نظمت جمعية نادي الصحافة بتازة محاضرة تحت عنوان (راهن الإعلام المغربي: ظواهر وتساؤلات) وذلك يومه السبت 8 ماي2010 بمقر المندوبية الجهوية لوزارة الثقافة بتازة العليا، حضرها نخبة من الجمهور التازي ومنتخبين وممثلي الهيئات السياسية وجمعيات حقوقية والمدنية، ومهتمين بالمشهد الإعلامي بالمغرب، بهدف معرفة ومناقشة واقع الإعلام المغربي، خاصة وأن الإعلام أصبح في المرحلة الراهنة يشكل مسألة سياسية كما الحال بالنسبة للسيطرة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، هذا فضلا على أن الإعلام أصبح بمثابة رهان سياسي للمساهمة في دمقرطة الحياة الاجتماعية والسياسية وترسيخ القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة الحق والقانون، غير أن المفاجئة هي أن مداخلة السيد المحاضر أقل ما يقال عنها أنها تصب في معظمها في تكريس منطق انهزامي عدمي اتجاه القضايا المصيرية الوطنية والعربية والإنسانية، والمتمثلة في حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو منطق غير مبرر خاصة في المرحلة الراهنة والتي تتجه فيها الأنظمة العربية للتطبيع مع إسرائيل وسعي اليمين المتطرف في إسرائيل إلى قبر القضية الفلسطينية بشكل نهائي. [COLOR=darkblue]•القضية اللبنانية والفلسطينية والعراقية والإيرانية :[/COLOR] من المعروف أن هذه القضايا هي قضايا بالغة التعقيد بالنظر إلى أبعادها الدولية والإستراتيجية، وقد خصص السيد المحاضر حيزا زمنيا كبيرا لمهاجمة حزب الله. قد نتفق مع السيد المحاضر في بعض جوانب محاولة والممثلة في تنفيذ حزب الله لإستراتيجية الإيرانية في المنطقة كما هو معروف وقد يكون حزب الله ارتكب جرائم في حق بعض المفكرين أمثال [COLOR=red]حسين مروة [/COLOR]صاحب "النزاعات المادية" و [COLOR=red]الطيب التيزيني [/COLOR]صاحب كتاب "من الثورات إلى الثورة" و [COLOR=red]المهدي عامل [/COLOR]صاحب كتاب "رؤية جديدة في الفكر الماركسي" ، غير أن ذلك لا يعني تبرئة المخابرات الإسرائيلية، والتي أعلنت آنذاك عن تورطها في إعدام الكثير من المناضلين اللبنانيين والفلسطينيين، وكل من تجرأ على معارضتها في العالم وبدون وفي مقابل هجومه على حزب الله وكل القوى اللبنانية الوطنية المساندة له أثناء الحرب كالحزب الشيوعي اللبناني والقوى الفلسطينية الموجودة في المخيمات اللبنانية والمسحيين، (وهذا باعتراف حزب الله)، انتقل إلى الدفاع عن [COLOR=red]سعد الحريري [/COLOR]واتباعه المنتخبين الشرعيين والذي تم اغتصاب حقهم في ممارسة السلطة من طرف حزب الله (بحد تعبيره) دون أية إشارة إلى خلفيات هذا الصراع والمتمثلة في دعم الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا، والسعودية [COLOR=red]لسعد الحريري[/COLOR] وأتباعه بهدف نزع أسلحة المقاومة اللبنانية وعلى رأسها حزب الله مع العلم أن الدولة اللبنانية كانت و لا تزال لا تملك قوة عسكرية قادرة على حماية لبنان من التدخل الإسرائيلي الذي لا يزال يستعمر مزارع شبعة، ويرفض أي حوار بصددها، ومعنى ذلك تسليم لبنان كهدية لإسرائيل بدون مقاومة، أما فيما يخص [B]تصريح السيد المحاضر بأن الحل للبنانيين يوجد في يد إسرائيل، [/B]فهذا القول لا يستحق الرد لأنه من غير المعقول تبرير استعمار دولة لدولة مهما كانت هاته المبررات. فيما يخص القومية العربية فإن السيد المحاضر وعلى عادته هاجم القومين العرب ناعتا إياهم (بالقومجيين)، وعلى الرغم من الأخطاء التي ارتكبها القوميون العرب لا يمكن التنكر لنضالاتهم ضد الامبريالية والصهيونية ومساندتهم لتحرير الشعوب المستعمرة وأخص بالذكر جمال عبد الناصر. [COLOR=darkblue]•أما بالنسبة للقضية الفلسطينية:[/COLOR] فقد دافع السيد المحاضر على الرئيس [COLOR=red]محمود عباس[/COLOR] واعتبر أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يكمن في المفاوضات السليمة مع إسرائيل مع العلم أن اليمين الإسرائيلي تنكر لجميع الاتفاقيات التي تمت سابقا، ورفض إيقاف بناء مستوطنات جديدة، بل أكثر من ذلك قام بفرض الاعتراف بدولة يهودية على الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي تريد بدورها تمريره : على الأنظمة العربية هذا ولا تفوتنا الإشارة إلى أن قتل المناضل ياسر عرفات من طرف المخابرات الإسرائيلية بسبب رفضه التخلي عن سلاح المقاومة إلى جانب المفاوضات السليمة. •بعد ذلك انتقل السيد المحاضر إلى مهاجمة النظام العراقي السابق، كما اعتبر حرب الخليج ما هي إلا أخطاء شخصية [COLOR=red]لجورج بوش [/COLOR]!!! و من المعروف أن حرب الخليج كانت متوقعة وقد خططت لها الحركة الصهيونية من قبل لهدف السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، وقام [COLOR=red]جورج بوش[/COLOR] بتنفيذها في إطار ما أسماه [B]"بالحرب الصليبية"[/B] ومن المعروف أيضا أن العراق يملك من المقومات ما يؤهله لأن يصبح أكبر قوة إقليمية في الشرق الأوسط.... هذا فضلا عن قدراته العسكرية والتي اعتبرت آنذاك خطر على أمن وسلامة إسرائيل، ومن الأهداف المصرح بها للحرب عن العراق وبعد تعبير وزير الدفاع في إدارة [COLOR=red]كارثر [/COLOR]في مارس سنة 1980 (ضمان استمرار تدفق البترول وضمان سلامة وأمن إسرائيل) لهذا تعتبر حرب الخليج بعدا إستراتيجيا بالنسبة للحركة الصهيونية، وقد صرح [COLOR=red]شارون[/COLOR] في جريدة أحرنوت سنة 1972 بهذا العدد (إن إسرائيل اليوم اكبر قوة عسكرية وأن قوة الدول العربية مجتمعة هي اقل شأنا من قوتنا. إن إسرائيل تستطيع خلال أسبوع واحد على السيطرة على منطقة تمر من السودان إلى بغداد)، فعلى الرغم من المبالغة في هذا التصريح فإنه يكشف عن أحلام الحركة الصهيونية بالمنطقة. [COLOR=darkblue]راهن الصحافة في العالم العربي والمغرب:[/COLOR] في مداخلته [COLOR=red]"عبد الكريم الأمراني"[/COLOR] حول راهن الصحافة العربية والمغربية انطلق السيد المحاضر من مهاجمة قناة الجزيرة والصحافي ([COLOR=red]الباري عطوان[/COLOR]) نظرا لتمريرهما لايديولوجية إرهابية وأفكار والقاعدة ومعادتهما للقضايا المصرية والوطنية هذا من جهة، وجود الجزيرة في دولة قطر التي تحتضن قواعد عسكرية أمريكية، فضلا عن أنها دولة غير ديمقراطية من جهة ثانية، وفي المقابل أشاد بالصحف السعودية والمصرية وخاصة جريدة الأهرام الناطق الرسمي بإسم النظام المصري، وقناة العربية الناطقة باسم النظام السعودي. قد نتفق مع السيد المحاضر في بعض جوانب مداخلته خاصة وأن قناة الجزيرة لها طابع شعبوي لأنها تهدف إلى حشد أكبر عدد من المشاهدين ومن ثمة فهي تتجنب ما أمكن مواجهة عامة الناس، هذا بالإضافة إلى العمل على تمرير مواقف خاصة لصالح النظام القطري، لكن المفارقة التي وقع فيها السيد المحاضر هي:هجومه على الجزيرة في مقابل إشادته بقناة العربية الناطقة باسم النظام السعودي، للمزيد من المعلومات يمكن الرجوع إلى المقال الذي نشره السيد المحاضر في [COLOR=darkblue]جريدة الصباح العدد 3143 [/COLOR]والذي أشاد فيه بقناة العربية التي ضبطت إيران تدعو إسرائيل إلى الاستثمار في أراضيها... وفي نفس الصدد هاجم قناة الجزيرة لأنها تحارب النظام المصري، وهي بدورها توجد ضمن دولة تحتضن أكبر القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، كما أنها ليست بدولة ديمقراطية بل الأكثر من ذلك أن السعودية وبدعم من أمريكا وفي ظل الحرب الباردة هي التي عملت على إنشاء حركة القاعدة والتي دعمت "[COLOR=red]أسامة بن لادن[/COLOR]" بملايين الدولارات بهدف حشد المجاهدين من كل أنحاء العالم الإسقاط النظام الشيوعي في أفغانستان، وهذا ما تقوم الآن به في الصومال، بحيث تمول بالمال والعناد، ما يسمى بالمحاكم الإسلامية "وتخصص برنامجا خاصا للدعاية لها في قناة العربية تحت عنوان "العالم المنسي الصومال". وكخلاصة يمكن القول بأن الإعلام العربي لم يحضى بأهمية كبرى من طرف الأنظمة العربية، فضلا عن خضوعه للرقابة من طرف السلطة في جميع الدول العربية وبدون استثناء. أما فيما يخص الإعلام المغربي فأقل ما يقال عنه أنه يصنف في المراتب الدنيا وبمقاربة مع باقي الدول العربية، بل والأكثر من ذلك وكما هو معروف، فإن الدولة المغربية كانت و لا تزال تقدم هدايا في مناسبات كثيرة لهجات معينة، فعلى سبيل المثال كانت القناة الثانية 2M مجرد هدية قدمت لمؤسسة (أونا) في سنة 1992 وبدون استشارة مجلس المستشارين وفي المقابل تمت اعتقالات ومتابعات للصحافيين بما في ذلك رفاق السيد المحاضر والذي يكن لهم حقد كبيرا. ومهما كانت أخطاء الإتحاد الاشتراكي وغيره من القوى الديمقراطية، فلا يمكن أن ننكر الدور التاريخي الذي لعبته هذه القوى في ترسيخ القيم الديمقراطية ، وحقوق الإنسان ودمقرطة الحياة السياسية والاجتماعية وتوعية الرأي العام هذا ولا تفوتنا الإشارة إلى أن توريط حزب الاتحاد الاشتراكي في ممارسة السلطة رافقه على مستوى الواقع السياسي آنذاك تقليص وظيفة الديمقراطية من طرف النظام إلى الذي حولها مجرد وسيلة لتزكية المرجعيات التقليدية، كما أصبح البرلمان بمثابة منصب وزاري لا أقل ولا أكثر، مما ساهم في إفراغ الديمقراطية من معناها الحقيقي، ولم تجرأ الأحزاب الديمقراطية بما في ذلك اليسارية آنذاك على الدعوة إلى فعل السلط وتحقيق دولة الحق والقانون ودمقرطت الحياة السياسية بالمغرب. وفي الأخير لا بد من الاستشارة إلى أن جل الدراسات السوسيوسياسية تؤكد على أن فشل أي مشروع ديمقراطي سيؤدي إلى تفتيش الأفكار الانهزامية والعدمية والرجعية، وإلى ظهور قوى وحركات متطرفة دينيا وعرقيا قادرة على التحول إلى حركات سياسية فاعلة لملإ الفراغ السياسي. [COLOR=darkblue]المسألة التعليمية بالمغرب:[/COLOR] أثناء رده عن تساؤلات المطروحة من طرف المتدخلين، اعتمد السيد المحاضر وكعادته على أسلوب يقوم على السخرية والاستهزاء، بحيث هاجم الأسرة التعليمية متهما إياها بمنعدمة الضمير المهني ولا يهمها سوى جمع المال عبر الساعات الإضافية، هذا على الرغم من توفير الدولة لهم كل الإمكانيات المادية، بحيث أصبح رجال التعليم يمتلكون سيارات بما في ذلك سيارة من نوع 4*4 حتى ولو قدمت لهم الدولة مليون سنتيم شهريا فإنهم لم يقدموا في المقابل أي شيء: ولم يقف السيد المحاضر عند هذا الحد بل تعداه إلى اتهام الأسرة التعليمية بالسبب في فشل إصلاح التعليم بالمغرب. [COLOR=darkblue]والسؤال المطروح هنا هو[/COLOR]: ما السبب الذي دفع بالسيد المحاضر إلى تأجيل هجومه على الأسرة التعليمية، حتى لحظة الرد على مداخلات الحاضرين، وعدم التزامه بموضوع المحاضرة المقترحة؟ ولماذا اتبع أسلوب التعميم؟ وما الذي يقصده بإصلاح التعليم؟ إن الخطاب المعتمد في تحليله للمسألة التعليمية بالمغرب خطاب يقوم على إصدار حكام جاهزة ودوغمائية تفتقر إلى الموضوعية خاصة، وأن الكل يعلم أن إصلاح التعليم بالمغرب جاء تحت الضغوط الخارجية من طرف المنظمات المانحة وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي والتي صنفت المغرب في الدرجات الدنيا، مع العلم أنه لم توفر الشروط الملائمة لهذا الإصلاح بل ظلت على حالها كما كان الحال في السابق. إن مقاربة إصلاح التعليم والتي انطلق منها المشرفون على هذا المشروع، تنطلق من مبدأ مسكوت عنه، ألا وهو أن مشكلة التعليم وتدنيه هي مشكلة تقنية فحسب وليست مشكلة جوهرية، ومن ثمة عملت على إخفاء المشاكل الحقيقية بدل العمل على معالجتها من جذورها، ومن هذا المنطلق قامت الجهات المسؤولة باقتراح حلول تقنية تم التركيز فيها على البرامج والمناهج والأهداف التربوية والمحتويات المعرفية والآليات والعدد البيداغوجية، ... هذا ولا تفوتنا الإشارة إلى أن الهيأة المشرفة على الإصلاح هي نفس الهيأة التي أشرفت على المشاريع الفاشلة السابقة، والفرق الوحيد هو أنها أصبحت تدعي بأنها نخبة ديمقراطية وحداثية، مع العلم أن الحكومة الحالية لا تختلف عن سابقاتها، إنها حكومة لا تقوم على أساس ديمقراطي بل هي مسخرة لخدمة أهداف انتخابية لا أقل ولا أكثر، وتفتقر إلى مشروع واضح ورؤية إستراتيجية واضحة. وفي الأخير لا بد من الإشارة إلى أن الرهان السياسي على الإعلام المغربي هو المساهمة في ترسيخ القيم الديمقراطية والحضارية والإنسانية وبناء دولة الحق والقانون وحق التعبير عن الرأي وتجسيد حق الاختلاف الذي يجسد الهوية الوطنية بمختلف مكوناتها العربية والأمازيغية والإسلامية والديمقراطية وليس ترسيخ الأفكار الشوفينية والرجعية والانهزامية والزبونية. --------------- [ALIGN=LEFT][COLOR=red]ذ: بوجمعة سبيع- تازا سيتي[/COLOR]