شكل الصندوق المغربي للتقاعد موضوع المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة بمجلس المستشارين، وذلك لما يعيشه هذا القطاع من مشاكل قد تفقده صلاحيته في المستقبل القريب، ويعرّض الجيل الحالي والقادم من المتقاعدين لأخطار مادية قد يكونان في غنى عنها ما لم تتّخذ إجراءات مسؤولة وموضوعية تصب في اتجاه حل شمولي للصندوق المغربي للتقاعد. ومن بين المقترحات التي حاول بنكيران إدراجها كإطار مرجعي لهذا الإصلاح الاستعانة بتجارب بعض الدول الغربية التي هي اليوم في وضع استثنائي نتيجة الأزمة المالية التي عصفت بمؤسساتها المالية والاقتصادية، فمنها من حاولت استصدار قوانين جديدة ترفع من سن التقاعد إلى مابين 65 و67 ، وهو النموذج الذي حاول طرحه رئيس الحكومة كحل بديل لاستمرارية الصندوق المغربي للتقاعد في أداء مهامه المحتشمة.
بيد أن اقتراح بنكيران بدا في بعض جوانبه يحمل إشارات غامضة فيما يتعلق بالسيولة المفترض ضخها في الصندوق، فالرفع من سن المتقاعدين في المغرب لا يعني حسب المهتمين وضع حد لما يعانيه الصندوق، وإنما الظروف الحالية تفرض مقترحات جريئة تراعي أولا الأوضاع الاجتماعية للمتقاعدين والسياق العام للقضايا الاقتصادية والمالية العالمية التي لم يعد المغرب اليوم في معزل عنها، وهو ما تدركه مكونات الحكومية الحالية رغم ان البعض منها يرى أن الجهر بالأزمة يعتبر من باب التيئيس، في حين ان المطلوب هو الجهر بالحقيقة كما هي لا كما يجب أن تكون.
والى ذلك فان رهان رئيس الحكومة على إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد من خلال رفع سن المتقاعد المغربي إلى ما بين 65 او67 لا يعني بداية نهاية الأزمة، وإنما هي مجرد سياسة للهروب لإلى الأمام، فالعناصر المتداخلة لهذا الإصلاح تبقى حاجزا من الصعب تجاوزه من خلال اقتراحات مستوردة من فرنسا والسويد واليونان. فهذه الدول أولا لها خصوصياتها ومحيط سياسي وجغرافي واقتصادي يخالف من حيث مضمونه وأبعاده الإستراتيجية بلدا اسمه المغرب.
ان تلميحات بنكيران الأخيرة بمجلس المستشارين إلى إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد على أكتاف المتقاعدين من جهة والزيادة في الكهرباء والماء والمحروقات والعمل على الاقتطاع من أجور الموظفين من جهة أخرى، لا يمكن القبول بها شعبيا ومؤسساتيا.
وارتباطا بذلك أشار احد المهتمين بالشأن الحكومي أن ما ورد على لسان بنكيران في تحليله للوضع العام للصندوق المغربي للتقاعد وكذا الاقتراحات التي حاول من خلالها تمرير أكثر من خطاب ملغوم، لا يعد حلا، إذ كان حريا ببنكيران ان ينظر من خلف نظارته لكتل الأجور العالية التي ينبغي إصلاحها لكونها تستنزف خزينة الدولة، وكذا إصلاح المؤسسات التي لازال يحتمي داخلها الموظفون الأشباح ، والعمل على خلق دينامية جديدة لجلب الاستمارات، بدل رفع سن التقاعد واستيراد تجارب خارجية لها تاريخ ومعطيات خاصة بها.
وكان عبد الإله بنكيران قد كشف أمام مجلس النواب أن الصندوق المغربي للتقاعد من المتوقع أن يعرف عجزا خلال اواخر سنة 2021 حيث لم تعد موارد الصندوق تغطي نفقاته، مما يجبره على استعمال الفوائد المالية لتمويل الفارق، في ما ستفوق نفقاته موارده، بما فيها الفوائد المالية، ابتداء من 2014 ، وأكد بنكيران انه في حال عدم اتخاذ التدابير اللازمة سيتم تمويل هذا العجز من الاحتياطات المالية للصندوق، ما سيؤدي الى نفاذها في العام 2021 وبالتالي سيعجز النظام عن صرف معاشات المتقاعدين.
والى ذلك أوضح بنكيران انه في حالة عدم اتخاذ التدابير سيصل عجز الصندوق السنوي إلى ما يفوق 12 مليار درهم سنة 2014 لينتقل إلى ما يزيد عن 24 مليار سنة 2021.