أصبح الوضع في السودان أكثر تأزما منذ “ليلة القدر”، حيث أضحى الجيش يحكم قبضته ويقتل المتظاهرين، من أجل وأد حلم السودانيين في بلاد بلا دكتاتورية وبلا حكم العسكر. وحسب قناة الجزيرة، أعلنت لجنة الأطباء مقتل 108 على الأقل منذ الاثنين في حملة القمع، بينهم 40 عثر على جثثهم في مياه نهر النيل، مشيرة إلى سقوط 326 جريحا أيضا جراء أعمال القمع. وتأتي هذه التطورات بينما قتل مواطن وأصيب عشرات آخرون، أمس الأربعاء، خلال احتجاجات عنيفة شهدتها ولاية القضارف شرقي السودان. وأعلنت قوى التغيير رفضها عرض المجلس العسكري للتفاوض، وقالت إن المجلس "ليس مصدر ثقة". وقال بيان القوى المعارضة "أصبح واضحا أن بقاء اللجنة الأمنية لنظام البشير، بقيادة رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان حميدتي، على سدة الحكم يقطع الطريق بين الشعب وحلمه بالسودان الذي يريد". وتابع أن "هذا النظام يؤسس لسيطرة العسكر على الحكم، وحماية النظام البائد لا محالة ورموزه". ودعا إلى المحافظة على سلمية الثورة، وإعلان العصيان المدني الشامل، ووضع المتاريس لحماية الثوار من الرصاص. وجدد تجمع المهنيين السودانيين دعوته إلى أربعة إجراءات بارزة، هي العصيان المدني الشامل، وإغلاق الطرق الرئيسية والجسور والمنافذ بالمتاريس، وشل الحياة العامة، والإضراب السياسي المفتوح في كل مواقع العمل والمنشآت والمرافق في القطاع العام والخاص، والتمسك والالتزام الكامل بالسلمية، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان. "محور الشر" وتأتي تطورات السودان في وقت يلتزم العرب الصمت، في حين توجه أصابع الإتهام إلى آخرين بالتواطئ في هذا المشهد. وقال الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي إن إراقة الدماء في ميدان الاعتصام بالخرطوم لم تفاجئه، لأن قادة المجلس العسكري السوداني ذهبوا للخارج "لنقل المعلومات وتلقي التعليمات". وفي مداخلة على قناة الجزيرة، مساء الاثنين، قال الرئيس التونسي السابق "كنت متوقعا حصول مصيبة، لأن قادة المجلس العسكري ذهبوا ليعطوا المعلومات ويأخذوا التعليمات من ثلاثي الشر". ويطلق المرزوقي "ثلاثي الشر" على حكومات مصر والسعودية والإمارات، ويتهمها بتمويل الثورات المضادة والتآمر على قمع الشعوب العربية. وقال المرزوقي إن قضية السودانيين والعرب الآن هي الدفاع عن استقلال قرار دولهم أمام ثلاثي الشر التابع لإسرائيل، حسب تعبيره. واتهم الدول الثلاث بالتدخل السلبي في اليمن والسودان وليبيا "وفي تونس بالمال الفاسد والإعلام" وأشار إلى أن شعار محاربة الإسلاميين في السودان سقط في فض الاعتصام، لأن الثورة لا يقودها الإسلاميون، مما يعني أن "ثلاثي الشر يحارب هبة الشعوب والحرية واستعادة الثروات الوطنية". وأشاد المنصف المرزوقي بسلمية الحراك السوداني، وحث الثوار على الابتعاد عن العنف الذي يريد محور الشر جرهم إليه، على حد قوله.