بعد اكتساح حزب الأصالة والمعاصرة نتائج الانتخابات الجزئية، التي جرت مؤخرا، لشغل خمسة مقاعد شاغرة تمثل جهة طنجة-تطوان بمجلس المستشارين، في صنف الجماعات المحلية، استضافنا فؤاد العماري المنسق الجهوي للحزب، وكان لنا معه الحوار التالي: س: حصل حزب الأصالة والمعاصرة في انتخابات مجلس المستشارين المعادة بجهة طنجة-تطوان على 550 صوت بفارق 265 صوتا عن اللائحة التي احتلت الرتبة الثانية، وبفارق 334 صوت عن اللائحة الفائزة في الرتبة الأخيرة، كيف تقيمون فوز لائحتكم بهذا الفارق الكبير؟ ج: صحيح أن حزب الأصالة والمعاصرة حقق نتائج مهمة في الانتخابات الجزئية الأخيرة وهي نتائج أكدت قوته كأول رقم سياسي في الجهة. نحن نعتبرها نتائج عادية. لأن الرقم الذي حصلنا عليه يوازي عدد المستشارين الذين يحملون لواء البام على صعيد الجهة، رغم كل المحاولات اليائسة والتي استعملها خصومنا لاستمالة مستشاري البام إلا أن هؤلاء أكدوا مرة أخرى على انضباطهم الحزبي وانخراطهم في المشروع السياسي للبام، والذي يشكل تخليق الحياة السياسية أحد عناوينه الكبرى. وهذه النتيجة طبيعية، أيضا، بالمقارنة مع العمل الذي قام به الحزب على مستوى الجهة، مباشرة بعد انتخابات 2009. وهو العمل الذي أطره مشروعان كبيران: الأول مرتبط بورش مرافقة المنتخبين سواء داخل المؤسسات التي نحظى بمسؤولية تسييرها، أو تلك التي نتواجد فيها داخل صف المعارضة. والورش الثاني مرتبط ببناء الحزب وإعادة هيكلته. ورشان سمحا للحزب ببناء الثقة بين مناضليه، أولا، ثم بين القاعدة والقيادة من جهة أخرى. وهي نتيجة في مستوى الحملة التي قادها الحزب خلال هذه الانتخابات داخل الجهة، والتي أطرها المكتب الوطني بحماس كبير رغم ظروف شهر رمضان. س: في نظركم ألم تؤثر الانسحابات وعملية الطرد التي صدرت في حق بعض الأعضاء قبيل الدخول في غمار هذه الانتخابات على أداء الحزب الانتخابي وعلى نتائجه بشكل عام. ج: إن النتيجة التي حققناها ترد بشكل أو بآخر على هذا السؤال. لقد تأكد، بما لايدع مجالا للشك، بأن حزب الأصالة والمعاصرة ليس حزب الأشخاص. فرغم الانسحابات الفردية، ورغم القرارات التأديبية التي تم اتخاذها في حق البعض لم يتأثر الحزب. ليتأكد مرة أخرى للجميع أن البام هو حزب المؤسسات. فرغم النقاش الذي صاحب تثبيت الأخ سمير عبد المولى كوكيل للائحة، التفت جميع المكونات الحزبية، من مكاتب محلية وإقليمية والمكتب الجهوي، على رمز الحزب. واستطاعت أن تؤكد بأن قرارات الحزب وخياراته التنظيمية والسياسية تحترم من طرف جميع مكونات الإطار السياسي. س: ونحن على أبواب الدخول السياسي الجديد لسنة 2010، والمعروف عن حزبكم أنه يتمتع بمبادرات ساهمت في تحريك المشهد السياسي على المستوى الوطني، هل تملكون على مستوى جهة طنجة-تطوان أجندة عملية لتدشين وتحريك هذا الموسم السياسي الجديد الذي لا يفصله عن انتخابات 2012 سوى سنة ونيف؟ ج: الكل يجمع، أصدقاء وخصوم، بأن حزب الأصالة والمعاصرة استطاع، وفي ظرف وجيز، أن يحرك المشهد السياسي الوطني، وأن يعيد الروح إلى الحياة السياسية وذلك بفضل مبادراته الجريئة، ومصداقية مناضليه قيادة وقواعد. حتى أنه أصبح محط جدل سياسي وطني بين مختلف الفاعلين. إلى درجة أن الدخول السياسي الجديد ربط أيضا بما ستحمله أجندة الحزب من جديد. وهذه الديناميكية هي، في الحقيقة، ديناميكية عادية نظرا لما يتمتع به الحزب من حيوية ومصداقية. إضافة إلى إيمانه العميق بما يحمله من مشروع سياسي يستجيب لطموحات المواطنين وينخرط في بناء مغرب يتسع لجميع المغاربة ويلبي رغباتهم بغد أفضل. فالمسؤولية داخل حزب الأصالة والمعاصرة، سواء كانت وطنية أو جهوية أو إقليمية، ليست منصبا لمراكمة الامتيازات، بل هي مسؤولية مقرونة بعمل متعب ومستمر، عكس ما تعرفه بعض التنظيمات السياسية الأخرى التي لا تتحرك إلا موسميا أو إبان الحملات الانتخابية، ثم ما تلبث أن تتوارى إلى الظل. أما على صعيد الجهة، فنحن مقبلون على فتح أوراش متعددة ومتنوعة. يخص الجانب الاجتماعي والجانب التنظيمي إضافة إلى ورش مرافقة المنتخبين. وكل هذه الأوراش، وكما قلت، سابقا، تدخل ضمن سيرورة دائمة لتنزيل مشروعنا السياسي الذي يرتكز على محددات أساسية قوامها الحكامة الجيدة، بما تعنيه من شفافية ومحاسبة وتدبير جيد للشأن المحلي وتأهيل للموارد البشرية، بما يتيح لها أن تكون في مستوى المهام المنوطة بها. خاصة ونحن نشتغل داخل جهة تحظى بعناية خاصة من طرف جلالة الملك، وتعرف أوراشا كبرى ترهن الاقتصاد الوطني. وبالتالي فمن المفروض على مختلف الفاعلين السياسيين تأهيل نخبهم السياسية وأطرهم بما يسمح لهم بمواكبة هذه الأوراش. س: وماذا عن هيكلة وإعادة هيكلة الحزب على مستوى الجهة؟ ج: مباشرة بعد الانتخابات الجماعية فتح الحزب ورش البناء التنظيمي. فكانت جهتنا من الجهات التي انخرطت ضمن هذا الورش. فجهتنا تتوفر على 7 أقاليم تمت هيكلتها جميعا، وآخرها إقليم شفشاون، الذي تجاوز مؤخرا مشكلته تنظيمية. كما نتوفر على أزيد من 25 مكتبا محليا، وتجاوزنا الآن سقف 12 ألف منخرط، وطموحنا هو بلوغ 100 ألف منخرط، ونحن عازمون على المضي لتحقيق هذا الرقم. لكن الأهم من هذا ليس هو الأرقام أو أن يكون حزبنا هو الأول في الجهة بل هو انفتاحه على النخب المحلية وإعادة الثقة إلى المواطن داخل الجهة، لكي ينخرط في بناء جهته والمساهمة في بناء بلده عبر إعادة الثقة في جدوى العمل السياسي . فالآن ونحن في بداية العشرية الثانية من هذا القرن، يحق لنا أن نفتخر داخل الحزب بأننا استطعنا أن نلامس جوهر المشاكل التي يعاني منها سكان الجهة، واستطعنا الانفتاح على طاقات كانت إلى حدود الأمس القريب فاقدة للثقة في المحيط السياسي وفي المؤسسات السياسية، بشكل عام. فاليوم هاهي تنخرط في الحياة السياسية من جديد، بل وتتواجد في صلب صنع القرار. وقد اعتمدنا لتحقيق هذه الأهداف على منهجية صارمة في البناء التنظيمي، أساسها أن كل المكاتب الجهوية الإقليمية والمحلية لا يتجاوز فيها عدد المنتخبين 40 في المائة، بينما تتوزع 60 في المائة الباقية بين الفعاليات الأكاديمية والطاقات الشبابية والنسائية . س: تعرض حزبكم ،مؤخرا، على صفحات إحدى الصحف الجهوية الصادرة من طنجة لهجوم قوي، وقد بدأت أطواره مع انطلاق الحملة لانتخابات مجلس المستشارين المعادة،ثم تطورت إلى معركة صحفية بين جريدة «طنجة تلغرام» و»جريدة طنجة»،وأكثر من ذلك تجاوز هذا الهجوم استهداف الحزب الذي أنتم أمينه الجهوي، إلى استهدافكم شخصيا،هل يمكن لك أن توضع لقراء جريدتنا وللرأي العام المحلي خيوط هذا السجال الحاد؟ ج: إن حزب الأصالة والمعاصرة ومنذ اللحظات الأولى لنشأته كان محل جدل سياسي وانتقادات وهجومات دائمة، ساهمت، هي بدورها، في أن يصل الحزب إلى ما وصل إليه الآن. فتدبير النجاح الذي تحدثت عليه سابقا لا يمكن أن يمر دون أن يثير شهية الخصوم. وإذا كنا في الحزب نرحب بكل انتقاد نعتبره بناء وصادرا عن فاعلين يحترمون أنفسهم، ومن مؤسسات إعلامية يحظى أصحابها بالمصداقية، فإننا في المقابل نترك للرأي العام الحكم على كل الحملات المسعورة التي يقوم بها ذوو العيون القصيرة، أو كل من غاص في مستنقع الفساد حتى اشتكى الفساد منه. فحزب الأصالة والمعاصرة أرفع من هذا بكثير، ومشروعه الحداثي يتجاوز كل هذه الترهات. مشروعنا يقوم على بناء المستقبل وبناء المغرب بكل ثقة إلى جانب جلالة الملك وإلى جانب الغيورين عن مصلحة البلاد. س: سبق وأن لوحتم في إحدى أعداد «طنجة تلغرام» بشروع حزبكم في تحريك المساطر القضائية في شأن بعض الملفات التي تهم تسيير الشأن العام المحلي بمدينة طنجة،أليس هذا التلويح هو الذي حرش خصومكم السياسيين لانتهاج مبدأ «أحسن وسيلة للدفاع هي الهجوم»؟ ج: نعم لقد رفعنا شعار تخليق الحياة السياسية ومحاربة الفساد وتعاقدنا مع المواطنين على هذا الأساس. ولهذا فمن الواجب علينا أن نفي بالتزاماتنا وتعاقداتنا اتجاه الناخبين ومع عموم المواطنين. ولذلك لا نتوانى باللجوء إلى مؤسسات حزبنا، كلما تعلق الأمر بتجاوزات تخص مناضلين ينتمون إلى الحزب أوتحملوا مسؤولياتهم في المؤسسات المنتخبة باسم حزبنا. كما نتوجه أحيانا بشكايات إلى القضاء أو إلى المسؤولين الذين نتوفر على حجج تتعلق بتجاوزات في إداراتهم. ولكن في جميع الحالات فنحن نقوم فقط بما يمليه علينا واجبنا كمسؤولين سياسيين. أما بالنسبة لتحريك المتابعة فهي مسؤولية الدولة. س: كيف تقيمون تجربة حزبكم على رأس مجلس مدينة طنجة وكيف هي علاقتكم كأمين جهوي بعمدة المدينة سمير عبد المولى.؟ ج: إن تجربتنا على رأس مجلس مدينة طنجة تجربة متقدمة بالمقارنة مع التجارب السابقة، وخاصة في مجال ترشيد النفقات، وحماية المال العام ومحاصرة البناء العشوائي وملفات أخرى تهم المواطنين مثل أمانديس وشركة الصابو وأراضي الكولف... ومع ذلك فنحن غير راضين على أدائنا ونطمح لتحسينه بما يستجيب لطموحات الساكنة. والآن نحاول قدر الإمكان أن يضطلع المجلس بدوره كاملا، وبكل مسؤولية، وأن يمارس جميع اختصاصاته التي يخولها له القانون. ونحن داخل الحزب عازمون على المضي قدما إلى جانب عمدة المدينة الأخ سمير عبد المولى الذي يحظى بدعم قوي من الحزب سواء وطنيا أو جهويا أو إقليميا. من أجل تحسين مردوديتنا والوفاء بالتزاماتنا تجاه المواطنين، خاصة وأن ساكنة طنجة تعقد آمالا كبيرة على هذه التجربة التي يقودها ولأول مرة في تاريخ الانتخابات بطنجة شاب له تكوين عال وماض نزيه وطموح مشروع. س: وماذا عن طبيعة التحالفات داخل المجلس؟ ج: هذا سؤال مشروع ويطرح علينا باستمرار سواء داخل مجلس المدينة أو داخل الحزب، وهو سؤال طبيعي بالنظر إلى الطبيعة السياسية لمكونات المجلس . نحن داخل حزب الأصالة والمعاصرة نشتغل بوضوح، وطبيعة تحالفاتنا هي انعكاس طبيعي لمواقفنا السياسية التي تتوافق وروح المشروع المجتمعي الذي نبنيه، وهي امتداد كذلك للتحالفات التي يعقدها الحزب على المستوى الوطني . ولذلك سنحاول قدر الإمكان تعزيز هذا الاختيار الذي يشارك فيه إخواننا في التجمع الوطني للأحرار الذين يرتبطون هم كذلك بتحالف وطني ومحلي مع الاتحاد الدستوري. ولهذا فلا نرى تحالفا خارج هذا الإطار الذي يجمع هذه الأحزاب الثلاثة إضافة إلى الحركة الشعبية. يبقى السؤال حول مشاركة كل هذه الأحزاب في تسيير المجلس من خلال تواجدهم في المكتب، ونحن نعتبر هذا الأمر معقولا ومنطقيا ولا نرى مانعا في مناقشة تفاصيله مع إخواننا الغير ممثلين في المكتب. طنجة تلغرام- في الصورة: فؤاد العماري (تصوير: النكري)