شهدت العاصمة الجزائرية العديد من المدن الأخرى مظاهرات حاشدة، في الجمعة ال40 للحراك الشعبي، للتنديد بسلسلة الاعتقالات التي قامت بها الشرطة في وقت تعيش فيه البلاد حالة من التوتر على خلفية انتخابات رئاسية ستجرى في 12 ديسمبر، في وقت تعرف فيه حملة الرئاسيات للمرشحين الخمسة مقاطعة شعبية واسعة. ونزل آلاف الجزائريين إلى شوارع العاصمة، اليوم الجمعة، رفضا لإجراء انتخابات رئاسية في 12 ديسمبر، وللتعبير عن عدم خوفهم من سلسلة الاعتقالات التي وقعت في اليوم السابق خلال تظاهرة ليلية. وردد المتظاهرون شعارات "حملة اعتقالات وليست حملة انتخابات" للتنديد بالاعتقالات، في إشارة إلى إصرار الحكومة على إجراء الانتخابات في ميعادها حتى وإن تم إيقاف عدد من المتظاهرين. ولوحظ وجود عائلات بأكملها تلتحف العلم الجزائري، وترفع لافتات وشعارات متعددة تصب في مجملها في اتجاه رفض الخيار الانتخابي الذي فرضته السلطة والجيش. وعبر المتظاهرون عن انكسار حاجز الخوف و"عدم وجود أي استعداد للشعب للتراجع عن مطالبه"، وهتفوا مطولا "هذا الشعب لن يعود إلى الخلف". وردد المتظاهرون شعارات مناوئة للجنرالات، وكتب في لافتة: "الجنرالات إلى المزبلة.. والجزائر تدي (تأخذ) الاستقلال" و"الاستقلال الاستقلال" و"السلطة قاتلة" و"طالبين الحرية"، و"دولة مدنية وليس عسكرية"، في رسالة سياسية تعزز مطلب تحرير القرار السياسي من تأثير المؤسسة العسكرية التي تهيمن على القرار السياسي في الجزائر منذ استقلال البلاد سنة 1962. ورفعت في مظاهرات الجمعة صور المناضل الثوري المجاهد لخضر بورقعة، وصور مجموع الناشطين الموقوفين في السجون بسبب مواقفهم أو مشاركتهم في الحراك الشعبي، أو كتابتهم لمنشورات مناوئة للسلطة وقائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح أو رفعهم للاعلام الامازيغية. وطالب المتظاهرون بإطلاق سراحهم وبتحرير العدالة من الضغوط والإكراهات. ومساء الخميس، وفي قلب العاصمة الجزائر، أطلق سائقون أبواق سياراتهم، بينما قرع متظاهرون على أدوات الطهو، قبل أن تعمد الشرطة إلى تفريق الحشد. وقال صحافي في وكالة الأنباء الفرنسية إنه تم اعتقال نحو ثلاثين شخصا. وخلال النهار، وجه قاض الاتهام إلى 29 شخصا أوقِفوا مساء أول أمس خلال مظاهرة مماثلة، حسب المحامي زكريا بن لحريش، عضو الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان. واتُهم هؤلاء ب"التجمع غير المصرح به"، وقد أُطلق سراح 21 منهم مؤقتا. ومنذ أسابيع عدة، يعبر المحتجون خلال مظاهرات أسبوعية حاشدة في كل أنحاء البلاد، عن معارضتهم لإجراء الانتخابات الرئاسية التي يفترض أن يتم خلالها انتخاب خلف للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وتهدف هذه الانتخابات في نظر المحتجين إلى إعادة النظام السياسي نفسه منذ الاستقلال عام 1962 والذي ييرغبون في إسقاطه ورحيل كل رموزه بما فيهم قايد صالح الذي يواصل تعنته ورفضه تلبية مطالب الحراك.