أشار المجلس الوطني للصحافة، في تقرير له، إلى أن جائحة كورونا والإجراءات المتخذة من أجل احتوائها في المغرب أدّت إلى أزمة عميقة في قطاع الصحافة بشكل عام، والصحافة الورقية على الخصوص، مما عمّق الازمة الهيكلية التي برزت تجلياتها منذ أكثر من ثلاثة سنوان والتي أرخت بظلالها على مختلف الجوانب الاقتصادية والمالية واللوجيستيكية للمنشآت الصحفية... ومنذ ذلك الحين، يضيف تقرير المجلس الذي أعدته لجنة المنشأة الصحافية وتأهيل القطاع حول "آثار جائحة كورونا على قطاع الصحافة وإجراءات الخروج من الازمة"، توالت الأزمات في العديد من المقاولات الصحافية وتسارعت بفعل التغيرات التكنولوجية المتعاقبة التي عرفها قطاع الإعلام والاتصال بشكل عام، مما تسبب في تدني المبيعات وتضخم القراءة المجانية، وتراجع الاستثمارات الإعلانية/الإشهارية في حين تطور قطاع السمعي البصري المستقل وعزز مركزه في الساحة الإعلامية كوسيلة قرب جماهيرية تستجيب لحاجيات جزء كبير من المستمعين غير المتعلمين، كما تكاثرت الصحف الرقمية، وتنوعت المضامين المجانية وأصبحت في متناول شريحة كبيرة من المغاربة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي كفضاء عمومي جديد، للإخبار وتبادل المعلومات والمعطيات خارج السياقات المؤسساتية المهيكلة... وكشف تقرير المجلس، أن الصحافة الورقية بالمغرب كانت تخسر 356 مليون درهم سنويّا بسبب القراءة المجانية في الأماكن العمومية، مما يفيد بأن أزمة هذه الصحافة ليست أزمة قراءة ولكن أزمة منتوج يتم الاستثمار فيه ماديا وبشريّا ولكنه يستهلك بالمجان، مما يجعل الدعم العمومي السنوي للصحافة المغربية والذي يصل إلى 60 مليون درهم تقريبا لا يغطي بالكاد إلا ما يناهز 17٪ من تكاليف القراءة المجانية للصحف بالمغرب. وأضاف ذات التقرير، أن الصحافة الرقمية لم تكن أكثر حظا من نظيرتها الورقية، حيث أن حصتها في السوق الإشهارية التي وصلت إلى 11٪ بمبلغ سنوي يقدر ب 600 مليون درهم، تعتبر حصة مخادعة، ويرجع ذلك إلى أن ما يناهز 80٪ من هذه الاستثمارات الإعلانية تذهب إلى عمالقة الأنترنيت وخصوصا فايسبوك وغوغل، ولا يتبقى للصحافة الإلكترونية المغربية مجتمعة إلا 120 مليون درهم شقها الأكبر تستفيد منه العناوين الكبيرة المعدودة على رؤوس الأصابع. ووقف التقرير على أن أزمة الصحافة المغربية اشتدت في السنوات الثلاث الأخيرة قبل الجائحة، بحيث وصلت مبيعات كل الصحف إلى ما دون 200 ألف نسخة سنويا، وذلك بانخفاض بلغ 33٪ بالنسبة لليوميات و65٪ بالنسبة للأسبوعيات و58٪ في ما يخص المجلات. كما تراجع نصيب الصحافة الورقية والإلكترونية من الإعلان التجاري ما بين 2010 و2018 بنسبة 50٪ وتفاقم هذا التراجع في الخمسة أشهر الأولى من السنوات الثلاث الأخيرة بنسبة 72,4٪. وجاءت جائحة كوفيد-19، على هذه الخلفية المأزومة، لتضرب الصحافة الوطنية، حيث رصد التقرير آثار تعليق طبع الصحف مع ما استتبع ذلك من إجراءات مؤلمة تخص العاملين بالعديد من المؤسسات، ثم انهيار الإيرادات الإشهارية في الصحافة بنسبة 110٪ ما بين 18 مارس و18 ماي 2020 بالمقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2019 ليخلص التقرير إلى أن خسائر القطاع الصحافي خلال الجائحة قاربت ال 243 مليون درهم خلال ثلاثة أشهر. وخلص التقرير إلى أن أزمة كورونا، رغم ظرفيتها، إلا أن آثارها ستكون قاسية وستعمق الأزمة الهيكلية للصحافة المغربية، وفي هذا الإطار قدم المجلس ما يقارب ثلاثين إجراء قال إنها واقعية وقابلة للتطبيق، لإنقاذ الدور المجتمعي الذي تقوم به الصحافة من خلال خمسة محاور تتعلق بدعم المقروئية وتطوير الدعم العمومي وتنظيم سوق الإعلان التجاري وإعادة النظر في التكوين وتأهيل الموارد البشرية وتقديم تحفيزات لخلق صناعة إعلامية تنافسيّة... يشار إلى أن التقرير، الذي أنجزه المجلس الوطني للصحافة حول آثار جائحة كورونا على قطاع الصحافة في المغرب، ارتكز على بحث تم في الفترة الممتدة من 25 ماي إلى 4 يونيو، من خلال عينة عشوائية تمثيلية تتشكل من 30 عنوانا، وكذا من خلال الاستماع إلى كل الفاعلين في المجال، ومنهم الفيدرالية المغربية لناشري الصحف واتحاد المعلنين المغاربة واتحاد وكالات الاستشارة في الاتصال وشركة التوزيع سابريس ومطبعتي الصحف الأكبر في المغرب، بالإضافة إلى استقراء آخر الدراسات المتعلقة بالمقروئية والحالة الاقتصادية للمقاولات الصحافية وسوق الإشهار.