متابعة * قيل إن حوالي 87 في المائة من وكلاء لوائح الانتخابات البرلمانية للجمعة المقبل يترشحون لأول مرة. هذا الكلام جاء على لسان مديرية الانتخابات بوزارة الداخلية.
قد يتبادر إلى ذهن من يسمع أو يقرأ الخبر لأول وهلة أن العقليات تغيرت، لكن لا، إنها لم تتغير قط. الأساليب ذاتها المستخدمة في الاستمالة والإقناع مازالت تفرض نفسها على الساحة الانتخابية وعود أكبر حتى من أن تستوعبها جماجم الكثير من المرشحين.
تغري آلاف الفقراء والمحرومين وتسيل لعابهم. وولائم تملأ بطونهم وتشل عقولهم عن التفكير في تعاقب سياسات فشلت فشلا ذريعا في استئصال الفقر والفوارق التي تطبع الحياة في بلاد تحتفل هذه الأيام بالذكرى السادسة والخمسين لاستقلالها. في الواجهة تُقدم وجوه جديدة، لكن في الخلفية وفي الكواليس مازالت القلاع والقوى نفسها هي من يحكم ويرهن مصير وطن بأكمله، متوسلين في ذلك المال والجاه والانتماءات القبلية وما يجري بين ذلك من إغراءات مالية ووعود معسولة، واستبلاد لذكاء شعب بكامله. هذا الوضع الشاذ الذي لا ينفك يتكرر، حتى في ظل الدستور المعدل، قد لا يبشر بالكثير من الخير، حتى لدى ذوي النفوس المفعمة تفاؤلا. فالأساليب "البطنية"، كما يطلق عليها إبراهيم الشعبي الباحث في قضايا الاتصال، مازالت تمارس ومازالت تجدي في "إغراء" الناخب "بالتدفق" على صناديق الاقتراع. الشعارات الرنانة المرتبطة بالحقب "البائدة" مازالت تُخرج من "غمدها" لتُبلي البلاء الحسن في حملات انتخابية شرسة وشعواء. شعارات تنضح سذاجة واحتقارا لعقول هي ربما أذكى مما قد يتصوره صائدو وقناصو الأصوات. من تلك الشعارات التي مازالت تتكرر، لتكرس واقع التخلف والتردي الذي ترفل فيه شرائح واسعة من أبناء هذا الوطن. أحدها يقول "ما عطانا ما عطيناه غير حنا اللي بغيناه"، وثان يؤكد "لا لحم لا برقوق (فلان) في الصندوق"، وثالث يتساءل "علاش علاش تاوينا (فرتلان) ينجح لينا"... وكأنها مقاطع من كوميديا سوداء ساخرة تتلى على العالمين بلا روح ولا معنى. مطلع الأسبوع الماضي تناقلت بعض المواقع الإخبارية واحدة من مستملحات الاستحقاق الانتخابي للأسبوع المقبل، الواقعة كان بطلها وزير الاقتصاد والمالية، وزعيم ما يسمى "التحالف من أجل الديمقراطية"، صلاح الدين مزوار.
تفاصيل الطريفة تحكي أن مزوار تجول بين دروب مدينة مكناس، وهي القلعة من حيث ينوي أن يطلق حملة نيل رئاسة الحكومة، ملوحا بالحمامة، رمز الحزب. مزوار لم يكتف بذلك بل عرج على ضريح الولي الصالح الهادي بنعيسى ليتبرك به، ووعد أنصاره كذلك بإقامة وليمة لا يسمع بخبرها إنس ولا جان، بعد فوزه طبعا... وكأنها فصول من مسرحية عبثية تقول إن همكم يا أمة المغرب ملء بطونكم والإدلاء بأصواتكم، وانتظروا أن نجدد اللقاء بكم في انتخابات مقبلة...