نظم المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية جهة فاس بولمان ، يوم الجمعة 28 دجنبر2012 ابتداء من الرابعة مساء ، ندوة وطنية بقاعة الندوات للوكالة الحضرية لإنقاذ فاس في موضوع : ” الإعلام السمعي بعد التحرير: الواقع والآفاق” ، حضرها ثلة من المثقفين بالمدينة وبعض الأساتذة الجامعيين بها ، ووجوه من المنتخبين وأخرى إعلامية من فاس وخارجها. افتتح الندوة الأستاذ إدريس العادل بصفته مسيرا لها وعضوا في المكتب المحلي و وجها إعلاميا بارزا في الصحافة المكتوبة وأيضا إذاعيا سابقا في إذاعة فاس الجهوية ، مرحبا بالحضورمع تسليط الضوء على بعض المحطات التي قطعها الإعلام المغربي قبل أن يصبح الخصوصي منه شريكا لنظيره العمومي . أعطى الكلمة بعد ذلك للأستاذ محمد بوهلال الصحفي بجريدة ” الاتحاد الاشتراكي” ومدير جريدة “صدى فاس” والكاتب الجهوي للنقابة الوطنية بجهة فاس بولمان الذي انطلق في كلمته من مفهوم الإعلام بوصفه وسيلة للبناء والهدم في نفس الآن ، مشددا على أن الأحزاب الديمقراطية واليسارية على الخصوص استطاعت أن تستقطب الكثير من المثقفين والمفكرين ، وشكلت بذلك لوبيا ساهم في تغيير فلسفة حرية الصحافة والدفع بها إلى الاتجاه الصحيح ، مع الضغط على الحكومات المتعاقبة من أجل تحرير الإعلام وتخليصه جزئيا من قبضة الدولة ، إذ كانت الإذاعة الوطنية والإذاعات الجهوية تابعة لقبضة وزارة الداخلية ، يراقباها عامل تابع لها. مشيرا إلى أن الإعلام المسموع يصاحب أغلب الفئات الشعبية 24 ساعة في اليوم ، ويدخل البيوت من دون استئذان وهو أكثر تأثيرا بالمقارنة مع الإعلام المكتوب المكلف مقارنة مع نظيره المسموع ، حتى وإن كانت الكلمة سلاحهما المشترك. الأستاذ محمد الملوكي عن مجلس المدينة تطرق في مداخلته إلى التطورات الذي شهدتها مدينة فاس ، ومن ضمنها تحريرالإعلام السمعي ، إذ أن الوصول إلى المعلومة وسماعها في مغرب اليوم أصبح حقا دستوريا ولم يعد ترفا ، إلا أن هذا التحرير ، من وجهة نظره ، يبقى مشروطا باحترام القيم المجتمعية والثوابت الوطنية ، بعيدا عن الفوضى والانزلاقات التي يمكن أن تحدث أحيانا. أما الأستاذ علي خلا عضو هئية تحريرالأخبار بالإذاعة الوطنية المغربية بالرباط وعضو النقابة الوطنية للصحافة المغربية فأكد على أن تحريرالإعلام السمعي شمل الإذاعات بدءا من 17 ماي 2006، لكنه لم يشمل التلفزات (وإن بقيت قناة – ميدي1 تي في- في منزلة بين المنزلتين) رغم تحررها النسبي من قبضة التوجه المخزني ، ففي فرنسا ( يضيف الأستاذ علي خلا) كان الإعلام العمومي قاطرة للإعلام الخصوصي ، لكن في المغرب يبقى الأمر متروكا للدراسة والمتابعة. وإذا كان ” المال هو عصا الحرب ” فتحرير الإعلام رهين بحجم الاستثمار وعلاقته بسوق الشغل (الاقتصاد). ويبقى المؤطر القانوني هو الحكم والحاكم ، وإن اقتنع الجميع بمراجعة القوانين الخاصة بكل ما يتعلق بالإعلام السمعي (أخلاقيات المهنة – جدلية الحرية والمسؤولية في الصحافة)، ويضيف متسائلا : هل يصبح تحرير الإعلام السمعي هم وطني كما حصل في فرنسا مثلا ؟. الإذاعات الوطنية كما يعلم الجميع ممولة من طرف الدولة بشكل كامل ، و الإذاعات الخصوصية تتدبر أمرها من الإشهار، وأحيانا يتم ذلك على حساب الذوق العام. فالدولة هنا تتعامل مع الإذاعات العمومية كمرفق عام يصب في خدمة المواطن مثل المستشفى والمدرسة ، فهل تؤدي هذه الإذاعات دورها كما ينبغي لها أن يكون؟. وهل تكون المنافسة ، والحالة هذه ، متكافئة بين القطاع السمعي العام والخاص ؟ وهل تتحقق الجودة مع تحرير هذا القطاع الحيوي ؟ وما مدى ضمان تعددية الاتجاهات الفكرية والانفتاح على مختلف التيارات الفكرية وتحقيق التوازنات في هكذا حالة ؟ وما مدى استقلالية هذه الفضاءات المتحررة من مراقبة الدولة ؟. كلها أسئلة تحتاج إلى أجوبة دقيقة ومقنعة ، في ظل واقع إعلامي مهلهل ، يحتاج إلى المزيد من التأطير والتصحيح. الملاحظ كذلك – كما يرى الإعلامي علي خلا – أن أغلب هذه الإذاعات التي استفادت من تحريرالإعلام المسموع تستعمل لغة دارجة وهجينة في برامجها التنشيطية ، وفي تقديمها للأخبارعلى حساب اللغة العربية الفصحى ، الشيء الذي يسيء إلى الهوية المغربية . كما أن الجرأة الصحفية الزائدة التي تستعملها بعض الإذاعات تسقطها في انزلاقات أخلاقية خطيرة أحيانا وتتجاوز بذلك ما هو مسموح به أخلاقيا ومهنيا ، فتسيء إلى الذوق العام وإلى المضمون المقدم للمستمع وإلى الجودة في نفس الوقت. لكن من الإيجابيات التي يشهد لها ، هو أن المشهد الإعلامي المسموع في المغرب عموما عرف تطورا ملحوظا بسبب هذا التحرر والانفتاح ، بالرغم من كل الإكراهات التي تواجهه : كغياب صحفيين مكونين تكوينا جيدا – الهوة السحيقة بين الأجيال بفعل المغادرة الطوعية أو التقاعد الذي عرفه القطاع – التجهيزات وكيفية تدبيرها وغيرها من الإكراهات ، فصعب بالتالي على الأجيال الجديدة مواكبة الركب على مستوى المضمون والكفاءات المهنية. الأستاذ نجيب فني الإعلامي بإذاعة فاس الجهوية والعضو في المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية تطرق إلى العوائق التي تعترض إعلاميي إذاعة فاس ، وتحملهم كل المشاق من أجل أداء هذه المهمة النبيلة والمتعبة في نفس الوقت على أحسن وجه. فيما تناول جواد الرامي مدير برامج إذاعة – إف إم سايس – الخصوصية الأسباب التي جعلت هذه المحطة تعرف نجاحا وتخلق حميمية بينها وبين مستمعيها ، مؤكدا على أن كل الإعلاميين العاملين بها تشملهم التغطية الصحية وفق ما يقتضيه القانون ودفتر التحملات ، حرصا على دعم الإعلامي في أداء مهمته النبيلة على أحسن وجه ، تلتها مداخلة الإعلامية إلهام خليف عن محطة ” راديو بلوس الخاصة”. بشرى بهيجي الملحقة الصحفية بوكالة إنقاذ فاس تطرقت إلى الإعلام السمعي من منظورها الخاص كأستاذة باحثة في مجال الإعلام ومدرسة له بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس. ثم فتح بعد ذلك باب المناقشة والأسئلة ، تلته تنويرات شافية وضافية من قبل المحاضرين