خلال القرن التاسع عشر لا يرى الطبيب اللاعب إلا في المستشفى كمصاب حيث مكانه المألوف والطبيعي. واختراق الطب للمجال الرياضي بدأ بممارسة الأطباء للرياضة حيث الإهتمام بالنشاط الجسمي فالطبيب إنسان وبإمكانه أن يكون كذالك رياضي وبالتالي تواجده في الميدان هو تواجد ممارس إن اقتضت الحاجة طبيب وتدريجيا تحول من معالجة الرياضي إلى مصاحبته في نشاطه، سنحاول في ما يلي التعرض لهذا الإختراق التدريجي وإرساء قواعد طبية جسمية ذهنية لممارسة الرياضة. سنة 1880 ميلاد طب النشاط الجسمي لفرنسا، وإنطلاقا من القرن 20 بدأ الطب الرياضي يهتم بالطب الصحي وذلك بإنشاء قاعات للرياضة والترويض داخل المستشفيات ومراكز طبية داخل الملاعب وبالتالي اقتحام الرياضة للمستشفى أدى إلى تفهم قيمتها عند المريض وترويضه للرجوع للحياة، واقتحام الطب للمجال الرياضي أدى إلى تفهم قيمة الطب في الحفاظ على صحة الرياضي ومساعدته في الانجاز والمثابرة. نتساءل الأن عن وضعية الطب الرياضي في المغرب. ليس للطب الرياضي في المغرب قانون ينظمه ويؤطره، فعلاقة الطبيب بالنادي مرتبطة بعقد وتأمين على المسؤولية المدنية في المستشفيات، ليس هناك قسم للطب الرياضي في المستشفيات، ليس هناك مصلحة أو قسم خاص بالطب الرياضي بوزارة الصحة، ليست هناك كشوفات خاصة بالطب الرياضي في المستوصفات وملاعب القرب، لكن مع السياسة الجديدة للجامعة المغربية لكرة القدم خاصة مع افتتاح أيقونة افريقيا وجوهرة المغرب المركب الرياضي محمد السادس لكرة القدم بمعداته الحديثة، وإحساس النوادي المغربية بمدى أهمية الطب الرياضي، تم إنشاء مراكز للطب الرياضي مجهزة بأحدث الأجهزة العالمية مما يدفعنا للدخول إلى هذا العالم لمعرفة كنهه وأهميته. يسعى الطب الرياضي: -للتشخيص الأولي هدفه هل الشخص مؤهل لممارسة الرياضة وهل طبيعة جسمه تسمح له بمزاولة رياضته المفضلة مع احترام مؤهلاته الجسمية وخصوصية الممارسة؛ -علاج الأمراض والإصابات الناتجة عن ممارسة الرياضة وهل بإمكانها التأثير على كسر حواجز الجسمية النفسية لبلوغ أقصى انجازاته موازاة مع وقايته من الإفراط في الجهد التي يمكنها أن تؤدي في حالاتها القصوى إلى الموت؛ -اجتناب المنشطات التي تؤدي إلى تكليف الجسم أكثر من طاقته وإنجازاته وبالتالي تكون له عواقب وخيمة على الممارس، بل هناك مكملات غذائية تحتوي على منشطات ولا تكون مكتوبة على الغلاف، فحسب دراسة قام بها معهد إنجليزي عام 2015 حول هذه المكملات تبين أن هناك منشطات بنائية داخلة في التكوينة الأساسية لهذه المكملات الغذائية دون الإدلاء بها على الغلاف لذلك يستوجب الحذر والقيام بدورات تكوينية مستمرة حتى نجعل من الطبيب على علم بكل مستجدات الأغذية؛ -الرياضة هي سلوك أيضا في الحياة وعلى الطب الرياضي رسم خطوطه وعدم تجاوزها انطلاقا من التغذية المتوازنة ونوم كاف، وتجنب جميع أنواع المخدرات والكحول...الخ. يجب الإيمان بقيمة الرياضة ودورها في النسيج الاجتماعي والتوازن النفسي لمنح الطب الرياضي الفرصة لتطوير مكوناته وجعله في مستوى التطلعات، فالرياضة ليست فقط نتائج، ميداليات، تنافس، مسابقات وكؤوس بل هي انخراط في النسيج الإجتماعي وتكوين جسم اجتماعي ملتحم والابتعاد عن الفرديات الإنحرافية. يجب على الناشئة أن تتعرف على جسمها أن تترافق معه، تعرف حدوده، فهناك علاقة صداقة حميمية مع الجسم، فلا يجب أن نجهل هذا الجسم الذي هو جزء لا يتجزأ عن تمثلات الفرد، فالثقة تبدأ بقبول الفرد لجسمه ومدى قدرة هذا الجسم في تحقيق تطلعات الفرد، فدور الطبيب المزدوج هو التحقق من هذه الميكانزمات الجسمية ومدى نجاعتها في تسيير الفرد ومدى سلامتها وخلوها من الأمراض الجسمية لكن كذالك كيف ترويض هذا الجسم لمستحقات رياضية تصاحب هذا الجسم السليم فالتكاملية هي التي يسعى إليها الطبيب بين معطيات الجسم وتمثلات الفرد التي يشكلها أثناء الممارسة وتدفعه دائما إلى العطاء ونقول في الأخير العقل السليم في الجسم السليم أثناء الممارسة السليمة. وسنحاول فما يأتي من مقالات تسليط الضوء على مختلف مكونات الطب الرياضي وانجازاته لمواكبة الرياضي في مسيرته ومواكبة الشخص في مزاولته للرياضة.