في الذكرى 17 لتأسيسها.. المندوبية العامة لإدارة السجون تشيد بمسار الإصلاح وتكرّم جهود موظفيها    القيدوم مصطفى العلوي يُكرَّم في منتدى الصحراء للصحافة بكلمة مؤثرة تلامس القلوب    البنك الدولي يتوقع انخفاض أسعار السلع الأولية إلى مستويات ما قبل كورونا    استعادة التيار الكهربائي تنهي ساعات من العزلة والصمت في البرتغال    الأوقاف تدعو المواطنين إلى توخي الحذر بخصوص بعض الإعلانات المتداولة بشأن تأشيرة الحج    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    "المغرب ينير الأندلس" ويتحول إلى فاعل طاقي وازن في الضفة الجنوبية    "النهج": الحوار الاجتماعي يقدم "الفتات" للأجراء مقابل مكاسب استراتيجية ل"الباطرونا"    خبر مفرح للمسافرين.. عودة الأمور إلى طبيعتها في مطارات المغرب بعد اضطرابات الأمس    ربط المغرب بآسيا.. اتفاقية استراتيجية بين المكتب الوطني للسياحة وطيران الإمارات    شراكة تجمع التعليم العالي و"هواوي"‬    "البيجيدي" يطالب بتوسيع "الانفراج الحقوقي" ويؤكد أن البناء الديمقراطي بالمغرب شهد تراجعات    دول الساحل تُشيد بمبادرة المغرب لتمكينها من الولوج إلى الأطلسي وتؤكد تسريع تفعيلها    كيف يمكن لشبكة كهرباء أن تنهار في خمس ثوان؟    كارني يحقق فوزا تاريخيا في الانتخابات الكندية ويعد بمواجهة تهديدات ترامب    أورنج تهدي مشتركيها يوما مجانيا من الإنترنت تعويضا عن الانقطاع    حريق مطعم يودي بحياة 22 في الصين    إسبانيا.. ظهور السفينة الحربية المغربية "أفانتي 1800" في مراحل متقدمة من البناء    المغرب يدين أكاذيب الجزائر بمجلس الأمن: هوس مرضي وتزييف الحقائق    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الوزيرة بنعلي: جودة مياه الشواطئ المغربية ترتفع إلى 93 في المائة    كاميرات ذكية ومسرح في المدارس المغربية لمواجهة العنف    "المستشارين" يحتضن شبكة الأمناء العامين لمنتدى الحوار جنوب جنوب    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    يضرب اليوم موعدا مع تنزانيا في النهائي القاري .. المنتخب النسوي للفوتسال يحقق تأهل مزدوجا إلى نهائي كأس إفريقيا وبطولة العالم    أخبار الساحة    مشروع مستشفى بالقصر الصغير في طي النسيان منذ أكثر من عقد يثير تساؤلات في البرلمان    موكوينا يخلط أوراق الوداد الرياضي    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: المؤرخ ابن خلدون … شاعرا    تنظيم ماراتون الدار البيضاء 2025 يسند إلى جمعية مدنية ذات خبرة    أزيد من 220 عاملًا بشركة "أتينتو Atento" بتطوان يواجهون الطرد الجماعي    نقابة الكونفدرالية بالمحمدية تطالب بعقد اجتماع عاجل مع السلطات الإقيليمية لإنقاذ عمال مجموعة "الكتبية"    خبير اقتصادي ل"رسالة 24″: القطار فائق السرعة القنيطرة مشروع استراتيجي يعزز رؤية 2035    البطولة.. أربعة فرق تحاول تجنب خوض مباراتي السد وفريقان يصارعان من أجل البقاء    أرسنال يستضيف باريس سان جرمان في أولى مواجهتي نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    مهرجان كان السينمائي.. لجنة تحكيم دولية برئاسة جولييت بينوش وعضوية ليلى سليماني    مؤسسة المقريزي تسدل الستار على الأسبوع الثقافي الرابع تحت شعار: "مواطنة تراث إبداع وتميّز"    شباب خنيفرة يسقط "الكوكب" ويحيي الصراع على الصعود    لقاء علمي بجامعة القاضي عياض بمراكش حول تاريخ النقود الموريتانية القديمة    عودة حمزة مون بيبي : فضيحة نصب تطيح بمؤثر شهير في بث مباشر وهمي    مراكش: تفاصيل توقيف أستاذ جامعي يشتغل سائق طاكسي أجرة بدون ترخيص    السايح مدرب المنتخب النسوي للفوتسال: "التأهل للنهائي إنجاز تاريخي ونعدكم بالتتويج بلقب الكان.. والفضل يعود لهشام الدكيك"    وهبي: تعديل القانون الجنائي سيشدد العقوبات على حيازة الأسلحة البيضاء    تمارة.. اعتقال أب وابنه متورطين في النصب والاحتيال بطريقة "السماوي    الصين: الحكومات المحلية تصدر سندات بحوالي 172 مليار دولار في الربع الأول    سانشيز يشيد بتعاون المغرب لإعادة الكهرباء    لماذا يستحق أخنوش ولاية ثانية على رأس الحكومة المغربية؟    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد حسنين هيكل: الإخوان خسروا معركة «وجود»


أكد أن ما جرى في مصر ليس انقلاباً عسكرياً
محمد حسنين هيكل: الإخوان خسروا معركة «وجود»
المصدر:
القاهرة دار الإعلام العربية
التاريخ: 05 يوليو 2013
قال الكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل إن جماعة الإخوان خاضت معركة «وجود» في مصر مؤخرًا، وخسرتها، وبدلاً من أن يجلس أنصارها الآن لمراجعة أنفسهم وتحديد الأسباب التي دفعت إلى إخفاقهم عقب عام واحد فقط من السلطة راحوا يتحدثون عن كون الحراك الحادث أخيرًا هو (انقلاب عسكري)، مؤكدًا أن الانقلاب هو أن يستحوذ الجيش على السلطة، وهذا لم يحدث في مصر، مشيرًا في السياق ذاته إلى أن جماعة الإخوان راهنت على الولايات المتحدة الأميركية ولكنها خسرت الرهان، خاصة أن الشباب المصري والأعداد الهائلة التي شاركت في تظاهرات 30 يونيه أبهرت العالم.
وأشار، خلال حواره مع الإعلامية لميس الحديدي على فضائية CBC إلى أنه شاهد حشود المصريين الذين خرجوا في 30 يونيو وما بعدها من شرفة مكتبه، مؤكدًا أن هذه الجحافل الشبابية وحركة الشباب شكلت موجة هائلة من البشر وكتلا استيقظت ووجدت أن شيئًا ما قد سُرق منها، وبالتالي ذهبت كي تسترده، قائلا: حقيقة إن حجم الحشد قد فاجأني جدًا، وسعدت به.. وحينما كنت أنظر إلى المشهد كان الجميع يحدثونني باستمرار من كافة الدول العربية والأجنبية، لا يستطيعون أن يُصدقوا ما حدث بالفعل، لدرجة أن أحد الشخصيات العربية قال لي: لقد عادت مصر التي نعرفها!.
الشباب كسر القيود
وتابع: الشباب المصري كسر كل القيود، وحقق مطلبًا عزيزًا، إذ خرجوا بقوة متخطين كافة الحدود، وكل الحسابات، وبالتالي قد نجح في أن يحاول استعادة وطنه، واستعادة روح هذه البلد، وخاصة أنه كان هناك فارقًا بين ما كانوا يتمنون وبين ما كانوا يرون على الواقع الفعلي.. كما أن العالم العربي كله يرى أن مصر تنسحب خارج التاريخ والجغرافيا، بعد أن كانت قائدة الفكر والفعل على الأقل خلال القرنين الماضيين.
واستطرد قائلا: «نجح الشباب في كسر كل القيود وكل الثوابت، فمن عقود طويلة السياسة المصرية انتهجت منهجا يعتمد على الولايات المتحدة الأميركية بصورة مباشرة، وظل الاعتماد طيلة السنوات الماضية على أميركا بسبب الوضع الاستراتيجي والمعونة العسكرية والاقتصادية، لكن الشباب تجاوزوا ذلك».
وتحدث هيكل بشكل موسع عن العلاقات المصرية الأميركية ومحدداتها طيلة الفترة الأخيرة، وكيف لعبت الولايات المتحدة الأميركية دورًا في تحديد وجهة المشهد المصري، وكيف أن شباب مصر أبهروا العالم وأبهروا الولايات المتحدة بموقفهم الرائع، قائلاً: «كنت أتحدث مع رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق المشير حسين طنطاوي ونتساءل أن السلطة تنزلق إلى من يسحقها، إذ تتجه إلى الإخوان بتوجيه من الولايات المتحدة، إذ تؤول إليهم السلطة بدون سند، إلا أن طنطاوي كان يقول لي: لا تتصور حجم الضغوط التي نواجهها، نحن ممسوكين من أمريكا بالمعونة!».
تنسيق مع الأميركيين
كشف هيكل عن محادثات مُستمرة جرت بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وبين الرئيس المصري السابق د.محمد مرسي، فضلاً عن محادثات جمعت بين وزيري الدفاع في كلا البلدين أيضًا، طيلة الفترة الأخيرة لإيجاد حلول للأزمة السياسية في مصر.. قائلا: «الأميركيون كانوا يعتقدون أن الإخوان هم أفضل من يخدم أهدافهم، وكان في تصورهم أن التيار الديني هو المحرك الرئيسي للشعب المصري، وأن اللجوء إليه باستمرار هو الحل النهائي، كما كانوا يتصورون كذلك أن فكرة الإسلام-السياسي هي أكثر فكرة تستطيع مقاومة "الوطنية"، من منطلق أن القوة لابد أن يكون لها وعاء».
إسلام مقابل إسلام
وأشار هيكل إلى أنه منذ أحداث سبتمبر 2001 تولد لدى الإدارة الأميركية فكرة في مقاومة إسلام بإسلام، فبدأوا يضربون دولا إسلامية، في وقتٍ بدأوا فيه كذلك في رفع الفيتو أو القيود عن مشاركة الإسلاميين في الشرق الأوسط بالمشهد السياسي، وبالتالي دعمت أميركا إخوان مصر للوصول إلى السلطة، ويعتقدون أن ذلك جاء بطريقة ديمقراطية سليمة عبر صندوق الانتخابات.. قائلاً: «تحدثت مع المشير طنطاوي بشأن وصول الإخوان للحكم عبر الانتخابات، فقال لي: وماذا أفعل؟ هناك ملايين صوتوا لهم في الانتخابات».
وكشف الصحافي الكبير عن كون أحد الزعماء الأتراك قد أوضح له أنه ضمن محادثات «رفع الفيتو الأميركي عن مشاركة الإسلاميين بالسلطة في الشرق الأوسط تلقت الإدارة الأميركية إشارات من الإخوان أكدوا خلالها أنهم سوف يكونون أكثر «مباركية» من مبارك نفسه، ما يعني أنهم سوف يخدمون المصالح الأميركية».
وقال هيكل: إنه أمام هذه الوضع من الدعم الأميركي للإخوان، وأمام موقف راهن يؤكد أن كل مسؤول أو صانع قرار في مصر يأخذ في اعتباره الأميركيين وجملة من التحديات أبرزها المساعدات والمعونة، وأمام هذا الوضع الذي يأتي أي إطار في خارجه شبه مستحيل، جاء تحرك الشباب المصري في 30 يونيو، وجاءت حشود بطريقة غير مسبوقة في السياسة الإنسانية المعاصرة، رغم أننا شاهدنا حشودًا كبيرة في فرنسا وانجلترا، تفوقت عليها حشود الشباب المصري مؤخرًا.. قائلاً: «حتى الإخوان والعالم الخارجي وحتى الولايات المتحدة والأتراك الذين كانوا يعتقدون أن القاعدة التصويتية للإخوان تتمركز في الريف والصعيد، انكسر ذلك الاعتقاد بالحشود الهائلة التي خرجت».
الطبقة الوسطى
واستطرد قائلا: «إن ثورة 25 يناير لم تهب في يوم واحد فقط.. الثورة هي طلب للتغيير وإصرار عليه حتى يتحقق، وبالتالي خرج الناس بالدرجة الأولى من الطبقة المتوسطة وتفرعاتها، وهم وعاء التقاليد والوعاء الأصيل في حياة الأمة المصرية ونجحت الثورة، ثم بعد ذلك حدث أن الناس خرجت مجددًا؛ لأن هناك شيئا حدث بعيدًا عن توقعاتهم، إذ سُرقت ثورتهم، إذ كانت مصر طيلة العام الماضي تتصرف داخل «قفص كبير» وفي حدود معينة وفق محددات اللعبة السياسية التي يعرفها الجميع، لكن الشباب بما فعلوه دفعوا جميع الأطراف إلى أبعد مما يتصورون، وتجاوزوا كل الحدود، فتصرفوا بالداخل المحسوس والمترسب والكامل والمخزون لديهم فكسروا قضبان القفص في ظل القيود الأميركية».
الخروج الكبير
وأوضح هيكل أن هذا الخروج الكبير للشباب وللشارع المصري في 30 يونيو على هذا النحو لم تستطع كل الأطراف أن تعرف كيف تتعامل معه، كما أن الشرطة حددت موقفها من البداية، والجيش كذلك لا يمكن أن يأخذ موقفا آخر بعيدًا عن موقف الشعب، وبالتالي حدث تجاوز لكل القيود بصرف النظر عن أي شيء، وهذا الخروج وضع الساحة أمام قوة لن يستطع أحد أن يحتويها أو يواجهها أو يصدها ويقف في وجهها، فكانت حشود الشباب على الأرض أشبه ب«طوفان» من يواجهه يسقط.
وعن شكل المشهد المصري في ذلك الحين من خلال رؤية الرئيس مرسي نفسه، قال هيكل: «مُرسي كان يعتقد أن هذه الحشود لا تتجاوز ال 130 ألف متظاهر، وذلك في علم النفس اسمه رغبة للرفض أو الإنكار، وقد جلس وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي مع مرسي وأبلغه الصورة كاملة، إلا أن مرسي أصر أن هؤلاء لا يتجاوز عددهم العدد المذكور، فتم تصوير المشهد عبر الطائرة لتوضيح حجم الصورة وحجم الحشود، وتم توزيع تلك الصور على الجميع؛ ليدركوا حقيقة المشهد المصري، لكن جزءًا من الإخوان أو قياداتهم تصوروا أن المشاركين في التظاهرات (فلول وثورة مدفوعة)، ولم يستطيعوا أن يواجهوا الحقيقة، ومن ثم جاءت خطوة تصوير التظاهرات في محاولة لإثبات ما هو حادث بالفعل».
موقف أميركي
وانتقل هيكل للحديث عن موقف الإدارة الأميركية وفق هذا المشهد، فأكد أن أميركا «في حيرة شديدة» ووجدت نفسها في مواجهة غير متوقعة، قائلاً: «الإدارة الأميركية أدركت أنها أمام موقف صنعه الشباب وصنعته قوى الناس كلها.. وأتصور أن حديث أوباما وتصريحاته تعكس حيرته أمام الموقف المصري، وبالتالي هو يتخذ كل الإجراءات وكل التصريحات التي تلئم كافة الاحتمالات!.. ويعطي لنفسه وقتا كي يقيس المحيط الكائن حوله.
وبسؤاله بشأن المعونة الأميركية وتهديدات أميركا بقطعها، قال: «أمر طبيعي أن يتم مراجعة المعونة عقب ما حدث في مصر.. الحركة التي أسقطت القيد أضاعت بعضا من أوراق الضغط الأميركي، وأميركا تلوح بكارت المعونة لكنها لن تستخدمها».
وعاود هيكل حديثه عن أجواء ثورة الشباب التي وصفها ب«الطوفان»، مؤكدًا أن الشباب أحسوا أن أنهم سرقوا ثم خدعوا مليون مرة، بالتالي خرجوا بإصرار غير مسبوق.. وكان في تقدير الرئيس مرسي والحكومة أن ذلك التحرك يشبه موجات أخرى سبقته وسوف ينتهي بعد يومين أو ثلاثة..
وكان هناك من حذر مرسي من «تسونامي قوي ضده»، لكن هذه الفكرة لم تكن في خيال أحد بالسلطة.. ثم سار التاريخ في مجراه رغم كل عقبات السياسة ومحاذيرها، وأضحت السلطة عاجزة أمام هذا المشهد البديع الذي شكله الشباب. وناقش هيكل دور السفيرة الأميركية بالقاهرة آن باترسون، رافضًا وصف دورها على أنه «فشل»، إذ اكد أنها تتلقى التعليمات من دولتها، وقد حاولت أن تكون موجودة، لكنها لم تكن تنفذ سياسة شخصية فهي تنفذ سياسة أميركية، وقد يكون هناك هامش في الحركة، لكن في سياق التعبير عن السياسة العامة.
استطرد قائلاً: «المشهد كان مُحددًا في 3 عوامل خطيرة، أولها أن هناك تخوفا من حدوث أعمال عنف، وثانيها أن هناك رغبات متضاربة في الإقليم كله، وثالثها الموقف الأميركي، رغم أن أميركا لم تعد هي البلد القائد للنظام الدولي، لكنها لا تزال قوة على الأقل منظمة بشكل أو آخر مع روسيا والصين، كما أنها موجودة في المنطقة بالكامل وقواعدها موجودة، لكن الاندفاع الشعبي تجاوز ذلك كله وتخطى كل تلك الحدود».
خلاف بين مرسي والسيسي
استطرد: «حدث اختلاف منذ ذلك الحين بين الرئيس والسيسي، كما أن هناك العديد من الشواهد الخطيرة التي عززت ذلك الخلاف، أبرزها مثلاً من ضمن المصائب التي قام بها الإخوان، وهو محاول تأمين دخول 3000 جهادي من أفغانستان، جاءوا من سيناء وقد شارك في إرسالهم قوى كبرى في الإقليم، وكانت القوات المسلحة تواجه ذلك».
ونوّه الأستاذ بأن الجيش كان يريد أن يعطي شرعية لتدخله، وأن يكون لديه غطاء سياسي من خلال توافق وطني، وقد اقترح دعوة للمصالحة والحوار، لكن الرئيس مرسي اعترض.. ثم توالت الخلافات بين الطرفين.
حديث عن الأنا
وألمح هيكل إلى أن مرسي دائم الحديث عن نفسه واستخدام كلمة (أنا) وهو ما كان له ترجمته على قرارات الرئاسة، قائلاً: «هذه مصيبة كبرى واجهناها طيلة الفترة الأخيرة، إذ إننا واجهنا أناساً خرجوا من المنافي وجاءوا إلى القصور للحكم دون أن يكون لديهم التأهيل الكافي لكيفية ممارسة السياسة.. السياسية تحتاج إلى مليون رادع داخلي من السياسي ومليون هاجس، كما أن السلطة لا تعطي الحق في اتخاذ ما يشاء الرئيس من قرارات.. مستطردًا: السيسي كان يقدر أن الرئيس واقع تحت ضغوط كبيرة!».. ووصف أسلوب مرسي في الحديث في خطاباته على كونه (يتحدث بطريقة مصاطب الريف) وهذا لا يجوز في السياسة، وبالتالي كان جزء كبير في الدولة متأثر بأوهام مرسي وبالضغوط الواقعة عليه من جامعته، ومتأثر برفض مرسي الإيمان بأن هناك عدم قبول له.
وتابع: «طيلة هذه الفترة لم يدرك الرئيس أن (الشرعية مهددة)، وهو يرى أن الشرعية هي السلطة، ويتصرف تحت ضغوط تشبه الضغوط الريفية، فالعمدة يضغط على شيخ الغفر!.. ومن هنا بدأت الأزمة تتصاعد، في ظل تولد إحساس لدى القوات المسلحة أن الرئيس وضعها في موقف خطأ، وخاصة منذ الخطاب الذي أجراه بعد مرور عام كامل على رئاسته.. فقال السيسي لمرسي إن الموقف في الشارع خارج نطاق السيطرة، لكن مرسي لم يقنع بذلك، وقال نفس ما قاله مبارك متجاهلا أعداد المتظاهرين مؤكدًا أنهم مجرد 130 ألفا فقط».
وأضاف أن كل تلك الأجواء دفعت السيسي لإذاعة بيانه الأول الذي أعطى فيه مهلة أسبوعًا للجميع لتحقيق توافق وطني، وخاصة أن القوات المسلحة أضحت في موقف صعب، فهي أمام شرعية لا تستطيع أن تحميها وأمن لا تستطيع أن تقوم به، ومسؤولة عن أرواح ناس تخشى عليها.. وبعد البيان الثاني (بيان مهلة ال 48 ساعة) غضب مرسي غضبًا شديدًا. إقالة السيسي
كشف هيكل أن بعض الأصوات داخل مكتب الإرشاد طالبت بإقالة السيسي وكل القيادات العسكرية الموجودة، ولا سند لهم في ذلك إلا من خلال إيمانهم الكامل بأن أميركا تدعمهم، لكن لم تحدث الإقالة؛ لأن مرسي أدرك أنه لو أقال السيسي سوف يُقال هو!، لأن بعض من أنصار جماعة الإخوان ممن لديهم بعض العقل أدركوا أن القوات جميعها مُستنفرة وهناك حالة اضطراب.
وتابع: بعد خطاب ال 48 ساعة غضب مرسي ، واجتمع مع السيسي مرتين، بلغ الخلاف حدته في المرة الثانية، إذ أكد مرسي على كونه سوف يقوم ببعض الإصلاحات مثل تغيير الحكومة وإقالة النائب العام، وعدم مناقشة قانون السلطة القضائية الآن إلا من خلال حدوث اتفاق حولها مع الأطراف ذات الصلة، إلا أن السيسي أكد له أن الوضع في الشارع قد تجاوز كل ذلك، فطرح السيسي فكرة إجراء استفتاء على إجراء انتخابات رئاسية،، لكنه رفض، فهو يعلم يقينا أنه لو طرح اسمه للاستفتاء لا يمكن ينجح أبدًا. مستندات المخابرات وسقوط مشروع الإخوان
كشف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن جماعة الإخوان تعمدت خلال أول 5 أسابيع من وجود مرسي في الحكم أن يجمعوا مستندات من كافة الجهات تساعدهم في مواجهة كل من يواجههم، ونجحوا في ذلك باستثناء مستندات جهاز المخابرات.. وبالتالي راح مرسي يُهدد قاضيا في خطابه ويصفه ب«المزور» وأن لديه مستندات لذلك، وهو ما استنكره وزير العدل في لقائه مع مرسي قائلا إن تلك التصريحات لن ولم ترض القضاة، وسوف تزيد من الأزمة السياسية الحالية.
أوضح هيكل أن كل مستشاري الرئيس مرسي بذلوا كل ما في جهدهم دون أن يشعروا لأن يسقطوا شرعيته وسلطته، لأن كل القرارات التي اتخذها بلا استثناء (خاطئة)، مشيرًا إلى أن ما تشهده تركيا من احتجاجات وسقوط المشروع الإخواني في مصر كل ذلك ينذر بسقوط المشروع الإسلامي الإخواني بوجهٍ عام، وليس سقوط المشروع الإسلامي كله، لأن هناك مشروع إسلامي وسطي معتدل هو مشروع الإمام محمد عبده.. قائلاً: الإخوان في القاهرة خاضوا معركة ليس فقط للدفاع عن شرعية مرسي والإخوان ولا التنظيم الدولي، لكن عن وجود فكرة معينة.
وبرر الأستاذ ضعف حشد الإسلاميين قبيل 30 يونيو قائلاً: هناك نوعان من الحشد، النوع الأول هو حشد "طبيعي" أي أناس خرجوا من تلقاء أنفسهم، وحشد تنظيمي، وقد افتقد الإخوان الحشد الطبيعي ولم يعرفوا سوى الحشد التنظيمي، وبالتالي كان ذلك المشهد.
وعن اعتقال بعض رموز الإخوان مؤخرًا أو توقيفهم والتحقيق معهم، قال: أتمنى ألا يتم اللجوء إلى (الحل السلطوي)، ويجب أن تؤخذ هذه المسألة بعناية.. لأننا أمام تنظيم له جذور متعمقة منذ سنوات، ولا يجب إقصاؤه أو إبعاده.. مشيرًا إلى أن وصف الإخوان لما حدث على أنه "انقلاب" يأتي في إطار الإنكار العام، بدلا من أن يقوموا بمراجعات لسياستهم وتحديد الأسباب التي دفعتهم إلى هذا الفشل.
وفي النهاية، أكد هيكل أن مصر تواجه تحديًا من نوع خاص الآن، إذ يتوجب الآن أن تدرك كافة الأطراف مسؤوليتها الوطنية، وأن يتم الإسراع في إيجاد غطاء دستوري من خلال «إعلان دستوري» من 10 إلى 12 مادة فقط، ثم تشكيل حكومة قوية جدًا، تترأسها شخصية شبابية اقتصادية قوية، ثم الشروع في تعديل الدستور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.