نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية حوارا بين الصحافية إيجيني باستيي ومدير مؤسسة الإبداع السياسي (فوندابول) دومينيك رينيه، الذي يقدر خطورة الأزمة الصحية الحالية التي يمر بها الاتحاد الأوروبي. وقالت الصحيفة، في تقريرها، إن الافتقار إلى التضامن داخل الاتحاد في مواجهة الأزمة يُعزى إلى الدول الأعضاء وليس إلى بروكسل. وقال رينيه "إن الأزمة الصحية الحالية هي بالأحرى أزمة دول أوروبية تريد الحفاظ على سيادتها الكاملة. لهذا السبب، يبدي الجميع عدم استعدادهم للتضامن مع الآخرين. فقد أنشأت هذه الدول الاتحاد الأوروبي بهدف التعاون فيما بينها وليس التضامن". وأكد أن الصين "تقدم مساعدات من أجل فرض قوتها وتتمكن من تحويل الأنظار عن القضية الرئيسية، التي تقع كامل مسؤوليتها على عاتقها. وفي الوقت نفسه، إنها عملية دعائية ذات أغراض تعاونية. فقد وُزّعت صور المنتجات الطبية ومقدمي الرعاية الذين وصلوا إلى إيطاليا على متن طائرة صينية على نطاق واسع في الصين. وتريد الصين من خلال هذه البادرة أن تقول للعالم إنها قوة عظمى، على الرغم من أن شعبها لا يزال محروما من الكثير من الحريات، بينما تسلط الضوء على عجز البلدان الديمقراطية على حماية سكانها." وأوضح رينيه أن الاستخفاف بالحدود هو "خطأ سياسي وأخلاقي فادح اقترفته الحكومات الأوروبية. دون حدود، لا يمكن المحافظة على سيادة شعبية ولا وطنية. دون حدود، يصبح العقد الاجتماعي مستحيلاً. من جانب آخر، لا تتعلق السيادة بالحدود فحسب، بل تنطوي على القوة أيضا". وأضاف أنه "لا توجد حدود دون سلطة عامة تحميها. ولم تعد الدول الأوروبية سواء منفصلة أو موحدة، تملك مفاتيح السلطة السيادية. ولا أحد يستطيع الهروب من المصير القاسي الذي ستلقاه، لأن العجز الذي تعاني منه هذه البلدان ديموغرافي وعلمي وتكنولوجي واقتصادي وعسكري ونفسي". وأفاد بأن "الأزمة التي يمر بها الاتحاد الأوروبي قاتلة، فضلا عن أن الكارثة التي تواجهها البلدان الأوروبية تستدعي توضيحًا من الحكومات. قد تضع هذه الأزمة حدّا لحالة التناقض الجبانة التي تعيشها هذه البلدان. لذلك، إما أن تتصالح أوروبا مع رؤية القوة أو تندثر قريبًا. وفي الواقع، إن مثل هذا الاحتمال سوف يسعد القوميين. ولكن سقوط الاتحاد الأوروبي سيسبقه انهيار دولها ببضع سنوات فقط". ويعد الجيش النمساوي والقوة التي كانت تتمتع بها النمسا-المجر مؤخرًا على نطاق التاريخ خير مثال على ذلك، وهو يوضح عما ستكون عليه أوروبا عندما يتفكك الاتحاد الأوروبي. ونوه رينيه بأنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي "أن يتحول بسرعة نحو انتهاج سياسة تقوم على حفاظ الدول على سيادتها. وأشار رينيه إلى أنه أعجب بالخطاب الذي ألقاه إيمانويل ماكرون في السوربون في 26 سبتمبر 2017، الذي أكد فيه الحاجة إلى السيادة، حيث لا توجد سلطة عامة دون سيادة ولا سيادة شعبية دون سلطة عامة. ومن شأن قيام اتحاد سياسي أوثق بين الدول أن يتيح بعض الفرص لتحويل سلطات الاتحاد العامة الوطنية إلى قوة عامة عالمية. وهذا يعني "استعادة العناصر المكونة لهذه السلطة في أسرع وقت ممكن التي تشمل تعزيز الحدود المشتركة والدفاع عنها والاستقلالية الصحية والسيادة في مجال الغذاء والطاقة والاقتصاد والتجارة والعلوم والتكنولوجيا". وتجدر الإشارة إلى أن قطاع التكنولوجيا الاستراتيجي يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للتكنولوجيا الحيوية، وهو في طريقه ليصبح تحت السيطرة المطلقة للاحتكار الصيني الأمريكي. وأكد رينيه أنه في حال "لم يتعلم الاتحاد الأوروبي الدروس الضرورية من الأزمة التي اجتاحت القارة، فإن أعداء قيام كيان الاتحاد الأوروبي سينتصرون. لكن انتصارهم سيكون عابرًا ومأساويًا، حيث ستنهار أوروبا، ثم تنهار كل دولة من دولها".