- المختار الخمليشي (أصيلة): تدنو الشمس نحو الغروب مرسلة أشعة شاحبة سرعان ما تنكسر بين أمواج المحيط الأطلسي، في منظر طبيعي بديع، يثير كل مساء أعداد كبيرة من سكان وزوار مدينة أصيلة، الذين يتسابقون كل مساء للظفر بمساحة وقوف أو جلوس تمكنهم من متابعة هذا المنظر من فوق سطح برج "القريقية" البرتغالي. هو معلمة أثرية تم إنشاؤها خلال فترة القرن الخامس عشر الميلادي، عندما كانت مدينة أصيلة ترزح تحت الإحتلال البرتغالي منذ سنة 1471، حتى تحريرها على يد السعديين سنة 1589، حيث ما زال يشهد على الأهمية التي ظلت مدينة أصيلة تكتسيها من الناحية العسكرية، بالنظر إلى دور هذا البرج في المراقبة وفي عمليات التوسع الاستعماري في سواحل الشمال الإفريقي. وينتصب برج "القريقية"، الذي يعتبر أعلى نقطة في مدينة أصيلة، على شكل لسان بارز وسط مياه المحيط الأطلسي، واستمد تسميته هذه "القريقية" لشبهه بمزلاج الباب، حيث يعتبر اسم "القريقية" مرادفا للمزلاج في اللهجة الشمالية القديمة. ويشكل هذا البرج آخر نقطة من السور البرتغالي، الذي جعل من مدينة أصيلة قلعة حصينة خلال فترة الاحتلال السالفة الذكر، حيث كان دوره لا يتعدى المجال الحربي، قبل أن يصبح اليوم نافذة لعشاق المنظار الخلابة والاجواء الرومانسية، أمام مشهد غروب الشمس الجميل، وكذا فضاء مفضل لهواة مغامرة القفز والسباحة. مع حلول فترة المساء من كل يوم، يقصد العشرات من زوار أصيلة الذين تغص بهم المدينة خلال فترة ذروة السياحة الصيفية برج "القريقية" للاستمتاع بلحظات الغروب الجميلة التي تمتزج فيها جمالية المنظر بجاذبية السور التاريخي، حيث يطلقون العنان لأبصارهم نحو الافق الذي تبدو من خلاله الشمس وهي تغوص في أعماق المحيط مؤذنة بانصرام يوم آخر من أيام هذه المدينة الجميلة. برج "القريقية" هو أيضا مكان مفضل لهواة مغامرة القفز والسباحة، حيث يختار العديد من شباب مدينة أصيلة هذا المكان خلال فترات المد البحري، لإبراز مهارتهم في القفز من أعلى البرج لتتلقفهم مياه البحر التي تكون على ارتفاع كافي يؤمن سلامة وحياة هؤلاء المغامرين، الذين كثيرا ما تثير شجاعتهم ومهارتهم إعجاب رواد هذا الفضاء التاريخي. والوصول إلى برج "القريقية"، يمر من خلال دروب المدينة العتيقة المرصعة جدرانها بإبداعات فنانين مغاربة وأجانب يبصمون سنويا وجودهم في أصيلة، من خلال موسمها الثقافي الذي تتواصل هذه الأيام فعاليات دورته السادسة والثلاثين، في مساهمة منه على تكريس مكانة هذه المدينة كجوهرة لشمال المغرب وفضاء للثقافة والفنون والتاريخ.