عرض ” القراءة و النشر و الرهان الثقافي” بتازة: جمال بوطيب يعلن إلزامية القراءة . الصورة : حامد والراش تواصلت فعاليات الأيام الثقافية التي تنظمها المديرية الجهوية للثقافة بجهة تازةالحسيمة تاونات وجرسيف حول أهمية القراءة ووضعية الكتاب ،احتفالا باليوم الوطني للقراءة في الفترة الممتدة بين 10 و 15 ماي الحالي ،حيث كان جمهور تازة على موعد مع اللقاء الفكري الثاني يوم أمس الجمعة على الساعة السادسة مساء بقاعة المحاضرات بالمديرية ،والذي كان موضوعه ” القراءة و النشر والرهان القافي بالمغرب ” من تقديم الدكتور و الباحث جمال بوطيب. الجلسة سيرها الإعلامي و الباحث عبد الحق عبودة عرفت حضور المدير الجهوي للثقافة الدكتور حسن الهرنان ،ونخبة من المثقفين والفاعلين الجمعويين والمهتمين وأصدقاء جمال بوطيب ،كما تميزت بحضور طلبة ماستر الكتابة ومهن الكتاب بكلية الآداب و العلوم الإنسانية –ظهر المهراز بفاس وقد أستهل عبد الحق عبودة الجلسة بالترحيب بالدكتور جمال بوطيب وقال إنه يعرف تازة الثقافية والإنسانية شبرا شبرا وفردا فردا وحدثا وحدثا ،لذلك فهو ليس ضيفا و إنما ابن المدينة البار ،وقدم سيرة جمال بوطيب التي توزعت بين اشتغالاته الإبداعية و النقدية وعضوياته العلمية و الأكاديمية والثقافية ،ومساهماته الفكرية ، كما ذكر عبد الحق عبودة بالمؤلفات التي صدرت حول كتاباته و الأعمال النقدية التي تناولت تجربته ضمن دراسات أخرى ،وكذا المؤلفات المشتركة ،وأشار إلى الكتب الإبداعية و النقدية التي التي أعدها وقدمها ،وإلى أغلفة الإصدارات التي أنجزها والجوائز التي حصل عليها . افتتح اللقاء الفنان المسرحي رئيس مصلحة الشئون الثقافية بالمديرية ،فرحب بالجميع وشكر الحضور على تلبية الدعوة ،بعدها تناول الكلمة الدكتور و الباحث جمال بوطيب شكر خلالها المديرية الجهوية للثقافة في شخص مديرها وكافة الأطر و العاملين بها وأعرب عن سعادته بالحضور الكثيف و النوعي الذي حضر اللقاء ،مشيرا في الآن نفسه أن انطلاقته كانت من هذه المدينة التي يكن لها كل الحب و التقدير ،موصيا أهل بحب مدينتهم و العمل على إحياء البريق الثقافي الذي جعل في فترة من الفترات تازة مركزا و المركز هامشا . وفي عرضه الذي تناول قضية القراءة و النشر والرهان الثقافي بالمغرب ،تحدث بوطيب عن علاقة الناشر بالكاتب مشيرا إلى أن جهل الكاتب بالجانب القانوني يجعله عرضة للاستغلال و ضحية لجشع الناشر وتحايلاته ،وهو ما يقتضي أن تتدخل الدولة لتقنن هذه العلاقة في إطار مؤسساتي يضمن لكلا الطرفين حقه .وبخصوص مسألة القراءة في المغرب والأزمة التي تعيشها عقد الباحث جمال بوطيب مقارنة بين المغرب و الجار الشمالي إسبانيا حيث ظهر الفرق الشاسع في اهتمام الشعبين بالكتاب ،كما أشار إلى مشكل التوزيع الذي يتسم بالبيروقراطية في المغرب و الدليل احتكاره من طرف شركتين هما سابريس وسوشبريس مع وجود مؤسسة توزيع ثالثة تنشر بشروط مجحفة في إشارة إلى شركة “الوسيط ” ،وساق جمال بوطيب أستاذ مادة النشر بالمغرب مقارنة فيما يخص السوق الداخلية في كل من إسبانيا و المغرب مؤكدا أن الكتاب هناك يعتبر من مصادر الدخل القومي ويضمن لمؤلفه دخلا محترما في الوقت الذي يعجز الكتاب في المغرب عن تغطية مصاريف طبعه .وأثار بوطيب مسألة غاية في الأهمية تتعلق بالقراءة وهي مسألة ضعف الاستيعاب الذي يعاني منه القارئ المغربي ،وبالتالي يصبح الجهل سببا في تغييب القراءة. وللتخفيف من حدة العزوف عن الكتاب ورفع نسبة الإقبال عليه تحدث جمال بوطيب عن إلزامية القراءة الذي من الممكن أن يرفع نسبة ساعات القراءة وهو الأمر الذي سيخلق قارئا مغربيا متميزا ومتمرسا ومتميزا ،واستشهد بتجربة يخوضها مع طلبته بفاس حيث ألزم كل واحد بقراءة أربعين كتابا ،وهو ما قد يرفع نسبة القراءة لديهم إلى مائتي ساعة سنويا.واختتم الدكتور بوطيب بالقول إن القراءة قضية الجميع ابتداء دولة وناشرين و كتاب و قراءة وموزعين ومختلف الأطراف المعنية بصناعة الكتاب وترويجه مقترحا أن يفكر الجميع في حلول و بدائل للخروج من الأزمة بدل تبادل التهم. إثر ذلك فتح باب النقاش حيت تحولت بعض المداخلات إلى شهادات في حق الدكتور و الباحث جمال بوطيب ،الذين اعتبره عبد السلام نويكة قدوة يحتذى به ،ونموذجا تمكن من صناعة الحياة بتفاؤل وإرادة عالية ،وآمن بالتراكم لذلك فهو لم يتوقف في منتصف الطريق ،وتمنى له التوفيق في مساراته المتشعبة. وحول موضوع القراءة و إشكالاتها أشار الإعلامي والباحث عبد السلام نويكة أشار إلى أن بنية القراءة الحديثة في المغرب لم تظهر إلا مع عهد الحماية ،وأن القراءة مقياس مهم من مقاييس التخلف ،وأضاف أن غياب عنصر الجودة في المجتمع مؤشر من مؤشرات الأزمة ،ليتساءل في الأخير هل هي أزمة مؤسسات أم أزمة أفراد؟ كما تساءل عن جدوى الدعم وهل من الممكن اعتباره مساهما في تعميق جراح القراءة و المنتوج الفكري بالمغرب. بوسيف طنان انتقد سياسة الدولة التي تفتقر إلى خطة طريق واضحة ،وذهب إلى أن واقع الكتاب لا يخرج عن واقع الثقافة عموما التي تعيش انتكاسة حقيقية سببها الممارسات السياسوية للسلطة من جهة و الحزبية الضيقة من جهة أخرى ،ولم يبرئ طنان المبدع المغربي بل حمله المسئولية في أزمة القراءة و الكتاب وقال إن المبدعين المغاربة يعيشون أزمة مواطنة ،وهم ضحية الاستلاب ،ومادام المبدع قادر على بيع نفسه يستحيل الحديث عن مواطنة صرفة. أما الباهي العلوي فقدم شهادة عميقة في حق الدكتور و الباحث جمال بوطيب ،واعتبر أن تازة شهدت في عهد ترؤسه لفرع اتحاد كتاب المغرب إشعاعا ثقافيا وفكريا منقطع النظير ،و قال إن بوطيب ذهب و أخذ معه هذا البريق الفكري و الثقافي إلى مدن أخرى ،ذاكرا في الآن نفسه بعض اللحظات الجميلة و الصادقة التي ربطتهما في فترة إقامته بتازة ،وأبدى أمله في أن يعود للمدينة إشعاعها الذي كان ،متمنيا للمدير الجهوي الجديد التوفيق في مهامه. باقي المداخلات ركزت على سؤال القراءة ومشكل العزوف فذهب البعض إلى اتهام الدولة بالإقصاء الممنهج و المتعمد للكتاب و تجهيل الشعب المغربي و تفقيره حتى لا يتمكن من القراءة ،كما أشار البعض إلى أن القراءة فعل حضاري وهي الوسيلة الوحيدة التي تغني الفرد دون أن يسرق أحد، وربطت بعض المداخلات أزمة القراءة بغياب القدوة حيث يكاد ينعدم الأب النموذج الذي يغرس شغف القراءة في أبنائه ،ودعا البعض إلى ضرورة تضافر الجهود و مشاركة الجميع في النهوض بورش القراءة و ترويج الكتاب ،حتى يتسنى للمغرب الثقافي أن يعرف النور ويدخل العصر.