عبد الرحيم الرماح : ضرورة وضع برنامج لهيكلة القطاع الغير المهيكل ادريس خروز : هناك غموض في النصوص التنظيمية التي تنظم المعاملات نجيب أقصبي : ضرورة محاربة اقتصاد الريع والامتيازات أكد عبد الرحيم الرماح، الكاتب الاتحاد المحلي للفيدرالية الديمقراطية للشغل، خلال الندة الاقتصادية التي نظمها الفيدراليون بفاس، صباح يوم الأحد 8 أكتوبر 2012، برحاب قصر المؤتمرات، في موضوع ” صندوق المقاصة، التحديات والرهانات”، أنه في سياق إيماننا بدور النقابة كقوة اقتراحية وللإطلاع بدورنا على الوجه المطلوب ، لابد للمسئولين ولجميع المنخرطين في النقابة أن يتسلحوا بالمعرفة بكل القضايا المتعلقة بالمجالات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية لكي يتأتى لهم المساهمة بالرأي والإدلاء بالاقتراحات المطلوبة . في هذا إطار نواصل اليوم تنفيذ برنامج الاتحاد المحلي في المجال التكويني والإشعاعي متممين ما أنجزناه في المراحل السابقة من لقاءات فكرية تناولت عدة قضايا ذات أهمية وراهنية ، منها العدالة الضريبية ، دعم الاستثمار ، الحماية الاجتماعية وغيرها … وارتأينا أن نلتقي اليوم حول موضوع صندوق المقاصة التحديات والرهانات ، وهو موضوع يعرف نقاشا واسعا في الساحة الوطنية منذ سنوات غير انه لحد ألان لم ننتقل من النقاش النظري إلى التطبيق الفعلي لعدة أسباب سنتناولها بالتحليل في هذه الندوة مع الأساتذة الأجلاء علما بأن الكل يجمع على ضرورة إصلاح صندوق المقاصة . وحول سبل الإصلاح هناك من يرى باعتماد طريقة توزيع الدعم المباشر مع تحديد المستهدفين من الفقراء وذوي الدخل المحدود وهناك من يرى بأن يستمر العمل بما هو معمول حاليا مع إدخال التعديلات الضرورية واللازمة عليه بدعوى علاقة الاقتصادي بالاجتماعي. فالموضوع دقيق ويتطلب الكثير من التحري قبل اتخاد أي إجراء. وقصد تقوية التماسك الاجتماعي يمكن المساهمة بعدة اقتراحات منها : 1. 1. إحداث ضريبة على الثروة وهو الاقتراح الذي تقدم به الفريق الفدرالي للوحدة والديمقراطية بمجلس المستشارين أثناء مناقشة القانون المالي لسنة 2012 غير انه مع الأسف رفضت الحكومة هذا الاقتراح. 2. 2. اتخاذ إجراءات عملية تحد من اقتصاد الريع وكيفية الاستفادة من الثروات الوطنية لما يخدم الدولة والمجتمع. 3. 3. تحقيق العدالة الضريبة ومحاربة التملص الضريبي وفرض الضريبة على الفلاحين الكبار والإبقاء على إعفاء الفلاحين الصغار . 4. 4. وضع برنامج لهيكلة القطاع الغير المهيكل لما له من انعكاسات سلبية على المجالات الاقتصادية والاجتماعية. 5. 5. وضع برنامج للتشغيل ومحاربة البطالة ودعم الإستثمار 6. 6. تعميم التغطية الصحية والاجتماعية على جميع المأجورين والقضاء على كل أشكال التحايل التي تحول دون ذلك مع توفير التغطية الصحية والاجتماعية للحرفيين والطلبة والتجار الصغار والفلاحين الصغار مع سن أنظمة خاصة بكل فئة على حده. وخلص الأخ عبد الرحيم إلى أن موضوع صندوق المقاصة يتطلب منا ان نفكر في كل الأساليب التي تقوي التماسك الاجتماعي وهو ما يستوجب اتخاذ تدابير واضحة وفق منظور شمولي يربط بين ما هو اجتماعي بما هو اقتصادي . الدكتور ادريس خروز، بدوره أكد أن موضوع الذي يناقش حاليا يعد من المواضيع الخطيرة، مشيرا، إلى فترة إنشاء صندوق المقاصة التي ترجع إلى سنة 1941 وذلك لحماية مصالح المستعمر، وتمت هيكلته قانونيا في الأزمة العالمية للنفط سنة 1977، كما استعرض الدكتور المحاضر، النضالات التي عرفها المغرب نتيجة ارتفاع الأسعار مرورا بالأحداث العاصفة التي عرفتها فاس سنة 1994، ثم اعتبر أن مشكل صندوق المقاصة مشكلا وطنيا وليس سياسيا، ووضعيته الحالية نتجت عن التراكمات الماضية وانعدام شجاعة الحكومات، ذلك ان قيمة الدعم كانت سنة 2002 تقدر ب 4 مليار د. إلا أنها ارتفعت بشكل صاروخي لتصل إلى 60 مليار د. لعدة عوامل منها ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية في السوق العالمية، بالإضافة إلى احتكار مجموعة من المواد المدعمة من طرف بعض الشركات، إلى المضاربات والأزمة الاقتصادية، التي تعيشها الدولة الرأسمالية وكذا المضاربة في الأسعار، بالإضافة إلى الجفاف الذي عرفته بعض الدول المنتجة للقمح، مما جعله يرتفع بشكل ملموس، مشيرا الأخ خروز، أن هناك غموض في النصوص التنظيمية التي تنظم المعاملات، جعل المغرب يعتبر المشاكل نتيجة التوازنات وبالتالي أصبحت الدولة سجينة القرارات، نظرا لعدم تمركز القرار السياسي، زيادة على اقتصاد الريع الذي يجعل بعض الشركات تستفيد بالملايير، مما توفره من دعم في السكر، وصناعة الحلويات والمشروبات وغيرها…، ضاربا مثلا، عن مجموعة من المقاولات “المحتكرة”، التي هيمنت على سوق السكر، والحليب، والزيت إلى آخره… وإلى جانبها توجد مقاولات تحتكر المحروقات دون رقيب، ثم أشار أيضا، إلى التخوف من القرار السياسي لأن الحكومات المتعاقبة تجعل الانتخابات أمام عينها باستمرار، نفس المشكل يتعلق بالتعليم والصحة وغيرهما، لأنه لا توجد مخططات ولا استراتيجيات للخروج من الأزمة لذا فالقرار السياسي أصبح خاضعا للتفاوض قبل خوض الانتخابات، ومما يؤسف له يضيف الدكتور خروز، أن 13 في المائة من المغاربة لا يستطيعون شراء المواد الضرورية لأن قيمة الدرهم لم تعد توازي الغلاء المطرد، الذي عرفه التعليم والنقل والتطبيب والدواء، ف15 في المائة من المواطنين لا يتعدى دخلهم اليومي دولار واحد. وانتقل في نهاية مداخلته منتقدا قرار دعم الدقيق الذي اتخذته الحكومة، مؤكدا أنه كان عليها مراقبة السوق العالمية لأن المغرب تعوَد أن يستورد القمح وجل المدن ومن بينها فاس كانت تتوفر على مخازن، أما الآن فالحكومة أصبحت مثل البقال تشتري ماهي في حاجة إليه ولا تفكر في الادخار، ثم انطلق بعد ذلك للحديث عن الحلول الممكنة للخروج من شرنقة ما يعرفه صندوق المقاصة من مشاكل، مشيرا إلى تقرير مجلس المنافسة لشهر يونيو2012، كما تحدث عن بعض التجارب الناجحة في بعض الدول كأندونسيا والبرازيل، معتبرا أن ماقامت به دولة البرازيل أقرب إلى المغرب كثيرا، ذلك أن قراراتها تدعم التمدرس والصحة والتعليم ومحاربة النمو الديموغرافي بمعنى أن الضريبة تمول 25 في المائة من الفقراء. الخبير الاقتصادي، نجيب أقصبي، تحدث عن خطورة الموضوع باعتباره يتضمن جانبا تقنيا يستغله المسؤولون، لكن ماهو أساسي في رأيه هو ان نظام دعم المقاصة في إطار العلاقة الأجرية التي تخدم الشركات، لذا فإن البدل يقول يجب أن يكون جذريا، ذلك أن النظام الرأسمالي يتعامل مع أرباب العمل والمأجورين بشكل غير منطقي، فالعلاقة عضوية بين الأجرة وكلفة المواد الغذائية، بمعنى عندما يربح الأجير 2400 د. كراتب شهري، فإنه يدفع منها 90 في المائة في الأكل، وإذا ما ارتفعت المواد الغذائية فالأجير يطالب بالزيادة، علما ان الاقتصاد المغربي يراهن على التصدير كقاطرة للتنمية لذا يجب أن تكون التنافسية، وإذا قمنا بهذا العمل يجب الضغط على المواد الأساسية، فعندما ارتفعت الدولة المواد وخاصة سنة 1973-1977، تدخلت الدولة في الضرائب وجعلتها تقر أجورا منخفضة وتدعم أرباب العمل، فقضية صندوق المقاصة يقول الأستاذ المحاضر، ليست تقنية، لقد كان هناك جبن سياسي، وكان هناك سكوت عن الهولدينك الشركات الكبرى، إلى أن الأزمة التي عرفها المغرب سنة 1980، جعلت جريدة ” ليبيراسيون” نشرت عددا من المقالات الجريئة، تناولت فيها مجموعة من القضايا الهامة، إذن يضيف في تحليله للموضوع، فالمشكل موجود منذ 40 سنة، حيث انتقل الدعم من 4 مليار د إلى 60 مليار د. في حين أن المغرب يعيش الفقر والتبعية، واقتصاد الريع، والكلفة المالية للصندوق تساوي ثلث المداخيل الضريبية، لذا يقول “أن نتمسك بهذا القرد ونحافظ على النظام ونعمل على ترشيد النفقات وتحارب الامتيازات، ودعم المساعدة عبر الأسعار، فحيث يرى المحاضر أن الدعم المباشر يتطلب الإجابة على ثلاثة أسئلة : من؟ وكم؟ وكيف؟. فبالنسبة للسؤال الأول، والذي يعني به ضمان مدخول “الكرامة”، وذلك بدعم الطبقات الفقيرة التي يتراوح عددها في حدود مليون عائلة بما قدره 1200 د سنويا، عن طريق الانخراط في واف كاش على سبيل المثال، أي بما مجموعه 12 مليار د، أما الطبقة الوسطى الذي يتراوح عددها حولي 2000 عائلة، فينبغي أن يكون الدعم المباشر في حدود 6000 د. بمبلغ إجمالي يصل إلى 12 مليار د، وبذلك يوضح أقصبي، أن الدولة بذلك تضمن مساعدة 15 مليون مغربي، ويظل الباقي من قيمة الدعم المقدر في 60 مليار د. لتحقيق مكتسبات أخرى، لكن يبقى المشكل في التوزيع ذلك ما يمكن أن يضمنه ممثلو المجتمع المدني.