ضمن احتفاليات اليوم العالمي للشعر بتازة، نظمت جمعيتي تازاسيتي للإعلام و التواصل و أصدقاء تازة بشراكة مع منشورات مرايا طنجة، حفل توقيع إصدار 'عشق الإبداع و الشغف بالكتابة' للمرحوم الشاعر محمد زريويل مساء يوم الأربعاء 21 مارس الجاري بجمعية النور لرعاية الطفل و المرأة في وضعية صعبة بتازة، حفل حضرته عائلة المرحوم إلى جانب بعض من أصدقائه و أحبائه، كما تخللته شهادات ألقاها كل من الزجال محمد اجنياح، الفنان التشكيلي محمد شهيد، القاص و الروائي عبد الالاه بسكمار، و الباحث هشام عباد، و كذا قراءة للشاعر عبد الحق عبودة، و تقديم للقاص محمد الفشتالي (الصورة)، حيث جاء في كلمة هذا الأخير:
" لقد غيبت يد المنون الصديق الغالي على القلوب... فبموته غاب نجم ساطع في سماء الصداقة والألفة. إنه غياب فاجأنا... فجعنا... أحزننا... سود أيامنا وليالينا... ومهما كان هول فجائعنا، فإنا مؤمنون بقضاء الله وقدره...
غادرنا بغتة هذا الشاعر البهي... فأين لنا ببشاشة محياه وتحاياه المدججة بالخيرات؟... من سيدثر بعد رحيله صداقتنا حبا وطيبة ودفئا؟... من سيحميها من الانهيارات بعد أن انشطرت كينونتنا ؟... لقد تهشمت أراجيحنا دفعة واحدة، وما الرجاء إلا في الله ملهم الصبر والسلوان... إن ألم الفقد فظيع جدا... لا تصوغه الكلمات أبدا... طبعا لن نفيه حقه مهما نثرنا من حروف الحب والود والمواساة... إننا نستعيد بهاءه بمعانقة إبداعاته، حتى لا تتوقف نصوصه/ قصائده عن البوح بمكنوناتها، لتظل ذكراه قائمة بيننا بكتاباته الباقية، كنبتة يانعة لا ينقطع إزهارها...
لقد كان الشعر بالنسبة للمرحوم الشاعر محمد زريويل غوايته الكبرى وشغبه الرائع وفوضاه الجميلة... خيمته التي يحتمي بها في بيداء هذا العالم... لقد كان عاشقا للإبداع عشقا مطلقا، يعيش في أفضية بهائه، ويقيم في مقامات صفائه... لم يصدر سوى ديوان وحيد في حياته '' عبئا زادتني القريحة''، فيما بقيت كثير من قصائده المنشورة بدون كتاب يضمها... كان الراحل أيضا عاشقا متيما بقراءة النصوص الإبداعية التي تروق له، فيغبط أصحابها، ويكتب عنها بشغف، كما لو أنه يسوغ لنا متعها الجمالية....عطاؤه القرائي نشره في العديد من منابر الصحافة الوطنية، والمواقع الإلكترونية... كتابات قال عنها مرة أنها أوراق تندرج في سياق الولع بالشعر والافتتان بدفقه...
قراءاته هاته أنتجها بعشق استثنائي تفاعل مع الدواوين الشعرية، فأضفي عليها قيمة مضافة... لقد بذل فيها مجهودا جما كقارئ فوق العادة، سعيد بوهج الشعر، ومفتون برؤاه واستعاراته... يحبس أنفاسه، يتأهب، ويقرأ ويعيد، ساعيا لتقريبنا من عوالم سبر أغوارها بحسه وفكره، بحثا عن أسرارها الكامنة، واكتشافا لمبتكرات صورها المتفردة، وروائعها الساحرة... بحس فاحص مطلع على خبايا الكتابة، يستجلي عوالمها النابضة بالحياة بشكل ممتع وبارع، ويهنئ أصحابها بصدق، متمنيا لهم المزيد من التألق، فهم الدعم والسند كما كان يردد... وكان كلما اشتاق لطلعتهم؛ أطل عليهم عبر مدوناته الإلكترونية الأثيرة ليرش عليهم أريج تحايا محبته المعهودة ... إنها حقول انشغالاته المتقاطعة عميقا بين لذة الكتابة وعذاب الاحتراق...
كان المرحوم أسير الجمال أيضا في حبه وتعاطيه للكتابة عن الفن التشكيلي انطلاقا من انطباعاته الأدبية والجمالية، للتعريف ببعض التجارب الفنية لفنانين مبدعين، ومسارات تطورها، وخصائصها التشكيلية، وللوقوف عند مميزات بعض اللوحات، كلما تأتى له التفاعل فنيا معها، وأخذته بسحرها وجماليتها... كتب في التشكيل بضعة أوراق تفيض عشقا، وهي تقارب وتحاور جمال بعض التجارب واللوحات، فتزيدها قيمة وإتحافا...
إن كتاب '' عشق الإبداع والشغف بالكتابة '' الذي الذي تقدمه تازاسيتي اليوم بين أيدي أحباء وأصدقاء وقراء الشاعر المرحوم محمد زريويل، في الذكرى الأربعينية لوفاته؛ يضم بين دفتيه أهم كتاباته في قراءة دواوين الشعر، وفي إضاءة بعض التجارب التشكيلية، إضافة لنصوص ومقالات ذات العلاقة بالشعر والتشكيل. وهي كلها كتبت ما بين 2006 و2011، ورتبت في هذا الكتاب حسب تواريخ الكتابة والنشر. وأردفت في الأخير بورقة (لغة التحول في "عبئا زادتني القريحة'')، التي كتبها الشاعر عبد السلام بوحجر، وهي قراءة في الديوان الشعري الصادر للراحل طيب الله ثراه.
وما هذا العمل الذي أعددته بحب وأسى معا إلا تقدير لمكانة المرحوم العالية الشاهقة في القلب، وتخليد لبعض أثر قلمه...".
جديره ذكره، عن تقديم كل من الفنان التشكيلي محمد قنيبو و محمد شهيد للوحة فنية و أخرى بورتريه لعائلة المرحوم الشاعر محمد زريويل، و كذا تشخيص فرقة المسرح البلدي بتازة لبعض قصائد المرحوم الواردة في إصداره "عبئاً زادتني القريحة" في لوحة مسرحية، و عن إلقاء قصيدة للمسرحي محمد بلهيسي.