لا حديث هذا الأسبوع بمدينة طنجة إلا عن القرار الذي اتخذته الأغلبية المسيرة بمجلس المدينة، يوم الإثنين المنصرم، برفضها تفويت شركة أمانديس الفرنسية إلى شركة أكتيس البريطانية ذات التمويل القطري، مع إعمال الفصل 72 من عقد التدبير المفوض الذي يعطي الحق لمجلس المدينة شراء ما تبقى من العقد الذي يربطه بأمانديس، وهو ما يعني بعبارة أخرى أن الأغلبية المسيرة لمجلس المدينة المكونة من البام، الأحرار، الاتحاد الدستوري، الاستقلال والحركة الشعبية صوتوا على قرار سياسي، عنوانه الكبير هو الشروع في تنزيل الإجراءات القانونية لاسترجاع تدبير هذا القطاع الحيوي، وبذلك فإن أيام أمانديس أصبحت معدودة. لا بد من الاعتراف أن قرار إنهاء عقدة أمانديس، بغض النظر عن الحيثيات المتحكمة فيه، وعن التوقيت الذي تم اتخاذه فيه، هو من دون شك تجسيد لمطلب "أمانديس إرحل " الذي لطالما انتظرته ساكنة المدينة بعد أن كان يتصدر شعارات الحراك الاجتماعي إبان تظاهرات 20 فبراير 2011. غير أن اللافت في هذا الموضوع هو الموقف الغريب والغير مفهوم الذي اتخذه مستشارو حزب العدالة والتنمية بطنجة، فإخوان بنكيران تشبثوا برفض التصويت على مستقبل الشركة الفرنسية بطنجة، بدعوى أن جدول الأعمال يتضمن فقط اتخاذ قرار بخصوص صفقة التفويت إلى أكتيس البريطانوقطرية، وكان مطلبهم هو تأجيل النظر في اتخاذ قرار إنهاء عقدة أمانديس إلى دورة لاحقة بدعوى أن الأغلبية لا تتوفر على تصور واضح لاسترجاع تدبير هذا القطاع من خلال شراء العقد، وأن هذا القرار سيكلف مجلس المدينة أموالا طائلة، وأن هناك خيارات بديلة باللجوء إلى إعمال الفصول 62/63/65 من عقد التدبير المفوض الذي يعطي الحق لمجلس المدينة فسخ العقد لكون أمانديس أخلت بالتزاماتها، وهذا الخيار لن يكلف مجلس المدينة سنتيما واحدا، ولذلك صوتوا ضد شراء العقد.. طيب يبدو من الوهلة الأولى أن قلوب منتخبي حزب العدالة والتنمية تكاد تنفطر من شدة حرصها على مصلحة المدينة وعلى المال العام، لكن دعونا نضع النقاط فوق الحروف و نناقش الأمر بكل هدوء و وضوح.... إذا كان مقترح الإخوان هو فسخ العقد وليس شراؤه، لماذا لم يعبروا عن ذلك يوم اجتماع لجنة المرافق التي انعقدت يوم 16 ماي، حيث حضر عن العدالة والتنمية أربعة أعضاء يتقدمهم المهندس السي محمد أفقير، الخبير في شؤون التدبير المفوض، وصوتوا بالإجماع على رفع توصية إلى المجلس تقضي باللجوء إلى الفصل 72؟!... وإذا كان حزب العدالة والتنمية حريص فعلا على مصالح الشعب كما يدعون لماذا وقع السي عبد الله الغربي رئيس جماعة أحد الغربية، وهو المنتمي لحزب العدالة والتنمية، على عريضة مساندة لموقف عمدة طنجة بخصوص إعمال الفصل 72؟!! المصيبة أن أعضاء الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية، في ندوة صحفية عقدوها أول أمس، حاولوا إظهار السي عبد الله الغربي في موقع الضحية الذي تم التدليس عليه، ووقَع من دون أن يكون على علم بمضمون الفصل 72، وعندما تدخل هذا العبد الفقير لله تعالى مذكرا الإخوان بكون جماعة أحد الغربية يربطها هي الأخرى عقد التدبير المفوض مع أمانديس، وأن الذي وقع العقد حينذاك هو المهندس السي محمد الدياز البرلماني بحزب المصباح، آنذاك فقط اضطر الكاتب الإقليمي المناضل الشاب السي محمد خيي إلى الاعتراف بكون رئيس أحد الغربية أخطا بتوقيع عريضة الدعم والمساندة لفؤاد العماري، وانه لم يستشر الحزب!!!!... وإذا كان بنكيران وجماعته ملتزمون بالدفاع عن مصالح الشعب لماذا صوتت جماعة الملاليين بولاية تطوان على قبول صفقة تفويت أمانديس لأكتيسن بالإجماع، والحال أن رئيس الملايين ينتمي لحزب العدالة والتنمية، وعلى النقيض من ذلك صوت مجلس مدينة سلا على نفس القرار الذي اتخذته الأغلبية بمجلس مدينة طنجة، أي شراء ما تبقى من العقد، علما أن العدالة والتنمية هي مكون أساسي من مكونات الأغلبية المسيرة بسلا؟!! دابا أنا باغي غير نفهم، شحال كاين من عدالة وتنمية فهاذ البلاد؟!!.. سلا عندها عدالة وتنمية بوحدها، و الملايين بوحدها، وأحد الغربية فيها عدالة بوحدها تا هي ،وطنجة خلاص عندهم العدالة والتنمية شكل ثاني!... كيف يقدم حزب العدالة والتنمية نفسه كحزب جاء للدفاع عن مصالح الشعب وإصلاح البلاد والعباد، وهو عاجز عن توحيد موقفه من ملف بخطورة التدبير المفوض، كيف لحزب يحترم نفسه يسمح لمنتخبيه و مسؤوليه أن يتخذوا القرار على طريقة " كل واحد و فهامتو" ، كل واحد يقرر على حسب مزاجه؟!... لنضع هذا التناقض في المواقف جانبا، ونأتي لنقطة هامة جدا... قاليك آسيدي لماذا لا نلجأ إلى إعمال بنود فسخ العقد بناء على تقارير المجلس الجهوي للحسابات الذي أقر بوجود اختلالات في تدبير أمانديس وعدم احترامها لالتزاماتها التعاقدية، طيب جميل جدا هذا الكلام، وغليض بزاااف... تقرير المجلس الجهوي للحسابات، حسب علمي المتواضع، صدر قبل بضعة شهور على دخول بنكيران إلى المشور السعيد رئيسا للحكومة، والسي مصطفى الرميد وزيرا للعدل، وحيث أن حزب بنكيران مقتنع تمام الإقتناع أن فؤاد العماري وأغلبيته بمجلس المدينة، هم رباعة ديال المفسدين وآخر شيئ يفكرون فيه هي مصالح الساكنة، لماذا لم يبادر الإخوة في حزب العدالة والتنمية إلى مطالبة رئيس الحكومة ووزيره في العدل ترتيب المساءلة القانونية في حق شركة أمانديس بناء على ما تضمنه تقرير المجلس الجهوي للحسابات من اختلالات، بل لماذا لم نسمع صوتا لسبعة برلمانيين من العدالة والتنمية يمثلون طنجة: برحو، الدياز، خيي، بولعيش، سمير عبد المولى ويوسف بنجلون، يضاف إليهم الوزير القوي الصنديد الدكتور نجيب بوليف، لماذا بلعوا ألسنتهم جميعا ولم يتجرأ البرلمانيون على طرح أي سؤال في البرلمان للتنديد بفساد أمانديس، ولماذا لم يتجرأ الوزير بوليف طرح ملف أمانديس في المجلس الحكومي؟!!... الجواب بات يعرفه جيدا هذا الشعب الذي تدعون الدفاع عن مصالحه، وسيشهره في وجوهكم يوم الاقتراع والزمن كشاف... شكرا لأمانديس لأنها فضحت ما تبقى من مساحيق البطولة والدفاع عن مصالح المستضعفين، التي كثيرا ما كان بنكيران وجماعته يخفون من ورائها حقيقتهم التي بدت جلية لهذا الشعب المسكين، هذا الشعب الذي يؤدي فاتورة ثقته في أناس استغلوا تعاليم الدين الإسلامي لحصد أصوات الناخبين، وما إن وصلوا لمركز القرار حتى تنكروا لهذا الشعب وخاصة والفئات المستضعفة التي أصبحت المستهدفة بقرارات بنكيران اللاشعبية... لم يعد خافيا أن العدالة والتنمية حينما فوجئوا بطرح قرار إنهاء عقدة أمانديس، وأن العماري وأغلبيته سيستعملون هذا القرار كورقة انتخابية، حاولوا إفشاله بشتى الوسائل، لأن ما يهم حزب العدالة والتنمية هو الحفاظ على مصلحته بالدرجة الأولى، وأن شعارات الدفاع عن المظلومين والمستضعفين ستبقى مجرد شعارات جوفاء ما لم تكن في خدمة الحزب والجماعة. شكرا لأمانديس لأنها أسقطت ورقة التوت الأخيرة عن حزب يسمي نفسه حزبا للعدالة والتنمية....