كتبت صحيفة (الفاينانشيال تايمز)٬ اليوم الاثنين٬ أن أزمة اختطاف الرهائن بمحطة عين أميناس٬ شكلت ضربة موجهة لصورة الجزائر٬ التي سيعاني اقتصادها من تهديدات حقيقية نتيجة لهذه الأزمة التي أعادت إلى الأذهان الذكريات السيئة للعشرية السوداء (الحرب الأهلية خلال تسعينيات القرن الماضي). وأشارت الصحيفة٬ اللندنية المقربة من أوساط المال والأعمال٬ في تحليل حول الأزمة التي خلفت مصرع العديد من الرهائن الغربيين٬ إلى أن صناعة البترول وعائداتها التي تقدر بالعديد من مليارات الدولارات٬ شكلت على الدوام٬ وسيلة لقادة الجزائر "لشراء واستمالة شباب ثائر وحجب التفاوتات الاجتماعية وسوء التدبير والرشوة التي أدت إلى انهيار أنظمة أخرى في المنطقة".
وأبرزت (الفاينانشيال تايمز)٬ أن صناعة المحروقات أضحت تواجه اليوم تهديدات ومخاطر بعد مأساة عين أميناس٬ مشيرة في هذا السياق إلى وجود مخاوف من مواجهة الجزائر لنزاع شبيه بالذي واجهته خلال تسعينيات القرن الماضي.
ونقلت الصحيفة عن خبير أمريكي في الجزائر قوله إن "الاقتصاد يمثل أكبر المخاوف بالنسبة للجزائريين في الوقت الراهن"٬ مضيفا أن العديد من المسؤولين الجزائريين والزبناء الأجانب يخشون تداعيات سلبية للهجوم على عين أميناس على سمعة البلاد في الخارج.
وأضاف الخبير أن "الجزائريين٬ الذين عاشوا في سلم نسبي طيلة العشرية الأخيرة٬ يخشون عودة شبح الحرب الأهلية التي مزقت البلاد طيلة العشرية الأخيرة من القرن الماضي".
وحسب (الفاينانشيال تايمز)٬ فإن حكومة الجزائر وأنصارها٬ سيعلمون على"تسويق صورة إيجابية" للهجوم٬ من خلال التشديد على أنه بالرغم من الحرب الأهلية٬ فإن أزيد من 400 شركة أجنبية واصلت عملها في البلاد.
وأشارت الصحيفة إلى أن التدخل القوي للجيش الجزائري ضد مختطفي الرهائن يكشف مخاوف السلطات.
ونقلت عن فرانسيس غيلس المتخصص في قضايا شمال افريقيا بمركز برشلونة للدراسات الدولية٬ قوله إن " السياسة الجزائرية تقوم على اعتبار البلاد مصدرا ناجعا للغاز الطبيعي".
وأضاف أن "فكرة توقف إمدادات الغاز الجزائرية تشكل هاجسا أسودا بالنسبة للسلطات الجزائرية" مشيرا إلى أن تهديدات خاطفي الرهائن بتفجير موقع عين أميناس "تبرز القسوة" التي تعاملت بها القوات الجزائرية.
وبعد أن ذكرت بأن الخسائر الناجمة عن أزمة الأسبوع الماضي بلغت 40 مليون دولار٬ توقعت الصحيفة أن تعاني الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر من تداعيات ارتفاع كبير في تكاليف التأمين والأمن .
ونقلت عن مسؤول كبير في شركة (بريتيش بيتروليوم) البريطانية المتخصصة في قطاع البترول٬ قوله إن تأثيرات الأزمة ستتواصل لسنوات طويلة٬ مشيرة إلى أن الشركة سحبت جميع عمالها غير الاساسيين في الجزائر.
وأضاف المسؤول في (بريتيش بيتروليوم) " اننا غير قادرين على تحديد الوقت الذي يلزم شركائنا للعودة إلى الجزائر بعد هذا الهجوم".
من جهة أخرى٬ أشارت (الفاينانشيال تايمز) إلى أن مأساة عين أميناس تهدد أيضا بتعطيل مخططات الحكومة الجزائرية في تنويع مجالات الاقتصاد انطلاقا من قطاع المحروقات.
وذكرت الصحيفة ٬ في هذا السياق٬ بالبرنامج الاستثماري الذي وضعته الحكومة من أجل تحسين قطاعات التعليم والصحة والبنيات التحتية والتي تم إهمالها لمدة طويلة.
وقال أنطوني سكينر٬ الخبير المتخصص في قضايا الشرق الأوسط وشمال افريقيا بالمؤسسة البريطانية لتدبير المخاطر والأزمات (مابليكروفت)٬ إن "الهجوم على عين أميناس يؤكد أن وحدهم٬ المستثمرين القادرين على مواجهة المخاطر٬ سيكونون قادرين على الاستثمار بالجزائر بالرغم من ارتفاع التكاليف ولاسيما على الصعيد الأمني".
وأوضح أنه لن يكون بإمكان المقاولات غير القادرة على استثمار مبالغ ضخمة في الجانب الأمني٬ ولوج السوق الجزائري٬ ولاسيما منها العاملة في قطاعات السياحة والمنتوجات الاستهلاكية.