بعد أن غادرنا الصديق الغالي محمد زريويل إلى دار الخلود؛ فإننا لن ننساه بخير الدعاء له بالرحمة والمغفرة... وستظل ذكراه قائمة بيننا بكتاباته الباقية، كنبتة يانعة لا ينقطع إزهارها. لقد كان عاشقا للكلمة، محبا لها، ومعتبرا لأثرها الجميل في الخلق. ففي هذا النص الذي كتبه بفرح عارم يوم السبت 1 يناير؛ مرحبا بالعام الجديد 2011؛ يشير فيه للكثيرين ممن افتُقدوا؛ معتبرا الفقد بمثابة موعظة للباقين، لأن الأجل قريب ونحن في العمر ذاهبون، ويستشهد لذلك بآيتين من سورة الرحمان؛ يقول فيهما الله عز وجل : (كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)
تحت شمس القرن 21 الواحد والعشرين في الألفية الثالثة، ها نحن نستقبل سنة ونودع أخرى والعقد تلو العقد ينصرم، هي كل السنوات في مجرى الزمان تصب، وتسيل متتابعة متتالية متعاقبة نحو حياض التاريخ ..
على العدد12 اثنا عشر تعانقت العقارب معلنة قدوم ااسنة ااميلادية ااجديدة فتعالت الهتافات وعم الظلام وتصاعدت التصفيقات ترحيبا بالعام الجديد، تساءلت عن قدوم رأس السنة ليلا ؟؟ فأجابتني الشمس والأرض والقمر . لو جاء رأس السنة نهارا في وضوح الظهيرة هل كنا نسهر ونسمر وبالأنوار نزين الشجرة ؟؟ نعم إن الليل يلد الأسرار والنهار يقمطها حتى لا تسرح على الشفاه، فكان دخول العام ليلا ونحن به نحتفي ونحتفل لأننا نؤمن بنبي الله عيسى عليه السلام كما نؤمن برسول الله محمد (ص) وجميع الرسل والأنبياء . إننا نشارك العالم فرحته، والإنسان بطبيعته وطبعه كائن طقوسي واحتفالي، فقررت أنا الآخر أن أحتفل برأس ااسنة ااميلادية ااجديدة وطقسيَ الخاص، حيث أوقدت شمعة جميلة في الوقت المعين ترحيبا بقدوم العام الجديد، وانكببت أكتب هذه الورقة بالمناسبة .. بالطبع نتطلع لمستقبل حافل ومن الماضي ننطلق... لقد كان وقع السنة الفارطة 2010 قاسيا علينا حيث اتسمت أيامها وشهورها برثاء من فقدناهم وهم كثر، يتقدمهم شهداء الواجب الوطني إثر الأحداث التي عرفتها مدينة العيون ومخيم " أكديم إيزيك " بالصحراء المغربية،هؤلاء 11 شهيدا الذين امتدت لهم أيادي الغدر وأعداء وحدة التراب الوطني، هؤلاء 11 شهيدا الذين نمجد أرواحهم كلما استحضرناهم ... فقدنا العقل العربي والعالم والمفكر المغربي الكبير عابد الجابري، والمفكر محمد أركون مؤسس الإسلاميات الإنسانية، والكاتب الكبير إدموند عمران المالح، الكاتب الاستثنائي وضمير الإنسانية، وابراهام السرفاتي المناضل السياسي، والدكتور عزالدين العراقي الذي سبق وأن شغل منصب الوزير الأول و وزير التعليم والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وكذلك المرحوم عبد العزيز مزيان بلفقيه المستشار الملكي عراب المهندسين والحكومات والإدارة العمومية، والممثلة عائشة مناف الفنانة التي دخلت قلوب الجماهير من خلال شخصية " خميسة " في مسلسل " حديدان " .... واللائحة طويلة... هؤلاء كلهم غادرونا إلى دار البقاء (كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) صدق الله العظيم. الآيتان 26 و27 من سورة الرحمان .
عنوة تعمدت الإشارة إلى هؤلاء الذين فقدناهم حتى نتعظ، الأجل قريب، ونحن في العمر ذاهبون نتقدم فرحين بمطلع كل عام جديد.. لنقف لحظة كي نراجع أنفسنا في حوار داخلي هادئ مع ضمائرنا، وبعد ذلك نعمل على مراجعة وتقويم الحصيلة العامة للسنة الماضية حتى يتسنى لنا الذهاب قدما إلى الأفضل ومواكبة ركب التقدم وترجمة التنمية المنشودة إلى واقع ...
وبعد، إليكم تهنئتي المفعمة بأريج الورد وعبق الرياحين، أتمنى أن تدب في روح القارئ الكريم ويعانقها بصدق.. أتمنى أن نتجاوز البؤس الثقافي، ولكل مثقف أن يعود إلى دوره الذي تخلى عنه .. وللسياسي أن يكون صادقا، والاجتماعي أن يكون فاعلا .. أتمنى الذبول لذوي الكلمات الزائفة، والمسخ لمن يظنون باعتقال الأحلام، والتراجع الكبير لمن يمتهنون الانتهازية والوصولية .. أتمنى أن تكون السنة الميلادية الجديدة سنة مجيدة مباركة طيبة سعيدة، حاملة محملة ببشائر السعد والخير والخيرات والمسرات والبركات، أتمناها حافلة بالمحبة والود، والتآخي والتسامح والعز والدفء، والأمل والحب الكبير والعطاء، والتميز واليمن والوئام، بكل هذه الأوصاف الحميدة أبارك لكم العام الجديد، وكل عام وأنتم بخير.