في محاولة للهروب إلى الأمام، يحاول نظام الجنرالات بالجزائر جاهدا لفت أنظار الرأي العام الداخلي والخارجي بعيدا عن ما تعيشه البلاد من أزمات على جميع الأصعدة، من خلال مسرحية المناورات البرية والجوية بمنطقة تندوف، التي أشرف على إعدادها وإخراجها رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، سعيد شنقريحة. والغريب في الأمر هو الاسم الذي اختاره الجنرالات العجزة لمسرحيتهم هذه، التي جرت يوميْ الأحد والاثنين، والتي حملت شعار "الحزم 2021"، وهو ما يطرح عدة تساؤلات حول الطرف المعني بهذه المناورات، ولماذا هذا الاسم بالذات، الذي يحيل على عملية "عاصفة الحزم" التي انطلقت فجر الخميس 26 مارس 2015 بمساهمة عشر دول على الأقل بقيادة المملكة العربية السعودية، ضد أهداف جماعة الحوثي والقوات الموالية لها باليمن. ثم لماذا "الحزم 2021"؟، هل الأمر يتعلق بحلقة أخرى من مسلسل معارك فاشلة جاء الوقت للتحلي بالحزم لحسمها؟. أم أن الأمر يتعلق بالمرور إلى المرحلة التالية بعد ما أسمته المؤسسة العسكرية بعملية "الوفاء بالعهد"، التي أشرف عليها شنقريحة في ماي المنصرم والتي كان الهدف منها توجيه رسالة إلى المغرب مفادها أن النظام العسكري لا يزال على "عهده" وأن عقيدته لم تتغير بخصوص النزاع حول الصحراء المغربية، الذي يعتبر المسؤول الأول عن افتعاله وديمومته.. إنها أسئلة تطرح نفسها بإلحاح، بالنظر إلى توقيتها ومكانها، حيث إنها جاءت بعد سلسلة من النجاحات الدبلوماسية والميدانية التي حققها المغرب، بعد حسمه الموقف على أرض الواقع بمعبر الكركرات، وحصده لدعم دولي لصالح مغربية الصحراء، كان آخرها القرار التاريخي الأمريكي، كما أن إجراءها بتندوف تكشف أن المخاطب والمعني بهذه المسرحية هو المغرب، وهو ما يؤكد مرة أخرى أن البوليساريو ليست سوى دمية تتحرك بأوامر النظام العسكري في الجزائر، المتورط حتى النخاع في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. ما يعزز هذا الموقف، هو ما جاء في بيان وزارة الدفاع الجزائرية التي أكدت أن هذه المناورات/المسرحية تندرج "في إطار تقييم المرحلة الأولى لبرنامج التحضير القتالي، لسنة 2020-2021"، كذا!، وما قاله شنقريحة نفسه عندما شدد على " مواصلة تعزيز قدرات قوام المعركة للجيش الوطني الشعبي وتأمين متطلبات الرفع من جاهزيته، بما يضمن تحسين وترقية الأداء العملياتي والقتالي لكافة تشكيلاته ومكوناته، ليكون قادراً على رفع كافة التحديات"، مضيفا أن لجزائر "تستحق من جيشها بأن يكون دوماً في مستوى هذه الرهانات المطروحة اليوم بقوة، وتستحق أن تبقى إلى أبد الدهر، حرّة، سيّدة وعصيّة على أعداء الأمس واليوم"! هذا الهوس المرضي ب"العدو الخارجي" وب"أعداء الأمس واليوم"، يدخل في صلب العقيدة العسكرية للنظام في الجارة الشرقية، وهو المشجب الذي تعلق عليه المؤسسة العسكرية فشلها وما تسببت فيه من أزمات وكوارث للجزائريين منذ سرقة ثمار الاستقلال عقب الانقلاب الذي نفذه محمد بوخروبة (الهواري بومدين)...