ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات شادة تحاول تصوير أن هناك في المغرب مشكل بين من هو أمازيغي وغير أمازيغي، ضاربة على وتر حساس نغمته عنصرية، وحاولت وتحاول أن تعطي انطباعا بأن هناك إقصاء لمكون على حساب مكون آخر، وأن هناك فئة تعيش اضطهادا و تتعرض ثقافتها للتهميش وأن هناك حرب إبادة جماعية تعرض لها الأمازيغ على شاكلة الهنود الحمر في العالم الجديد، بالإضافة إلى هذا أحاطوا موضوع الأمازيغية بسور وسيجوه بأسلاك كهربائية، إن أنت حاولت دخوله أو اختراقه أصبت بصعقات كهربائية من قبيل أنت عروبي وقومجي ومن رعاة الغنم ومن شاربي بول الإبل أو إسلامي ظلامي...، وإن تدرعت بأنك أمازيغي مثلهم اتهموك بأنك مغسول الدماغ أو أمازيغي غير خالص والكثير من التهم الجاهزة، المهم أنه لا يمكنك الإقتراب من معبدهم والخوض في هذا الموضوع، وإلا فإنك ستعرض نفسك لوابل من السب والشتم. لقد استغل الكثيرون من الأشخاص الأمازيغية بعدما وجدوها ورقة رابحة يمكن اللعب بها وتحقيق مصالحهم من خلالها، واستغلتها أيضا بعض الأحزاب لكسب بعض الأصوات هنا وهناك أو لمناكفة الإسلاميين في المغرب رغم أن هذه الأحزاب معروف تاريخيا أنها لا يجمعها والأمازيغية سوى الخير والإحسان. و الملاحظة الأساسية أن بعض المتحدثين باسم الأمازيغية الآن يدعون بأنهم علمانيون وهناك فئة منهم لا زالت تخفي عن الشعب (من باب الجبن) بأنها لادينية أصلا، وهذا قاسم مشترك يجمع ثلة من الأشخاص اتخذوا القضية الأمازيغية كحصان طروادة لتمرير أشياء أو تحقيق مآربهم الشخصية. وحتى نبين مواقف هؤلاء تعالوا نستعرض بعض الأمثلة البسيطة على استغلالهم للمشترك المغربي والاختباء وراء الأمازيغية حتى لا يتم كشفهم أو انتقادهم.
حاول ثلاثة أشخاص السفر إلى إسرائيل تحت يافطة الأمازيغية والتحدث باسمها رغم أن لا أحد من المغاربة خول لهم ذلك والمفارقة العجيبة أن من راسلهم لثنيهم عن فعلتهم هو مناضل مغربي من أصول يهودية، وكشف لهم حقيقة الجامعة التي كانوا سيحجون إليها رغم أنه لا يعقل بأنهم كانوا سيذهبون إلى هناك دون معرفة مسبقة بتاريخ تلك المؤسسة و أهدافها المعلنة وغير المعلنة. ويجب أن نشير إلى ملاحظة مهمة، و هي أن سيون أسيدون رغم أصوله اليهودية كما قلنا لم يتعصب إلى قومه وأكد أن انتماءه للمغرب يأتي فوق كل شيء، فوق حتى أصوله، وهنا تظهر طينة هذا المناضل ومن هم على شاكلته. لنعد إلى قضية النشطاء الثلاثة الذين تم اختيارهم دون غيرهم لحاجة في نفس القائمين على الجامعة الإسرائيلية . إثنان من هؤلاء الثلاثة تراجعوا عن قرارهم بعدما تدرعوا بحجج لا داعي لذكرها في حين أن ثالثهم تمادى في عناده الفارغ وتحدى الجميع بالسفر إلى إسرائيل حتى صفعته هذه الاخيرة و ألغت رحلته إلى جنة النعيم، ليتضح حرصه على زيارة دولة يراها من وجهة نظره دولة طبيعية و أيديها بيضاء على الإنسانية والمواثيق الدولية التي اتخذها هؤلاء الناشطون كتابا مقدسا لا يأتيها الباطل من أي جهة وكل من لا يؤمن بتلك المواثيق فهو كافر وآيس من رحمة الإنسانية. ولتسليط مزيد من الضوء على موقف هذا الناشط وتبيان أنه لا علاقة له بالقضية الأمازيغية التي كان سيذهب ويمثلها هو أن هذه الجامعة توجد على تراب دولة عنصرية قائمة على أساس ديني وهو الذي يرفض قيام أية دولة على أساس ديني كما يدعي، و أنا هنا أتساءل هل إذا تمت دعوته من طرف العربية السعودية وهي دولة قائمة أيضا على أساس ديني سيلبي دعوتها أم لا حتى ولو كان الموضوع هو الأمازيغية؟ أم ان المشكل في شيئ اخر يراه هو ولا نراه نحن. ثم ما موقف بعض الأشخاص من هذا (الناشط) الذي قال بأنه متزوج من أجنبية وعلى هذا الأساس فأبناؤه لم يعودوا أمازيغ خالصين شأنهم شأن جل الأمازيغ الذين اختلطوا مع باقي المكونات الأخرى المغربية. إذن مشكل هذا الناشط وغيره ليس مع الأمازيغية بل مع أشياء أخرى بات الجميع يعرفها، وليس من حقه الاختباء وراء يافطة الأمازيغية التي هي ملك لجميع المغاربة.
المناضل العتيد عصيد والذي يعتبر من المتشددين لحرف تيفناغ هل سأله أحدهم هل أبناؤه يعرفون كتابة هذه الحروف والتحدث بالأمازيغية المعيارية؟ أم أنهم يقتصرون على العربية والانجليزية والفرنسية التي اعترف في اخر حوار معه أن ابناءه يتحدثون بها، بل ويغنون بها أيضا. وهل تساءل عصيد وغيره لماذا تم تهريب الحوار حول الحروف التي ستكتب بها الأمازيغية، ولم تطرح للتداول وحتى للاستفتاء بين أفراد الشعب المغربي المعني بالأمر؟ ألم ينتبه عصيد ومن فرضوا تلك الحروف أنها ربما تكون من بين أسباب تعثر انتشار تدريس الأمازيغية في المدرسة العمومية؟ وعندما يجابهون بأنهم من بين أسباب فشل انتشار اللغة الأمازيغية يعلقون فشلها على عاتق غيرهم ويروجون لفكرة أن هناك من يحاربها و يحد من انتشارها، وعلى حد علمي لا يوجد مغربي أصيل يعادي الأمازيغية فكيف يمكن لأي عاقل أن يعادي ثقافته؟ لكنه يعادي من يتاجر بها ويعادي من يختلق حربا وهمية لا وجود لها إلا في عقول بعض الأشخاص الذين لا يرون في نهوض الأمازيغية إلا بالقضاء على أختها العربية. الخلاصة، السيد عصيد هو مواطن مغربي ومن انتقده فهو ينتقد مواطنا مغربيا عاديا، ولا دخل للأمازيغية في الأمر، فهو يعبر عن نفسه وعن أفكاره ومن حق من يخالفه الرأي أن يدلي برأيه بعيدا عن احتماء عصيد بغطاء الأمازيغية التي هي ملك لجميع المغاربة.
الفنانة البرلمانية فاطمة شاهو (تباعمرانت)، هل سألها أحدهم هي الأخرى هل تعرف الأمازيغية المعيارية كتابة ونطقا أم أنها تسمع بها فقط، كما أن التحدث بالأمازيغية تحت قبة البرلمان لا يعني أنها تدافع عن الأمازيغية، فالنضال هو ايصال صوت المقهورين والمهمشين في جبال المغرب ومناطقه النائية وتحقيق مطالبهم في عيش كريم، فالفقر والتمهيش والإقصاء سمة مشتركة بين الكثير من المغاربة في جميع أنحاء المغرب، ماذا سينفعهم إن تحدثث فاطمة شاهو بالأمازيغية أو بالعربية أو بالعامية ولم يستفيدوا من خيرات وطنهم، ولو كان الأمر كذلك لتكلم معظم النواب بالأمازيغية فعلى حد علمنا جلهم أمازيغ ويتحدثون بالأمازيغية، لذلك لا يزايد أحد على أحد بأشياء لن تنفع المغاربة سوى في خلف حزازات بينهم. من انتخبوا شاهو سيحاسبونها على مردوديتها وماذا حققت كنائبة برلمانية ولن يحاسبوها هل تحدثث بالأمازيغية تحت قبة البرلمان أم لا. وأقول من انتقد تباعمرانت فإنه ينتقد مواطنة ونائبة برلمانية وفنانة مغربية ولا دخل للأمازيغية في ذلك و لا يجب خلط الأمور.
هذه نماذج بسيطة لأشخاص اتخذوا الأمازيغية طريقا للشهرة دون أن تكون لأفعالهم نتائج ايجابية عليها، ويعتقد البعض أن من فضحهم أو جادلهم في مواقفهم فهو معاد للأمازيغية...لا يا سادة هؤلاء مغاربة لديهم مواقف ومن حقهم الأدلاء بوجهة نظرهم لكن من حق غيرهم الاختلاف معهم، وتبقى الأمازيغية شامخة فوق كل اعتبار، فهي لا ترتبط بهم، ونكررها مرة أخرى ليس كل من هاجم أي من هؤلاء وغيرهم فهو يهاجم الأمازيغية، فهذه الأخيرة أكبر من أن يمثلها أشخاص. الأمازيغية ملك لكل المغاربة ولا يحق لأي كان احتكار الحديث باسمها، فعبد الكريم الخطابي وطارق بن زياد ومختار السوسي وغيرهم أشخاص خلدوا أسماءهم بأعمالهم وبطولاتهم ولم يخلدوها بمعاداتهم للعربية أو اختلاق حرب كلامية حول سكان أصليين وغزاة.
الأمازيغية ليست مقدسة ويجب خلق حوار حولها في وسائل الإعلام بجميع أنواعه ليدلي كل واحد بدلوه ويتبين للشعب المغربي من يحسن إليها ومن يسئ إليها، يجب فتح الحوار حول أسباب عدم انتشارها كلغة معيارية، و من يقف وراء ذلك، وهل كانت كتابة الأمازيغية بحرف تيفناغ قرارا صائبا أم لا؟ وهل بالفعل تعرض الأمازيغ تاريخيا للإقصاء و أنهم ظلموا من طرف العرب، وغيرها من الأسئلة الكثيرة التي يطرحها بعض الأشخاص و يشتم بعضهم بعضا من أجلها، فلو فتح حوار جاد واستدعيت إليه أطراف جادة سينجلي الغيم و سيتضح للعموم من هو المخطئ ومن المصيب، من يريد لهذه اللغة خيرا ومن يتاجر بها، من يحبها حقا ومن يدعي ذلك وهو يخونها، نحن في زمن العولمة ومن العار أن تظل هذه القضية طابو لا نتحدث فيه، ويهاجم كل من قال رأيه بصراحة في حين أننا نناقش مواضيع أخرى بدون حساسية من قبل الدين والملكية وغيرها.أنا دائما أدعو إلى ثقافة المناظرة ومن يملك الحجة والدليل سيقنع الناس، ولن يقنعهم من يختبئ وراء الأمازيغية أو وراء نسبه الشريف أو أي كان، لنكن شجعانا و نناقش علميا ما هو أصل الأمازيغ؟ وإذا كان التاريخ الذي درسناه كاذبا ومغلوطا فماهو التاريخ الصحيح؟ هل العرب جاءوا غزاة أم ماذا؟ هل تم الإجهاز على ثقافة الأمازيغ من طرف المستعمر العربي كما يدعي البعض؟ المايا حضارة اندثرث لكن آثارها لازالت قائمة إلى يومنا هذا، وكذلك الفراعنة لازالت الأهرام والكتابة الهيروغليفية وغيرها شاهدة على حضارتهم، فأين هي مخلفات الحضارة الأمازيغية ومن أخفاها أو أجهز عليها؟ العديد من الأسئلة التي تراود المغاربة يجب الإجابة عنها وبشكل علمي و بالأدلة لا بالكلام والمزايدات حتى نخمد نار الفتنة التي يحاول بعضعم إشعالها بين مكونات الشعب المغربي ويستغل الأماكن المظلمة دون أن تكون له الجرأة للخروج إلى النور.
الأمازيغية ملك لجميع المغاربة ولا يحق لأي كان أن يدعي الحديث باسمها أو تمثيلها.