بعد أن غادرنا الصديق الغالي محمد زريويل إلى دار الخلود؛ فإننا لن ننساه بخير الدعاء له بالرحمة والمغفرة... وستظل ذكراه قائمة بيننا بكتاباته الباقية، كنبتة يانعة لا ينقطع إزهارها. لقد كان عاشقا للكلمة، محبا لها، ومعتبرا لأثرها الجميل في الخلق. ففي هذا النص الذي كتبه بقلب متخشع مطلع رمضان الأخير؛ يعدد المرحوم إشراقات هذا الشهر الأبرك وخيراته...
لقد كان فقيدنا متوازنا في موقفه بين دينه ودنياه، وكان رمضان دوما أحب الشهور إليه ؛ إذ فيه يتقرب العبد بفطرته إلى خالقه، مخلصا له في قيامه وسائر عباداته؛ كما يسارع إلى أعمال الخير...
رمضان الكريم موسم الخيرات
رمضان هو الرحلة في الروح على متن النفس، تتسع معها دائرة الإشراقات، هي رحلة التميز، خالية من كل الأعطاب. ليالي رمضان تشيعنا إلى الاطمئنان والاستبشار. بالغد القريب قبل مضي شموس أيامه، فيه تنطلي وجوه الصائمين بلون الصفاء، ويتحدى فيه الصائمون والصائمات جميع الإغراءات، وفيه يتم الإقلاع عن الحاجات الأولية للسلوك في الأكل والشرب والجنس .
شهر رمضان الكريم هو شهر تتطهر فيه القلوب، وتسمو الأرواح، وينتصر الجانب الديني على الدنيوي لترسيخ جذوة الإيمان وتصحيح السلوك، وهو كذلك شهر انقلاب على الحياة اليومية، فيه من يقوم الليل في الطاعة والعبادة وينام جزءا من النهار، وفيه من يحلو لهم السهر. الشارع في رمضان نهارا فيه من هم في قلق وتوتر، وفيه من هم في طمأنينة وخشوع . في شهر رمضان يكثر العرض والطلب، تُعطى الأرزاق وتتحرك الأسواق ، ولا ننسى أن رمضان هو للطاعة والعبادة لا للإسراف والتبذير والسهر...ومن خلال الرسائل الربانية المتداولة من قرآن كريم وسنة نبوية تتضح حقيقة الصيام حيث يعظم فيه الأجر بالكف عن المعاصي والمكروهات ...
رمضان ركن من أركان الإسلام وأسس الدين، صومه من الإيمان. هو شهر الإخلاص والتقوى والأخلاق، ومقاومة الغرائز والشهوات، هو شهر الصبر والجهاد والعتق من النار، هو شهر نزول القرآن وليلة القدر، تبارك فيه الأعمال، هو شهر المسارعة إلى الخيرات، فهيا بنا جميعا كي نؤتي هذا الشهر حقه، ورمضان مبارك كريم ..