اتفق سياسيون وخبراء في القضايا الانتخابية على أن إلغاء اللائحة الوطنية للشباب انتصار للديمقراطية، وخطوة نحو القطع مع "الريع السياسي"، ومحاباة أفراد العائلات المحظوظة. ولم يبق أمام بعض الأصنام السياسية التي كانت «تبيع وتشتري» في التزكيات لمن يدفع أكثر، سوى إخلاء مواقعها للشباب الطموح والمتحمس والعاشق لممارسة السياسة بمفهومها الأخلاقي، وليس التجاري على إيقاع «اعطيني نعطيك». ويرى العديد من المهتمين بالشأن الحزبي أن إلغاء اللائحة الوطنية للشباب خطوة لتكريس مبادئ الديمقراطية التي تقوم على المساواة وعدم التمييز، سواء الإيجابي أو السلبي، لأن الكفاءة هي الفيصل في تقلد الشأن العام، وليس دفع المال تحت الطاولة للزعيم، أو المكلف بالتأشير على التزكية. ففي ظل منظومة سياسية وحزبية تقوم على الولاء الشخصي والقرابة العائلية، قال محمد شقير، المحلل السياسي «لن تشكل هذه اللائحة نفسها، إلا آلية من آليات تكريس النخب الحزبية السائدة»، مضيفا «بدل العمل على تغيير النخب الحزبية وتشبيبها، تم تكريس النخب نفسها وتكريس ممارسات الولاء والوصاية والخضوع». وقالت مصادر حزبية إن التوجه نحو إلغاء لائحة الشباب، هو تجاوز لحالة التمييز التي لم تمكن من بلوغ الأهداف، مضيفة أن لائحة الشباب التي ترغب وزارة الداخلية في إلغائها، هي «آلية تشجيعية، بيد أنها لا يمكن أن تستمر مع إطلالة كل موسم انتخابي إلى ما لا نهاية». وتحولت «الكوطا» الخاصة بالشباب والنساء، إلى مطية لاعتلاء المناصب البرلمانية من قبل العائلات الحزبية ومن خلال الزبونية الحزبية، ولمن يدفع أكثر، إذ لم يسجل أي تطور في حركية هذه النخب داخل الغرفة التشريعية، فالكل يجمع على أنها لم تترك ولو إرثا واحدا، مع استثناءات قليلة جدا. ويواصل الكتاب العامون للشبيبات الحزبية حملة ضغط على رئيس الحكومة ووزير الداخلية وزعماء أحزابهم من أجل الإبقاء على اللائحة التي ستمكنهم من ولوج المؤسسة البرلمانية، رغم أن هذه اللائحة تثير جدلا دستوريا ونقاشا سياسيا، بين من يعتبرها مكسبا لتشجيع المشاركة السياسية للشباب، وبين من يرى فيها مجرد «ريع» حزبي يوزع بمنطق الزبونية والعلاقات العائلية. وانطلق النقاش حول إلغاء اللائحة الوطنية للشباب، تزامنا مع بدء المشاورات التي باشرها عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية مع زعماء الأحزاب السياسية حول القوانين الانتخابية التي تأخرت كثيرا. وبعيدا عن الجدل الذي تثيره اللائحة الوطنية للشباب، بين من يعتبرها ريعا سياسيا، وبين من يؤكد أنها ضرورية لفتح المجال أمام الشباب للعمل السياسي، المؤكد أنها تعد خارج الثوابت الديمقراطية، لأنها لا تعكس الاختيارات الحقيقية للناخبين عبر صناديق الاقتراع باعتبارها التعبير الأسمى عن إرادتهم.