ماوقع في ملعب محمد الخامس مؤخرا في المقابلة التي جمعت بين الجيش الملكي والوداد البيضاوي من أعمال حرت في الحقيقة أن أصنفها، هل هي أعمال شغب أم أعمال تخريب أم أعمال إجرامية أم ...أم، قلت ماوقع في ذلك الملعب من أحداث يجب علينا جميعا أن نتجند لتسليط الأضواء على تلك التصرفات التي أصبحت لصيقة بملاعبنا بل وأصبحت وصمة عار على جبين رياضتنا وعلى جبين وطننا. ماوقع في ذلك اليوم المشئوم لا يمت للرياضة وبحب الرياضة بأية صلة، لا من بعيد ولا من قريب، فما حدث هناك هي مجموعة من الأعمال التي تستدعي تدخل جميع الأطراف ومعالجة القضية من جميع جوانبها، الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والسيكولوجية وهلم جرا من ميادين لها صلة وصل بما وقع.
أول الأمور هي رصد هذه الظاهرة من الناحية الاجتماعية ومعرفة الأسباب التي دفعت أولئك القاصرين إلى القيام بتلك الأعمال الإجرامية، التي فاقت الوصف، هل وراء الأمر كبت اجتماعي دفع أولئك القاصرين إلى التنفيس عن مكنوناتهم بتلك الطريقة المرعبة؟ هل العنف غير المبرر الذي أصبحنا نشاهده في ملاعبنا وشوارعنا له علاقة بالحالة الاجتماعية لهؤلاء؟ أم أن الأمر يتعلق بأشياء أخرى تدفع بهؤلاء إلى جعل شوراعنا وملاعبنا ساحات معارك الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود؟
ومن خلال إجابتنا على هذه الإشكاليات ننتقل إلى الشق الأمني والقانوني، إذ يجب التشديد على ولوج أولئك القاصرين والمنحرفين الذين يحملون معهم أسلحة ومواد ممنوعة وهذا دور الأمن، كما يجب على القضاء أن يتشدد في إنزال أقصى العقوبات في المتسببين في هكذا أفعال، حتى يكونوا عبرة لغيرهم، فما ذنب ذلك الشاب الذي انتقل من مدينته حبا في تشجيع فريقه ليعود إلى والديه جثة هامدة؟
من المسئول عن موته؟ وهل يجب على من يريد الذهاب إلى ملاعبنا الآن أن يقرأ التشهد قبل الذهاب؟
إن الأحداث التي أصبحنا نرصدها في السنين الأخيرة بعيدة كل البعد عن أخلاقنا كمغاربة، فالعنف أصبح عملة رائجة بيننا، وكمثال على ذلك نلاحظ أن البرامج التي تعنى بالجريمة هي الأكثر مشاهدة في قنواتنا، ونشرات الأخبار والجرائد تطالعنا كل يوم بحوادث عنف وإجرام، نعيش في زمن أصبح فيه ارتكاب جريمة من أجل مصاحبة فتاة أو من أجل سيجارة من المسلمات، وأصبحنا في حيرة من أمرنا، هل السبب يعود إلى العولمة التي أدخلت إلى مجتمعاتنا قيم وأشياء غريبة عنا؟ أم أن الرادع الأمني لم يعد يخيف أولئك الذين يجترئون على القيام بتلك الأعمال الإجرامية؟ أم أن هناك أشياء أخرى يجب علينا البحث عنها حتى نجد حلا لهذا التسيب الإجرامي وهذا العنف الذي نلاحظه في المجتمع، سواء العنف اللفظي أو الجسدي؟
ليس من المعقول أن يظل الحال على ماهو عليه، فليس من المعقول أن تتحول وقفات للمطالبة بمطالب اجتماعية إلى عنف وتكسير للممتلكات، وليس من المعقول أن تتحول ملاعبنا إلى ساحات معارك، وليس معقولا أن تتحول سياراتنا إلى أسلحة قتل، وليس معقولا أن تتحول أحيائنا إلى أوكار للجريمة، وليس معقولا أن تفرخ مدارسنا مجرمين عوض تلاميذ نجباء أو ما نطلق عليهم رجال الغد، وليس معقولا أن تتحول شوارعنا إلى سويقة كبيرة يأكل فيها القوي الضعيف، وليس معقولا ...وليس معقولا أن تبقى الدولة دايرة عين ميكة على هاد الشي كامل.
ماوقع في ملعب محمد الخامس صفارة إنذار على المسئولين الإنصات إليها وأخذ التدابير اللازمة للحد منها قبل فوات الأوان، فما حدث هناك أكبر من أن يكون شغب ملاعب.