عبد السلام يونس ======== في جو من الأنس والتواصل والحوار ..وفي فضاء استكمل أخر لمساته في التهيئة والإعداد بمركز محمد المجدوبي للعلوم والفنون والآداب كان الموعد مع الدكتور محمد الداكي الأستاذ الباحث بالمعهد الوطني للبحث العلمي ورئيس الجمعية المغربية للتنوع البيولوجي الذي استضافه المنتدى المغربي للمبادرات البيئية في أول نشاط له لهذا الموسم في إطار المقهى البيئي الذي سيدأب المنتدى على تنظيمه كل عشية جمعة أخيرة من كل شهر ليكون رواده على موعد مع تجارب خبراء موائد مستديرة وندوات مفتوحة و ابحاث ومناقشات واختراعات الخ … تأثثت قاعة مركز محمد المجدوبي بالمدعوين والمهتمين بالشأن البيئي من أساتذة واطر سابقة في الميدان وباحثين وطلبة وإعلاميين … افتتح الأستاذ عبدالحي الرايس المقهى بكلمة تحيل على حميمية اللقاء وتفتح أفاق مشروع سيكون فرصة اللقاء كل شهر على فنجان قهوة سيتم تقاسمه في ود مع باحثين وفاعلين مغاربة وحتى دوليين ليعبروا عن تجاربهم ومواقفهم البيئية … أعطى الكلمة بعد ذلك للدكتور سعد بنعمر الأستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة والباحث والفاعل في المجال البيئي ليقدم باختصار ضيف المقهى الدكتور محمد الداكي المنحدر من إقليم تاونات والمزداد بفاس الأستاذ بالتعليم العالي والحامل للدكتوراه في ايكولوجيا المناطق الرطبة ورئيس مجموعة البحث لحماية الطيور بالمغرب . له إصدارات فاقت العشرة منها واحد حول التربية البيئية والتنمية السياحية … استهل البحث الداكي بملاحظة جوهرية مفادها أننا لم نعط للتربية البيئية الاهتمام الكافي مستعرضا تجربته في هذا الميدان كمتخصص بداية بالإيكولوجيا الحيوانية قبل ان يتخصص تدريجيا في المناطق الرطبة أي بالأنهار والعيون والبحيرات والشواطئ حيث لا يتعدى العمق ستة أمتار…قال انه بدا الاشتغال على التربية البيئية سنة 1977 مع صعوبات بحثية في البداية أكسبته الخبرة سيما وانه أتى بعد الفراغ الذي تركه الفرنسيون. فاشتغاله على التربية البيئية اثر على منهجيته في التدريس الأكاديمي لأنه اثر التبسيط والقرب من المتلقي. ثابر وابرم شراكات مع مدرس علوم الحياة والأرض بهدف الخبرة وتنمية المناهج على المستوى الثانوي مؤسسا خلية جسر بين الباحث الأكاديمي والتلميذ مما خلق تحسنا ملموسا في الرصيد المعرفي لدى التلميذ بعد الباكالوريا بتنسيق مع أساتذة الثانوي الذين قاموا بمجهودات جبارة. ولم يأخذ تدريس التنوع البيولوجي بداياته الحقيقية إلا سنة 19991 وخاصة بعد قمة ريو فكانت هناك طرق مختلفة وكان الهدف هو تحسيس المتلقي بقيمة التنوع البيولوجي مترجما في سلوكيات ولكن الملحوظ هو التدهور المستمر لهذا التنوع الذي زاد الجفاف من حدته في المغرب مما عقد عملية حماية المحميات نظرا للإشكالات الاقتصادية والاجتماعية …. إن الاشتغال بطريقة تقنية وتلقينية على التربية البيئية لم يحقق وعيا بيئيا ملموسا عند الناشئة والشباب رغم تفوقهم في العلوم الطبيعية يعترف الدكتور الداكي الذي أشار إلى انه عكف على قراءات على قلتها مع توجيه أساتذة الثانوي على الكتابة أيضا في المجال وهو ما لم يرق إلى مستوى التطلعات لحد ألان مع الأسف . فكتب الايكولوجيا قليلة وقديمة بالفرنسية والاسبانية لذلك فالتربية البيئية مجال مفتوح يستهدف كل من يتعامل مع البينة بصفة عامة . فأيادي الجميع متلبسة بالإساءة إلى البيئة. ماذا عن المعامل التي تنشا بدون الرجوع إلى المعايير البيئية المحافظة على التراث الايكولوجي. فالأصوات التي ترفع ضد صانع القرار الاقتصادي تتهم المدافع عن البيئة بمعاداة التنمية وخلق فرص الشغل . فالجميع مسؤول كمستهلك وكمبذرين حتى الفقراء منهم فعاداتنا الاستهلاكية ما زال يطغى عليها التصور المادي والاقتصادي و لم نستوعب بعد متطلبات التنمية المستديمة .. ختم ضيف المقهى البيئي تدخله بالحديث عن المكونات التي يعتبرها أساسية لخلق عيش يمتاز بالجودة ولخصها في أربعة مكون مادي اقتصادي يتمثل في الإمكانيات المتاحة … مكون اجتماعي يرتبط بحاجة الإنسان إلى غيره ليعيش في إطار جماعي مما يضمن له مقومات الأمن والاستمرار…. مكون ثقافي يرتبط بالأساس بهوية الفرد والمكون البيئي لإنسان كائن بيولوجي حيواني فضله الله عن سائر المخلوقات لكنه محتاج إلى عناصر فيزيائية تحيط به في وسطه ليعيش كباقي الكائنات الحية ويتأثر بوسطه إيجابا أو سلبا حسب الضغط الذي يمارس على حواسه …. كانت تدخلات رواد المقهى البيئي منصبة إجمالا حول دور الطفرة المعلوماتية في نشر المعلومة بسرعة لم تكن معهودة فيما مضى ودور القانون وخاصة القضاء في فرض احترام البيئة عموما ..كما لوحظ المفارقة الموجودة بين وتيرة البناء البطيئة وسرعة الهدم الملحوظة مع التركيز على مكون التربة الذي يعرف استغلالا مفرطا مما يهدد كل الكائنات التي تتغذى منها والتساؤل عن السبل الكفيلة التي يجب ابتكارها للوصول إلى حلول أنية ومستقبلية استلهاما للآية الكريمة (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الآية كما انصبت مداخلات أخرى حول حمولة التربية البيئية التي يجب أن تكون مادة عابرة للمواد الأخرى ولا تكون حكرا على مادة علوم الحياة والأرض فالوازع الديني لعب ويلعب دورا هاما في احترام مكونات النظام البيئي كما أن الباحثين في الإعجاز العلمي في القران والسنة مدعوون إلى إظهار مدى غنى هذين المصدرين من آليات لإرساء نسق تربوي بيئي يجمع بين العقل وتعظيم خلق الله …. في الختام رد المحاضر بالتركيز على أهمية التربية الوطنية التي يجب أن تلقن في حلة جديدة وعلى مدى الحياة منبها إلى المعوق الرئيسي في إرساء نظام فعال لحماية البيئة هو عدم وجود تنسيق بين التخصصات وخاصة علماء البينة ودارسوا القانون لحمل المشرع والإدارة على إصدار قوانين جديرة بالاحترام لان البيئة تتعرض لعنف الإنسان الذي يمارس في حقيقة الأمر جناية في حق مكوناتها الحيوية …. واقترح في الأخير المزيد من التنسيق والتعاون لإثارة مواضيع أخرى وتخصيص ورشات تكوينية وخاصة في تركيب المشاريع …. وفي الأخير شكر الأستاذ الرايس ضيف المنتدى على تحمله متاعب السفر من الرباط لتلبية الدعوة . والى لقاء أخر متم شهر نونبر صور من فعاليات المقهى البيئي