يرى علماء الاجتماع، بأن الجريمة ظاهرة اجتماعية، وأن التجريم بحد ذاته هو الحكم الذي تصدره الجماعة على بعض أنواع السلوك بصرف النظر عن نص القانون. وفي هذا الاتجاه، يميز البعض بين الجريمة الطبيعية التي لا تختلف عند الجماعات في الزمان والمكان لتعارضها مع المبادئ الإنسانية والعدالة كجرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال. والجريمة المصطنعة التي تشكل خرقا للعواطف القابلة للتحول كالعواطف الدينية والوطنية، واعتبر الأولى بأنها تدخل في المعنى الحقيقي للإجرام ودراساته التحليلية ويقدر البعض الآخر بأن الجريمة عبارة عن السلوك الذي تحرمه الدولة بسبب ضرورة ويمكن أن ترد عليه بفرض جزاء وهو بوجه عام يشكل السلوك المضاد للمجتمع والذي يضر بصالحه. الجريمة بالمفهوم القانوني أما الجريمة بالمفهوم القانوني فرغم عدم الاتفاق حول التعريف اللفظي بشأنها، إلا انه يوجد هناك عدة تعريفات من بينها: الجريمة بمعناها الوسع هي كل مخالفة لقاعدة من القواعد تنظم سلوك الإنسان في الجماعة فهي في جميع الأحوال سلوك فردي يتمثل في عمل أو تصرف مخالف لأمر فرضته القاعدة ويباشر في وسط اجتماعي. ومن بين معاني الجريمة لغة، أن لفظة الجريمة تقوم مقام الأساس الذي يبنى عليه الاتهام ومن معانيها المحاسبة أو المعاقبة أو أنها أي فعل معارض أو مضاد للقانون، سواء كان هذا القانون قانونا إنسانيا أو الاهيا. وقد يشار لفظة الجريمة على أنها أي فعل من أفعال الشر أو أي خطيئة أو أي فعل خطأ. ومن تعاريف الجريمة أيضا أنها عبارة عن أي خطأ يرتكب ضد المجتمع ويعاقب عليه وقد يكون هذا الخطأ ضد شخص معين أو ضد جماعة من الأشخاص. ويقوم تعريف الجريمة على العناصر التالية: -أولا: تفترض الجريمة ارتكاب فعل يتمثل فيه الجانب المادي لها وتعني بالفعل السلوك الإجرامي أيا كانت صورته فهو يشمل النشاط الإيجابي كما يتسع الامتناع. -ثانيا: تفترض الجريمة أن الفعل غير مشروع طبقا لقانون العقوبات والقوانين المكملة له فلا تقوم جريمة بفعل مشروع.. علم الإجرام في مفهومه المعاصر يمكن تعريف علم الإجرام، بأنه هو العلم الذي يبحث في تفسير السلوك العدواني الضار بالمجتمع وفي مقاومته عن طريق إرجاعه إلى عوامل حقيقية. وهذه العوامل قد تتمثل في الظروف الاجتماعية المحيطة بالمجرم أو الجاني كما تتمثل في في دوافع داخليه كامنة في نفس الجاني أو المجرم.وعلم الإجرام ينقسم إلى فرعين متكاملين وهما: * علم النفس العقابي: الذي يعد فرعا من علم النفس العام وهو متعلق بدراسة العوامل النفسية المحركة للسلوك الإجرامي وتلك المتصلة بأثر العقوبات في نفسيات أولئك الخاضعين لها. أما الفرع الثاني: * علم البيولوجيا العقابية وهو متعلق بدراسة التكوين الحيوي أو الفطري للإنسان من ناحية صلته المحتملة بسلوكه الإجرامي. *علاقة علم الإجرام بالقانون: موضوع علم الإجرام هو دراسة الجريمة بوصفها ظاهرة طبيعيه تستند إلى نواميس ليس للإنسان عليها أي سلطان بمعنى أنها ليست من صنعها ما موضوع القانون الجنائي فهو دراسة مجموعه قواعد موضوعية بمعرفته لتحقيق اهدافاجتماعيه معينه. والقانون الجنائي قد ينطوي على صور كثيرة في سلوك ممنوع وان كان لا يمثل شذوذا اجتماعيا أو نفسيا. وبالتالي لا يتطلب بحثا في حقيقة العوامل الكامنة وراء هذا السلوك مثل بعض جرائم الرأي والاقامه أو التعامل أما علم الإجرام فموضوعه دراسة جميع صور السلوك غير الاجتماعي والتي تتطلب مثل هذا البحث في العوامل الكامنة وراءه. وحين يهتم القانون، بتحليل النصوص وتحديد أركان الجرائم كما تريدها النصوص الموضوعة، إذ بعلم الإجرام يعني أولا وقبل كل شي اخربتحليل دوافع السلوك الإجرامي أو بالأدق بتحديد عناصر الاستعداد لمقارنه أفعال ضد المجتمع لا تمثل السلوك السوي للإنسان الاجتماعي سواء أسندت في النهاية إلى عوامل داخليه كامنة في نفس المجني أم عوامل خارجية عنه كامنة في البيئة التي يعيش فيها وتستوي في ذلك بيئته الطبيعية مع الاجتماعية. * نماذج الجريمة: تتنوع الجرائم عند علماء الإجرام سواء على أساس الباعث الإجرامي والدافع إليها أم على أساس كيفية ارتكابها. 1- تقسيم الجرائم بحسب الباعث الإجرامي: - جرائم العنف: فتضم طائفة الجرائم التي تتسم برد الفعل البدائي القائم على قدر من العنف الذي يتفاوت في مقداره على أي عمل أو تصرف فيه هجوم ولو كان هذا الهجوم بسيطا أوعلى أي عمل يتصور المجرم نفسه أن فيه هذا المعنى كجرائم القتل والجرح والضرب. - الجرائم النفعية: فتضم مجموعة الجرائم التي يستهدف الهجوم من ورائها تحقيق نفع ذاتيأ وأناني محض كالحصول على حريته الشخصية عن طريق التخلص من زوجة أو من الأب السكير أو حرق المال المؤمن عليه عمدا لقبض مبلغ التأمين. - جرائم إرساء العدالة الكاذبة: فتضم بين دفتيها مجموعة الجرائم التي يستهدف المجرم من ورائها إرساء مايراه عادلا وحقا إذ يتصور لشذوذ في مفهوم العدالة عنده انه بالجريمة يحق الحق ويعلى حكم العدل وهذه الطائفة تشمل من جهة بعض الجرائم العاطفية التي يندفع إليها المجرم تحت تأثير عاطفة جامحة كالحماسة والغيرة والحب والكراهية كما تشمل من جهة ثانية الجرائم المذهبية التي يندفع إليها مرتكبها تحت تأثير عقيدة عادة ما تكون متطرفة يرى فيها خلاصا لوطنه لأسرته أو لنفسه فينتصر لها ويحاول تغليبها بالقوة. * خصائص الجريمة: لابد من توافر مجموعة من الخصائص للحكم على سلوك ما بأنه جريمة وهذه الخصائص هي: 1- الضرر وهو المظهر الخارجي للسلوك، فالسلوك الإجرامي يودي إلي الاضراربالمصالح الفردية أو الاجتماعية أو بهما معا. وهذا هو الركن المادي للجريمة فلايكفي القصد أو النية وحدهما. 2- يجب أن يكون هذا السلوك الضار محرما قانونيا ومنصوصا عليه في قانون العقوبات وقد سبق الإسلام إلى تأكيد هذا الركن الشرعي للجريمة. 3- ضرورة وجود تصرف سواء كان ايجابيا أو سلبيا عمديا أم غير عمدي يؤدي إلى وقوع الضرر ويقصد من هذا القول توافر عنصر الحرية واختفاء عنصر الإكراه وهذا الركن سبق اليه الإسلام فيما يطلق عليه الركن الانساني للجريمة. فالمسؤولية تسقط في الإسلام في حالات محددة وهي الإكراه والسكر والجنون والصغر وحالة إباحة الفعل المحرم أما استعمال حقا ولأداء واجب.