في الأوقات الحرجة يظهر الأصدقاء المخلصون الحقيقيون. هذه المسلمة برهن عليها المغرب في عام 2020 ، ببراعة، مرة أخرى، من خلال المبادرة الإنسانية الكبرى لدعم العديد من البلدان الإفريقية في خضم أزمة جائحة بصمت العام الذي يقترب من نهايته. في الواقع، فإذا كان وباء كوفيد -19 أدى إلى بروز عدد قليل من العمليات الإنسانية النادرة حول العالم، فإن المساعدات الطبية التي منحتها المملكة لبلدان من جهات القارة الأربع ، تظل بالنظر إلى حجمها والمجال الواسع الذي شملته، التفاتة إنسانية ذات رمزية قوية للأخوة والتضامن. واعتبارا لكون الجائحة تميزت بشموليتها، فقد أحدث الخطر الفيروسي شعورا بالقلق في كل مكان، مع ترجيح كفة الفردانية والحمائية في إدارة التهديد وآثار الأزمة. وفي خضم هذه الأزمة الوبائية، أطلق المغرب التفاتته التضامنية. هذه المبادرة الملكية المهمة، التي تعكس رؤية جلالة الملك تجاه افريقيا والاهتمام الخاص الذي يوليه لتعزيز التعاون الإفريقي في مجال مكافحة جائحة كوفيد -19 والوقاية منها، همت نقل وتسليم كميات مهمة من المعدات ومنتجات الوقاية والحماية وكذلك الأدوية وذلك عبر جسور جوية . بعد أشهر، لا تزال أزمة الوباء قائمة. ويستعد المغرب، الذي أبان عن تدبير ممتاز لمراحل كوفيد-19، حاليا لإطلاق عملية تلقيح ضخمة ضد فيروس " كورونا " المستجد. وفي 9 نونبر الماضي، ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، لهذه الغاية، جلسة عمل خصصت لاستراتيجية التلقيح ضد كوفيد -19، وهي عملية وطنية ذات نطاق غير مسبوق، تهدف إلى استفادة الساكنة من لقاح كوسيلة مناسبة للتحصين ضد الفيروس والحد من تفشيه. على هذا المستوى أيضا، يعتزم المغرب، الذي احتل مرتبة متقدمة في التزود بلقاح لمكافحة كوفيد -19، بفضل المبادرة والانخراط الشخصي لجلالة الملك نتج عنهما مشاركة ناجحة للمملكة في التجارب السريرية، جعل البلدان الإفريقية تستفيد من اللقاحات المنتجة في مختبراتها. ومن خلال توقيعها اتفاقية شراكة مع العملاق الصيني ،" سينوفارم "، تكون المملكة ، فعلا ، قد احتلت مكانة بارزة في سباق إنتاج اللقاح . وأوضح وزير الصحة خالد آيت الطالب في تصريح لوسائل الاعلام في هذا الصدد، أن "تجربة اللقاح تم تقديمها في المغرب ضمن إطار شامل للتعاون الاستراتيجي الذي يشمل تجربة اللقاح نفسه، والتزويد، وكذلك نقل التكنولوجيا حتى تصبح البلاد منتجة للقاحات". وهكذا ، ففي مرحلة التلقيح أيضا، تجلت رغبة المغرب في استفادة القارة وتوفير اللقاحات، بارزة للعيان كما أن صناعة الأدوية المغربية، التي تعد من بين أكثر الصناعات ديناميكية في القارة، لديها الوسائل الكفيلة لتحقيق هذا الطموح النبيل. ويمكن القول أنه في ظل التحديات الكبيرة والعمليات المهمة لمواجهة كوفيد 19 الذي لا يزال يمثل تحديا ملحا، يواصل المغرب العمل والقيام بعمليات تضامنية كبيرة تجاه إفريقيا لتوطيد زخم التعاون القائم بين بلدان جنوب - جنوب الواعد والمفيد لشركاء المملكة.