(مدشر خندق الزرارع): فوق تل مطل على الطريق الساحلية الرابطة بين مدينة طنجة وجماعة القصر الصغير، تنبسط أمام الناظر مياه مضيق جبل طارق وكأنها بحيرة عملاقة تمتد إلى حدود الضفة الجنوبية للجارة الشمالية للمغرب، من هذا المكان لا يمكن أن تنصرف عين هذا الناظر دون أن تلفت انتباهه بناية أنيقة تطل هي الأخرى على هذا المنظر الخلاب، بناية هي ليست كباقي البنايات، ويكفي أنه تم تعليمها بلافتة حملت عبارة "مجموعة مدارس الزرارع". تعتبر مجموعة مدارس الزرارع، نسبة إلى المدشر الذي تقع ضمن ترابه، من بين المؤسسات التعليمية التابعة للنيابة الإقليمية لعمالة فحص أنجرة، غير أنها وخلافا للعديد من هذه المؤسسات التي تنتشر على شكل مجموعة أو فرعيات في مساحات متفاوتة، استطاعت مجموعة مدارس الزرارع أن تتجاوز الكثير من التحديات التي يمكن أن تعترض أي مؤسسة واقعة في منطقة نائية. وبخلاف الحالة المتردية للطريق المؤدية إلى مدشر الزرارع، المتفرعة عن الطريق الساحلية الرئيسية، يبدو فضاء المؤسسة الوحيدة التي كانت في البدء تابعة لمجموعة مدارس "حسانة"، في غاية الأناقة، مشهد يوحي لأول وهلة بان هناك مجهودات مهمة يتم بذلها من أجل العناية بهذا الفضاء التربوي، حتى ينسجم مع المعايير المتعارف عليها في العلوم النفسية والاجتماعية في مجال التربية. ويقول الأستاذ بنعيسى الفردوسي، مدير مجموعة الزرارع، إن المؤسسة تعتبر من بين المؤسسات التعليمية القليلة التي تتوفر على نادي بيئي، فمعظم المؤسسات تقتصر على أنشطة تلاميذية نوادي البيئة، "بينما مؤسستنا تعتمد على نادي بيئي بيئي يضم التلاميذ والأساتذة على جانب الآباء والأمهات"، يشرح الأستاذ الفردوسي في تصريحات لصحيفة "طنجة 24" الإلكترونية. ويوضح مدير المؤسسة أيضا في تصريحاته التي سيتم إدراجها بشكل مستقل في ركن المرئيات "ميديا"، أن العناية بفضاء المؤسسة ومحيطها، شكلت منذ توليه لمهام الإدارة بها، من بين الجوانب التي تم إيلاء الاهتمام إليها، ويضيف المتحدث، أن هذا من العوامل التي ساهمت في تحقيق نجاح كبير للمؤسسة سواء على الصعيد المحلي أو الوطني. "هذا النجاح في تحقيق رهان توفير فضاء تربوي أمثل، جعلنا نفكر في الدخول إلى نادي المدارس الإيكولوجية، وعليه فسنقدم ترشحنا للمشاركة في مسابقة نسخة السنة المقبلة، بعد أن تعذر علينا ذلك هذه السنة"، يقول الأستاذ الفردوسي الذي أضاف معربا عن ثقته في قدرة مؤسسته على التألق والفوز في هذا البرنامج الذي تشرف عليه مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة. رونق وجمالية المؤسسة، ليس هو الرهان الوحيد الذي أفلحت مجموعة مدارس الزرارع في تحقيقه، بل إن هناك رهانا أساسيا قطعت المؤسسة أشواطا كبيرة في تحقيقهن ويتعلق الأمر بمحاربة الهدر المدرسي. وفي هذا السياق يؤكد الأستاذ بنعيسى الفردوسي، أن معدل الهدر المدرسي بالمؤسسة التي يسيرها هي صفر في المائة، أي أنه تم القضاء نهائيا على هذه المشكلة على مستوى مجموعة مدارس الزرارع. ويشرح المسؤول التربوي في حديثه للصحيفة الإلكترونية، أنه ما كان ليتسنى تحقيق هذا الرهان لولا الاستراتيجية التي نهجتها المؤسسة منذ سنة 2010 تاريخ توليه مسؤولية تسييرها، ويضيف موضحا "قبل التحاقي بمهمة مدير مجموعة مدرسة الزرارع، كنت قد قدمت مشروعا يخص المؤسسة التي أتطلع إلى تسييرها كمدير"، هذا المشروع حسب نفس المتحدث، تضمن سلسة أهداف من أهمها تحقيق رهان مدرسة منفتحة ينعدم فيها مشكل الهدر المدرسي ولديها شركاء يساهمون من جانبهم في إنجاح العملية التربوية. استراتيجية المؤسسة في تحقيق أهدافها، تضمنت أيضا، حسب ما يوضح السيد بنعيسى الفردوسي، مسألة إشراك الآباء والأمهات في العملية التربوية وجعل المدرسة بيتا ثانيا للتلميذ، "الأمهات والآباء اليوم وبفضل انخراط المؤسسة في برنامج محاربة الأمية الذي تشرف عليه جمعية سنبلة لتنمية المرأة القروية الذي أتى بنتائج كبيرة فيما يتعلق بتمكين الأمهات بالدرجة الأولى من تعلم الكتابة والقراءة"، يضيف مدير المؤسسة. هي إذن نموذج مشرق لمؤسسة تربوية، حققت رهانات كبيرة وسط منطقة قروية نائية لم تنصفها المشاريع الضخمة في تحقيق التنمية التي يتطلع إليها سكانها، لكن الأمل يبقى دائما في مبادرات وفعاليات اختارت من التطوع والتفاني في العمل، طريقا للمساهمة في تحقيق هذه التنمية كل من موقعه وإمكاناته.