أمام مسلسل العنف والتردي الأمني بمؤسسات التعليم العالي الجهوية وعلى ضوء الأحداث المؤسفة التي عرفتها بعض المؤسسات الجامعية التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، والمتمثلة في الاعتداءات المتكررة على الأطر التربوية والإدارية من تعنيف لفظي وإكراه على توقيف العمل عبر إغلاق المكاتب بالسلاسل، شجبت رئاسة الجامعة ظاهرة العنف والترهيب التي تجتاح الحرم الجامعي ومختلف مرافقه، حيث عبر عن تضامنه مع الأساتذة الباحثين الجامعيين والإداريين الذين تظاهروا في وقفة احتجاجية أمام مقر الرئاسة صباح يوم الأربعاء الماضي، احتجاجا على استفحال ظاهرة التي طالت زملائهم، محملين الجهات المعنية مسؤولية ما ترتب وما يترتب وما يمكن أن يترتب عن ذلك من تداعيات وانعكاسات سلبية على سير وأداء المنظومة البيداغوجية والعلمية بالجامعة الفاسية. وقد تظاهرت ثلاثة نقابات تعليمية تتقدمهم النقابة الوطنية للتعليم التابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل، بعدما أضرب الأساتذة والإداريون عن العمل بسبب تردي الوضع الأمني بالجامعة وارتفعت نسبة الاعتداءات بالجامعة، راغبين في إسماع صوتهم ونقل إحساسهم بفشل المقاربة الأمنية داخل الحرم الجامعي، مرددين شعارات تدين العنف والترهيب الذي يلاحقهم ويلاحق زملائهم داخل المدرجات والأقسام والمختبرات وباقي المرافق الجامعية، أمام لامبالاة المسؤولين عن الشأن الجامعي. وتأسيسا على ما سبق طالب المحتجون خلال الوقفة المسؤولين وعلى رأسهم وزير التعليم العالي بتحمل المسؤولية كاملة بخصوص الوضع الذي تعيشه المؤسسات الجامعية التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بما فيها المتواجدة بكل من تازة وتاونات، جراء التنامي المطرد والتفشي المتسارع لظاهرة العنف، التي اتخذت أنماطا شاذة وصورا غريبة عن الحرم الجامعي، كما وصفها النقابيون في مختلف البلاغات والبيانات التي وزعوها خلال الوقفة والتي أدانوا من خلالها حجم الاعتداءات وطبيعة المضايقات ونوعية التهديدات التي أفرزتها الممارسات العنفية الأخيرة بكليات العلوم والآداب ظهرالمهراز وسايس والتي تجاوزت كل الحدود والتقاليد والأعراف والقيم الجامعية، معبرين عن تضامنهم المطلق مع جميع ضحايا هذه المسلكية العنفية، أيا كانت مبرراتها ومصادرها، وأيا كانت مواقع الضحايا وصفاتهم. وفي اجتماع طارئ، على هامش الوقفة، تدارس ممثلو النقابات المضربة مع رئاسة الجامعة الوضعية الراهنة التي تعيشها الجامعة، لاتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات مستعجلة لحل جميع القضايا العالقة، المرتبطة بمواجهة هذه الظاهرة ومكافحتها بجميع الوسائل الحضارية المشروعة، ضمانا لأمن وسلامة جميع المكونات الجامعية، وحرصا على توفير الشروط الضرورية لآليات اشتغال المنظومة الجامعية الجهوية. وأكد الجامعيون أن الحوار هو الآلية الحضارية المثلى بين جميع الفاعلين لإدارة الخلاف وتدبير الاختلاف داخل الحرم الجامعي، الذي يعتبر فضاء مفتوحا للحرية والفكر والإبداع، ومجالا لإنتاج المعرفة، وصناعة النخب المؤهلة علميا وفكريا ونفسيا وسلوكيا لمواجهة متطلبات التنمية، والمؤطرة علميا للإسهام في قيادة التغيير داخل المجتمع. وشدد البعض منهم على ضرورة التصدي بكل الوسائل المشروعة لجميع التجاوزات والاعتداءات والمضايقات والمحاولات اليائسة والتصرفات الطائشة، التي يراد منها النيل من كرامة الأساتذة الباحثين والإداريين، واستهداف حرمة المؤسسات الجامعية، معلنين استعدادهم الكامل للانخراط في جميع المبادرات والمقترحات لمواجهة هذه الظاهرة ومكافحتها بجميع الوسائل الحضارية، ضمانا لأمن وسلامة جميع المكونات الجامعية، وحرصا على توفير الشروط الصحية الضرورية لآليات اشتغال المنظومة الجامعية الجهوية والوطنية.