بقلم عثمان مبراك: يكتسي التبرع بالدم حمولة إنسانية عالية الرمزية ويشكل بحق مظهرا جليا من مظاهر العمل الخيري المواطن والتضامن الفعال الذي دأبت باستمرار مختلف حساسيات المجتمع المغربي على التجاوب معه. وفي بادرة من التضامن النموذجي، توجه الملك محمد السادس الأربعاء 27 غشت، إلى المركز الجهوي لتحاقن الدم بتطوان، حيث قام جلالته بالتبرع بالدم، وذلك استجابة من جلالته للنداء العاجل الذي أطلقه المركز الوطني لتحاقن الدم، الذي يواجه ندرة كبيرة من هذه المادة الحيوية. من خلال هذه الالتفاتة السخية والملهمة، أبى الملك محمد السادس إلا أن يعطي المثال على سلوك ذي بعد تضامني قوي ينطوي على رسالة إنسانية ويحث جميع المواطنين المغاربة على الانخراط بكثافة في هذا العمل المواطن بامتياز. وتسعى عملية التبرع بالدم في المغرب، التي سخرت لأجلها حملات تحسيسية وجهود تواصلية وإعلامية واسعة، لتفرض نفسها كمبادرة تنم عن حس أخلاقي عال وتمثل للمواطنة الكاملة والمسؤولة. ويكمن الرهان ببساطة في ضمان الحياة لمئات الأشخاص الذين يتوقف مصيرهم على سخاء وتعاطف مواطنيهم. فمباشرة بعد النداء العاجل الذي أطلقه المركز الوطني لتحاقن الدم، استأثر هذا النداء خلال الأيام الأخيرة بزخم وتفاعل قوي على شبكات التواصل الإجتماعي، انخرط فيه تحت لواء واحد الصغار والكبار وعيا منهم بأهمية التبرع بالدم في إنقاد حياة العديد من المرضى. بل إن هذا الزخم اتخذ منحى فريدا، مع اكتساح ظاهرة "تحدي دلو الثلج"، على أن الهدف يكمن في المحصلة في جمع أكبر عدد من المشاركين وتغذية مخزونات مراكز تحاقن الدم التي تواجه عجزا كبيرا. ويعد "تحدي دلو الثلج" الذي أطلق في الولاياتالمتحدةالأمريكية من قبل جمعية لمكافحة مرض التصلب العضلي الجانبي، عملا خيريا. ويتمثل التحدي في أن يقوم المشارك بسكب وعاء من الماء المثلج فوق رأسه وأن يتم تصوير العملية. ويتعين على المشارك اختيار ثلاث أشخاص آخرين للقيام بنفس العملية أو إرسال تبرع للجمعية المعنية. وقد اكتسبت هذه الظاهرة أتباعا لها في المغرب جعلوها تنسجم مع السياق المجتمعي المغربي. ومواكبة لهذه الظاهرة التضامنية الفريدة من نوعها والناجعة أيضا، فقد شارك العديد من المشاهير المغاربة والفنانين ورجال السياسة في هذا التحدي وفق هذه الصيغة الجديدة للتعبئة حول قضية نبيلة. وكان المركز الوطني لتحاقن الدم قد وجه مؤخرا نداء عاجلا إلى المواطنين من أجل التبرع بالدم، وذلك نظرا للنقص الحاد الذي تعرفه بعض مراكز التحاقن بعدد من مدن المملكة، خصوصا في كل من الرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش وأكادير.