صادق مجلس الحكومة مؤخرا على مشروع قانون يتعلق باتفاق الحكومة المغربية والاتحاد الإفريقي بشأن إحداث مقر المرصد الإفريقي للهجرة بالرباط. هذا الاتفاق الذي وقع عليه في 10 دجنبر 2018 على هامش أشغال اعتماد ميثاق مراكش بالمؤتمر الدولي من أجل هجرات آمنة منظمة ومنتظمة . وهذا الحدث المهم يحيلنا إلى الرسالة الملكية المُوجهة إلى الدورة العادية الثلاثين لقمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، التي جرت أشغالها بأديس أبابا، تلك الرسالة الإنسانية والتاريخية، لمّا دعا جلالة الملك محمد السادس إلى إحداث مرصد إفريقي للهجرة واستعداد المغرب لاحتضانه. وكانت هناك جهود حثيثة من قبل الدبلوماسية المغربية داخل أروقة منظمة الاتحاد الافريقي للوصول إلى اتفاق لاحتضان هذا المرصد من قبل المغرب، علما بأنه سيُعهد إليه بتطوير عملية الرصد، وتبادل المعلومات بين البلدان الإفريقية، من أجل تشجيع التدبير المحكم لحركة المهاجرين بهدف تحسين الحكامة في مجال الهجرات ومواجهة التحديات المرتبطة بها، مع تعزيز دور المهاجرين والهجرات في تحقيق التنمية المستدامة. وجدير بالإشارة إلى أن حصول المغرب على اتفاق إفريقي لاحتضان المرصد يعد إنجازا كبيرا يضاف إلى إنجازات أخرى حققها بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي، بفضل جهود جلالة الملك الذي أعطى بعدا إنسانيا لقضية الهجرة، ووضع على عاتقه التزاما لخدمة قضايا وشؤون الهجرة . وفي السياق، لا بد أن نشير إلى ثناء زعماء أفارقة، حيث سبق لفخامة الرئيس ألفا كوندي، رئيس جمهورية غينيا، رئيس مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، بأبيدجان، أن قال: " نحن فخورون جدا بالتزام المغرب وريادة جلالة الملك محمد السادس في مجال تدبير شؤون الهجرة" . وقال ألفا كوندي في تصريح للصحافة على هامش قمة الاتحاد الإفريقي الاتحاد الأوربي (29 و30 نونبر 2017)، إن " المغرب منخرط في مجال تدبير الهجرة. نحن فخورون جدا بالتزام وريادة جلالة الملك محمد السادس". كما نوه الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي " بالاستقبال الذي يخص به المغرب اللاجئين في وقت تطردهم دول أخرى". فضلا على أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اختارت المغرب لاستضافة المؤتمر الدولي للهجرة الذي عقد به يومي 10 و11 دجنبر من السنة الماضية ، والذي تم خلاله اعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنتظمة. إن المغرب من الدول التي تستقبل عددا كبيرا من المهاجرين، نظرا لموقعه الإستراتيجي، وأيضا لما يحظى به من أمن واستقرار، إذ تحول، خلال السنوات الأخيرة، من بلد عبور إلى بلد استقبال وإقامة للمهاجرين. وبما أن المغرب دولة ملتزمة باحترام حقوق الإنسان، بالإضافة إلى التزاماته الدولية في مجال الهجرة وحقوق المهاجرين، فإن ذلك جعله ينخرط، منذ 10 شتنبر 2013، في وضع إستراتيجية وطنية في مجال الهجرة واللجوء، إنسانية في فلسفتها، يقودها جلالة الملك، وتروم تسوية أوضاع المهاجرين السريين المقيمين بالمغرب، في سبيل إعادة إدماجهم وتمكينهم من حقوقهم الإنسانية، سواء في العيش الكريم أو الصحة أو التعليم أو الشغل. فبفضل هذه الإستراتيجية، عملت السلطات المغربية على تسوية وضعية آلاف المهاجرين السريين، وغالبيتهم الساحقة ينحدرون من دول افريقية ، ومن المتوقع أن يرتفع العدد، خلال السنوات المقبلة، إذ تمكنت هذه الفئة من الحصول على بطاقة الإقامة، فأصبحت تعيش بالمغرب بشكل قانوني، ومن الاستفادة من التعليم والتكوين المهني، ومن الحصول على الحق في العلاج، والحق في السكن والعمل، وبالتالي لم تعد تفكر في العبور إلى الفردوس الأوربي، كما يقال. إن الإستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء بمثابة إستراتيجية إنسانية تهدف إلى تعزيز حماية حقوق المهاجرين واللاجئين بالمغرب، ما جعلها تحرز تنويها من قبل العديد من البلدان الإفريقية، التي أعربت عن دعمها وانخراطها الكامل في الدينامية التي أطلقها المغرب. كما حظيت بتقدير خاص من الاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان، والمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمدير العام للمنظمة الدولية للهجرة. وعليه ، يمكن اعتبار أن مشروع قانون إحداث مقر للمرصد الإفريقي للهجرة بالرباط، إنجاز مغربي كبير ، من شأنه تعزيز وتقوية موقع المغرب داخل الاتحاد الإفريقي، كما يندرج في إطار مسار إستراتيجي حقيقي وضعته بلادنا نحو تفعيل التعاون جنوب - جنوب، وأيضا يؤكد قدرة المغرب على تدبير شؤون الهجرة بمقاربة إنسانية .