع محلات "السوبر ماركت" البريطانية. وقال وزير الفلاحة عزيز أخنوش في وقت سابق، إن صادرات البلاد من الفواكه والخضروات بلغت 474 ألف طن في يناير، بمعنى أن أكثر من ستة في المائة من هذه الصادرات كانت موجهة لسوق المملكة المتحدة. ويشكل القطاع الزراعي تسعة عشر في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ويعمل به أكثر من أربعة ملايين شخص. كما استوردت بريطانيا منتجات أقل بكثير من دول الاتحاد الأوروبي في شهر يناير مقارنة بالسنوات السابقة، مع انخفاض الواردات بنسبة عشرين في المائة. عبارة مباشرة لتسهيل النقل وتوفير التكاليف، تعمل المملكة المتحدة على إطلاق طريق عبّارات جديدة ستربط بشكل مباشر مينائي طنجة المتوسط وبول (دورست) لنقل الخضار والخضروات وتجنب رسوم الاتحاد الأوروبي المفروضة على دول خارج الاتحاد الأوروبي. وبهذه الطريقة ، يتم إرسال المنتج الزراعي مباشرة ، ويتجنب المرور عبر دول الاتحاد الأوروبي وتفادي الاضطرار إلى دفع الضرائب والرسوم. ستقدم شركة United Seaways خدمة أسبوعية مباشرة من خلال عبارة ترانزيت تقلص وقت السفر الحالي من المغرب إلى المملكة المتحدة بمقدار النصف، أي أقل من ثلاثة أيام، وهي خدمة مثيرة للاهتمام لاستيراد المنتجات الطازجة. وعلى الرغم من عدم توفر معلومات حول تاريخ محدد، فإن الشركة تتوقع بدء الإبحار في الأشهر المقبلة. مع الأخذ في عين الاعتبار ما ينص عليه الاتفاق من ضوابط إضافية حول واردات الاتحاد الأوروبي انطلاقا من يوليو المقبل. صحيفة الاسبانيول، ذهبت حد زعم أن ما سمته "المخابرات الخارجية" تتوقع فرض الموانئ الإسبانية "حصار على الفواكه والخضروات المغربية في عام 2022 بسبب الخسائر التي تتكبدها اسبانيا"، لذلك، تضيف الصحيفة، فإن المغاربة "يعدون أيضًا طرقًا بديلة من الناظوروطنجة المتوسط إلى فرنسا". عمال مغاربة كما أن المملكة المتحدة، تضيف الصحيفة، تحتاج إلى قوة عاملة، وتنظر الاتفاقات الثنائية لما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في توظيف عمال مغاربة في القطاعات التي تحتاج فيها المملكة المتحدة إلى موظفين مدربين. واعطت الصحيفة نموذجا بما طورته اسبانيا لسنوات مع مغربيات يقطفن الفراولة في حقول هويلفا. وتم التعاقد، قبل وباء كوفيد-19، بين رجال الأعمال في هويلفا على استقدام حوالي 20 ألف عامل خلال حملة القطف. وفي العام الماضي، مع إغلاق الحدود بسبب كورونا في 13 مارس ، وصلت 7000عاملة مغربية فقط إلى هويلفا. كما أن بريطانيا تستثمر مساحات كبيرة من الأراضي بالمغرب ليس فقط لزراعة الفراولة، ولكن أيضًا لصنع النبيذ من العنب في بعض المناطق المغربية، مثل بركان، في شمال البلاد. وتؤسس المملكة أيضًا جسرًا مع الدول الأخرى في القارة الأفريقية في مجال الاستثمارات المصرفية وفي قطاع الطاقة المتجددة. وفي فبراير، وفي إطار مشروع شمال إفريقيا للأمن المائي، الممول من المملكة المتحدة، قدمت ابريطانيا بيانات وخرائط جديدة حول تغير المناخ لدعم قطاع المياه والزراعة في المغرب. وقال مركز التكامل في البحر الأبيض المتوسط في بيان إن "هذه البيانات الجديدة تعمل على التخطيط لمستقبل أكثر مرونة، خاصة فيما يتعلق بإدارة المياه والزراعة". ونقل البيان عن السفير البريطاني لدى المغرب سيمون مارتن قوله إن "ندرة المياه تشكل تهديدا حقيقيا للاستقرار والتنمية المستدامة في المغرب". وأضافت الصحيفة، أن اجتماعات العمل هذه بين البلدين كثيرة، وكان آخرها قد عقد هذا الشهر حول الإحصاء، حيث تمت مناقشة أرقام وأداء اتفاقية الشراكة الثنائية بين البلدين. الموارد الطبيعية ولتوضيح مدى متانة العلاقات الثنائية بين المغرب وبريطانيا، ذكرت الصحيفة الاسبانية، أن التعاون يمتد إلى المناقصات، حيث أن المملكة المتحدة حاضرة بشكل رسمي في المغرب من خلال شركات البوتاسيوم والغاز والمعادن. وفازت مجموعة التعدين البريطانية Altus Strategies بثلاثة مشاريع نحاسية وفضية جديدة في منطقة الاطلس الصغير، تبلغ مساحتها الإجمالية 252 كيلومترًا مربعًا ، وتم منحها لشركة فرعية تابعة لها ، Aterian Resources Limited ، بعد طرح المناقصة. وبعد الحصول على رخصة التشغيل من وزارة الطاقة، تقوم شركة التعدين البريطانية Emmerson PLC بتعبئة الأموال اللازمة لبدء العمل في مصنع الخميسات للبوتاسيوم قبل نهاية عام 2021. وأكدت الشركة البريطانية ، المدرجة في بورصة لندن ، لمساهميها أن بدء إنتاج أكبر منجم للبوتاسيوم في إفريقيا ييكون في عام 2023. وسيتتم تعبئة الأموال المطلوبة لأعمال البناء في النصف الثاني من عام 2021. في فبراير الماضي ، جمعت Emmerson PLC 6.4 مليون يورو لتسريع تطوير المشروع. وفي المجموع، وفقًا لإيمرسون، سيتم إنشاء 2385 وظيفة، مباشرة وغير مباشرة، أثناء إنشاء المشروع. وبمجرد التشغيل الكامل، سيتم توظيف ما مجموعه 1500 شخص (760 موظفًا مباشرًا). وختمت الصحيفة الاسبانية بالقول إن المغرب يحاول استعمال أوراق الزراعة والصناعة مع المملكة المتحدة من خلال تقديم عروض تنافسية. وبخصوص العلاقات في القطاع الصناعي، التي ليست متطورة جدًا مع المملكة المتحدة، فإن المغرب يحاول تنويع شراكاته ودعوة المجموعات البريطانية للاستقرار في البلاد.