عند كل بيان من عدد الحركات، من ينادي بالعلمانية مع العلم أن أغلب الشعب لا يفهمها، ومن ينادي بالمساس بإمارة المومنين والشعب لا يفهم لماذا؟ وإلى أي حد يمكن المطالبة بها؟ ومن الرابح من ذلك؟ ومن ينادي بفصل السلط وحتى الآن بات الأمر مبهما، كيف ومتى وإلى أين نريد الوصول؟ ومن القائم على نزاهة القضاء المستقل؟ هناك من يضرب عرض الحائط خطاب الملك، وهناك من يقول أن هذا الخطاب لم يرق في كل حيثياته لما كان من المطالب. وهناك من يفصل في ذلك بالقول أن ليس على الملك تعيين من يقوم بتعديل الدستور. وهناك الذي غاب عن المشهد السياسي واختار التصفيق تارة هنا وتارة هناك لمعرفة الكفة الغالبة ويمتطيها كعادته للوصول إلى الهدف دون عناء في النضال. الهدف بدا واضحا للكل، والكل يتكالب بطريقة أو بأخرى إلى سدة كرسي في البرلمان المقبل أو الحكومة المقبلة. وهناك مرض عضال لدى آخرون يريدون الاستشفاء منه على حساب 35 مليون مواطن. تاه المواطن، وتاه الشعب بين المصطلحات الدخيلة، أمام هذا الزخم من الحركات بل بدأ يرتجف عندما يرى ما يجري في شعوب أخرى من تقتيل واعتقالات وتصفية حسابات وتهديدات. الشعب المغربي، شعب مسالم إلى أبعد الحدود ولكنه ليس غبيا، بل يحلل ويزن الأشياء بمكيال من ذهب. الشعب لن ينسى أبدا تلك الشرذمة التي جعلته أضحوكة طوال سنوات مضت واعتلت على أكتافه للوصول إلى الهدف. إن آخر الدواء الكي. فإن المرض- السلطة- في هذا البلد قد استفحل وتجدر وقد أورث ذوي القربى. فبات أمناء الأحزاب يسعون لتوريث الكرسي لذويهم وأقربائهم وبدأت السلطة مرتبطة بالثروة واستغلال النفوذ والمحسوبية وخلط المال العام بالمال الخاص تطفو على السطح دون حسيب ولا رقيب. وذاق درع الشعب بالفساد والمفسدين حتى باتت النكتة تصاحبنا: من أخذ الرشوة أو سرق المال العام فقد تحسن سلوكه، ومن كان شريفا فسلوكه اعوج ولا ينبغي له أن يتمادى في شرفه. المرض لم ينفع معه أي علاج، لا الاجتماعات ولا لاالرقيا – الصحف- ولا بأي دواء من الأدوية المعروفة فلم يبق إلا الكي ويعني الضرب على أيدي المفسدين واستئصال المرض من الأمة. الشعب له كل الثقة بملكه ولكن قد فقد الثقة بتلك الزبانية المعادية للتطور، فعلى الجميع أن يكون شجاعا لفضح هذا الفساد، إن الآن أكثر من قبل يجب أن نراهن على الملك وأن نقف بجانبه ضد الفساد والارتقاء ببلدنا إلى أسمى الدرجات. حان الوقت ليقول الشعب كلمته، آن الأوان لإقفال الماضي وبدء حاضر مع ملك شجاع يتطلع لمستقبل مشرق. لهذا نهيب بالشرفاء داخل الأحزاب أن يرمموا ما أفسد لأن بهم تكون التعددية الحقة وتسطر الديمقراطية. نهيب بشرفاء الوطن أن يدأبوا لوقف النزيف المبهم والتطلع بشجاعة إلى موقف الملك. نهيب بكل من له تفكير متحرر ويحب العيش بكرامة أن يقف بكل ما أوتي من قوة ويدافع على المكتسبات التي خص الملك بها الشعب. نهيب بكل شريف داخل النقابات أن يثور ضد استبداد من يبيعون ذممهم لرسم أهدافهم الخاصة على حساب الشغيلة. نهيب بالجمعيات التي تمثل أحد الركائز الداعمة أن تقوم لدحض الذل وتضع يدها بيد الشريحة المتوسطة من موظفي الأسلاك العمومية. نهيب أيضا بالسدة العالية بالله أن يكون سيفا على أعناق من يهدمون الطريق أمام قطار الديمقراطية الذي أنجز مسيره بلا كلل. نحن الشعب، والشعب لن يحيى إلا بملك شجاع. فقد ثار الملك ولم يبق إلا الشعب أن يثور ضد آكلي اللحوم البشرية ومصاصي دماء الشعب، وذلك بالتجاوب مع أمير المومنين، وتحمل المسؤولية والتشبث بالمكتسبات والمطالبة بمحاسبة الفساد عاجلا وليس آجلا، اليوم قبل الغد.