خلصنا إلى المستوى العالي والرفيع لزبل النصارى بعد مقارنته بالزبل العربي المغربي ،هذا الأخير يختلف من دولة إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى وحي إلى آخر،وذلك حسب مستوى العيش والدخل السنوي،ومن ذلك يتأثر طعام ودخل الكثير من الأسر المزبلية تبعا لذلك،هذه الأسر التي تتكاثر يوما بعد يوم في ظل توالي الأزمات على هذا الوطن العزيز،ومن هذه الأسر من يتخذ مطاريح الأزبال مسكن ومقر عمل من خلال ما تجود به أطنان أزبال المدن بعدما عجز المغرب على إحداث صناعة زبلية تدر عليه الملايير،هذه الأسر تعيش وسط المزابل طول حياتها وهناك تنجب أطفالها وتربيها رفقة بعض رؤوس الغنم والأبقار التي تقتات من أزبالنا كانت صالحة للأكل أو مجرد كارطون وأكياس بلاستيك وعليه لا تسألوا عن نوع لحومها. أيضا هناك أسر مزبلية أخرى متحركة تجوب الشوارع والأزقة تفتش في الحاويات وأكياس زبلنا بدون إذن من أحد ،بحيث كثيرا ما نتساءل كل صباح من "قلب بركصات"سافلها على عاليها وشتت زبلها في منظر قبيح ومستفز لكل المارة؟
لاشك أنك تلصق التهمة غالبا بالكلاب والقطط الضالة،وبلا شك تمطر عمال النظافة ومعهم رئيس المجلس البلدي بل تصل إلى الحكومة بوابل من السب والشتم لأنهم في نظرك لا يقومون بعملهم كما يجب وأنت تؤدي عشرات أنواع الضرائب،إنك على خطأ وقد ظلمت كل هؤلاء الأبرياء المساكين،الكلاب والقطط هجرت جل المزابل وذهبت تبحث لها عن مصدر عيش آخر بعدما زاحمتها عناصر آدمية أصبحت تعيش على التنقيب في المزابل والمتلاشيات واحتكرت المكان والمحتويات ...
لأن هذه الأسر تضاعف عددها في السنين الأخيرة مع توالي الأزمات المعيشية والتي لا دخل للحكومة فيها طبعا فهي من جهات أجنبية بلا شك،هؤلاء المواطنون من الدرجة الثانية اتخذوا فتات الآخرين مورد رزق يعيشون منه بالرغم من نظرات الإزدراء والتحقير التي ننظر بها إليهم،أشخاص لا تسلم أية مزبلة منهم خصوصا بالمدن الكبرى ،نراهم يتسابقون نحو القمامات ومطارح الأزبال كما لو كانوا يتسابقون للظفر بكنز ثمين،يتيهون في شوارع المدن وأزقتها بحثا عن ضالتهم التي تختلف من شخص إلى آخر فهناك من يختص في جمع قطع الأخشاب ،وهناك من يجمع الكارطون فقط،بينما يركز آخرون على قطع الحديد وأواني أليمنيوم والنحاس،ويفضل البعض قنينات الزجاج والبلاستيك وهكذا يجمعون منها كميات كبيرة على متن عرباتهم المدفوعة أو المجرورة بحمار أو بغل هزيل،إنهم في تسابق مع الزمن قبل وصول شاحنات النظافة، وبعد جمع ما تيسر لهم يتوجهون ببضاعتهم لبيعها لتجار يعرفون قيمة هذه الأشياء التي تدر عليهم أرباح خيالية معفية من رسوم الضريبة والتي لا علم لإبن كيران ووزيره في الضرائب بها.
هذه المهنة وإن كانت "محكورة" إلا أنها تساهم في تنقية بعض الشوارع كما تقلل من نسبة البطالة المتفشية في صفوف هذا الشعب المقهور،مهنة لا تتطلب أية شهادة علمية أو وساطة ...فقط يلزمها القليل من الصبر والتواضع وحسن التنقيب الزبلي ومعرفة النقط المزبلة الغنية بالمواد المزبلة المطلوبة في السوق،الأبواب مفتوحة والمناصب محدودة فرصة لا تضيع لتوديع عالم الفقر.
ولا ننسى هنا عولمة الزبل التي جعلت بلادنا تغرق في أطنان من الأزبال والمتلاشيات التي يدخلها المهاجرون المغاربة وغيرهم من الأجانب،حتى أصبحت مهنة الكثير منهم،لكن الخطير هو إدخالهم لمواد سامة وأزبال أوروبية مضرة بالصحة والبيئة، فهل أصبح المغرب مزبلة أوروبا بعدما أصبحت مزابل قوم موائد قوم ؟؟؟