عزيز العرباوي ضمن برنامجها الثقافي الجديد، الذي يحمل عنوان "قهوة وكتاب" نظمت المكتبة الوسائطية التاشفيني بالجديدة وجمعية أصدقائها، وبدعم من وزارة الثقافة، وبشراكة مع صالون مازغان للثقافة والفن بالجديدة، أمسية ثقافية مع الروائي والناقد المغربي المتميز الدكتور إبراهيم الحجري، وذلك يومه السبت 23 ماي الجاري ابتداء من الساعة الرابعة بعد الزوال بمقر المكتبة، حيث شارك في اللقاء كل من الناقد والروائي الحبيب الدايم ربي، والكاتب والناقد عزيز العرباوي، وسير اللقاء المبدع والناقد عبد العزيز بنار. في افتتاحه للقاء تحدث الدكتور عبد العزيز بنار عن سيرة المحتفى به المتميزة على أكثر من مستوى، فهو الروائي والقاص والناقد والشاعر، سارداً سيرته الذاتية المتعددة الإبداعات والأبحاث والجوائز. بعد ذلك أعطى الكلمة للناقد الحبيب الدايم ربي الذي بدأ مداخلته بالحديث عن علاقته بالحجري على مستوى الإبداع والبحث والكتابة وعلى مستوى الصداقة التي تربطهما لمدة طويلة، ثم انتقل إلى قراءته النقدية في رواية إبراهيم الحجري الأولى "صابون تازة" حيث تطرق فيها إلى العديد من القضايا التي تعالجها الرواية خاصة مسألة الجنون التي يعاني منها العديد من أفراد المجتمع المغربي، حيث فصل بشيء من الإمعان والنظرة الثاقبة للناقد بعض الموضوعات التي جاءت بها الرواية خاصة على مستوى المكان والفضاء الروائي المتمثل في قرية "كاترينة" التي ربطها الناقد بقرية أو بضيعة كان يملكها أحد المستعمرين الفرنسيين اسمه ألفونسو، ويبقى هذا التأويل، كما عبر عن ذلك الحبيب الدايم ربي، مجرد رؤية نقدية وتأويلية للناقد الذي قد يختلف معه الكثير من النقاد الآخرون، فالعوالم التي يناقشها الروائي تحكمها العديد من الرؤى والأفكار المختلفة والتي تبقى قابلة للتأويل والتحليل المتنوع... في قراءته النقدية لرواية "رجل متعدد الوجوه" تطرق الناقد عزيز العرباوي للعديد من القضايا التي ترتبط بمواقف شخصيات الرواية ورؤاها المتعددة ومرجعياتها المتعددة فيها، حيث تحدث الناقد عن صفات هذه الشخصيات المتمثلة في الوقار، والطبع، والنفاق، والخداع، والتلون، والخيانة، والكذب... وكأنها في عالم مليء بالظلم والفساد والرذيلة والشر، أشخاص غارقون في الرذيلة والفساد بكل أنواعهما، يحلمون بتحقيق أهدافهم على حساب كل ما هو خيِّر وجميل، ونقي وطاهر، فيحيلون الأرض إلى السواد والبوار، والخراب... إنهم أشخاص مولودون من أرحام عفنة لا يمثلون إلا الشر والجريمة... كما اعتبر أن إبراهيم الحجري ككاتب يسلط في هذه الرواية الأضواء البادية على تلك العلاقات البشرية والإنسانية التي يطبعها النفاق والغش والكذب والخداع... فتدخل إلى نفسيات الشخصيات وتنفذ إلى دواخلها لتحرك أعماقها الداخلية وأحوالها النفسية والاجتماعية المفعمة بالمشاكل والصراعات والإحباطات والأمراض المستعصية على العلاج والوقاية، وهذا ما يتطابق مع الرؤيا العميقة للنص الروائي والتي تقوم بتوظيف الأمور السلبية في الشخصية، وارتباطها بالبؤر المتخلفة والسوداء في الثقافة والمجتمع المغربيين، فتصير الشخصيات بحد ذاتها من الرواة كما يحصل مع ولْد العزاوي مثلاً، والذي يحلل بطريقته الخاصة الواقع والتاريخ اعتماداً على ذاكرته، ويقدم مادة حكائية تجسد مأساته مع الحياة والمجتمع والذات... بينما استرسل الروائي والناقد إبراهيم الحجري في مداخلته في شكر كل المنظمين والجمهور الحاضر، إضافة إلى شكر المشاركين الذين أثثوا منصة اللقاء، لينتقل بعد ذلك إلى الحديث عن تجربته الروائية التي عرفت العديد من المخاضات الإبداعية المرتبطة بالجو الثقافي العام، والواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه ويتفاعل معه... إضافة إلى علاقته بالفضاء الروائي الذي كتب عنه واستحضره في العديد من رواياته وخاصة رواية "صابون تازة" التي يتحدث فيها عن الجنون وعن الحمقى حيث قال إنه عايش هؤلاء الحمقى والمجانين بضريح سيدي مسعود بن حسين الذي يجمع في فضائه العديد من الحمقى فتفاعل معهم وحاورهم وعايش حيواتهم ومعاناتهم وآلامهم ومشاعرهم وأحاسيسهم المختلفة... أما عن رواية "رجل متعدد الوجوه" فقد جاءت تتمة لرواية "صابون تازة" ورواية "العفاريت" والتي عدها تكون ثلاثية روائية تجتمع على تيمة القرية ومعاناة أهلها وفئاتها المهمشة...في الختام، تمَّ توقيع روايات الروائي والناقد إبراهيم الحجري، وبعض كتاباته النقدية المتعددة، والتعرف عليها من خلال ركن خاص لعرضها على الجمهور الحاضر...