تنطلق، يوم غد الجمعة، بكافة ربوع المملكة، الانتخابات الجماعية والجهوية، التي تشكل هذه السنة محطة استثنائية بالنظر للإصلاحات المهيكلة التي انخرط فيها المغرب خاصة دستور 2011 وإطلاق ورش الجهوية الموسعة. فقد جاء الدستور المعدل بمجموعة من المقتضيات التي تكرس دور الجماعات المحلية ممثلة بالجهات والعمالات والأقاليم والجماعات، حيث أصبحت تتوفر على الوسائل القانونية والمادية الضرورية التي تمكنها من الاضطلاع بدورها في النهوض بالتنمية المحلية على النحو الأمثل. وقد اتخذت السلطات المعنية جملة من الإجراءات القانونية واللوجيستيكية لتأمين إجراء هذه العملية الانتخابية في جو من الشفافية والتنافس الشريف. وفي هذا الصدد، تم إلغاء العمل ببطاقة الناخب والإشعار الموجه للناخبين، والذي كان مطلبا أساسيا من طرف عدد من الأحزاب السياسية، حيث سيتم التصويت يوم الاقتراع اعتمادا على البطاقة الوطنية للتعريف وحدها، وذلك بهدف دعم شفافية العمليات الانتخابية وسلامتها. كما أوكل إلى المجلس الأعلى للحسابات مهمة مراقبة مصادر تمويل الانتخابات وأوجه صرف المال المقدم كدعم وذلك بهدف ضمان المساواة في الفرص أمام جميع المترشحين. وأمام تحدي كسب رهان هذه الانتخابات، فإن الناخبين والمنتخبين مدعوون إلى التحلي بروح المسؤولية والمواطنة الصادقة والإيمان بالعمل الجماعي وتغليب المصلحة العامة، من أجل تحقيق الأهداف التي سطرها المغرب في مجال اللامركزية وإشراك المواطنين في تدبير شؤونهم بأنفسهم. فمشاركة المواطنين في الانتخابات الجماعية والجهوية تعد فرصة لقطع الطريق على الفساد والمفسدين، وتعبيرا منهم عن رفضهم رهن مصيرهم ومصير جماعاتهم بيد هذه الفئة، من خلال اختيارهم مرشحين أكفاء يتمتعون بالنزاهة والمصداقية والقرب من قضايا المواطنين ومعيشهم اليومي. فتدبير النفايات والإنارة العمومية ووسائل الترفيه وإصلاح الطرق داخل الجماعات، عكس ما يعتقده البعض، أمور تندرج ضمن اختصاصات الجماعات المحلية التي عليها تأمين الخدمات الاجتماعية التي يحتاجها المواطنون. إن تجديد النخب المحلية وضخ دماء جديدة في المجالس المنتخبة كفيل بأن يساهم في إحداث مصالحة وإعادة الثقة بين المواطن والشأن السياسي عموما. من جهة أخرى، تلقي هذه الانتخابات مسؤولية كبيرة على الأحزاب السياسية والمنتخبين الذين ستفرزهم نتائج الاقتراع من خلال الالتزام بالوعود والبرامج التي قدموها للمواطنين في حملاتهم الانتخابية والتي أظهرت اهتماما بجميع القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. كما أن الأحزاب السياسية جعلت النزاهة والمصداقية في مقدمة شعاراتها تعبيرا منها عن عزمها الأكيد في القطع مع بعض الممارسات التي كانت سائدة في استحقاقات سابقة. وقد بلغ عدد الترشيحات للانتخابات الجماعية 130 ألف و925 ترشيحا بينما وصل عدد الترشيحات برسم الانتخابات الجهوية الى 7588 ترشيحا وهو مؤشر إيجابي عن انخراط شامل من أجل إنجاح هذه الانتخابات. كما أن الترشيحات المودعة برسم الانتخابات الجماعية تتميز بتقدم عدد مهم من المترشحين لأول مرة لهذه الاستحقاقات، حيث بلغت نسبة المترشحين الجدد المسجلة على الصعيد الوطني 70 في المائة مما ينبئ بصعود مكثف خلال هذه الاستحقاقات لنخب محلية جديدة.