مر ازيد من شهر على عملية السطو التي تعرضت لها ناقلة أموال بمدينة طنجة بالقرب من البنك الذي كان معينا لكي يكون مكان لتلك الاموال قبل أن ينتقل إلى جيوب وحسابات أولئك اللصوص الذين شاهدهم المغرب وهم يسرقون تلك الأموال بهدوء تام. هذه هي العملية الوحيدة التي حدثت في طنجة والمغرب بكامله التي تمت فيها سرقة مبلغ مالي كبير يصل إلى المئات الملايين أمام أعين الناس وأمام عدسة لكاميرا متخفية وباستعمال سلاح ناري ولم يتم القبض على أولئك اللصوص أو العثور على سيارتهم "بولو" السوداء، وبالتالي يكونون قد تفوقوا في الاختفاء على الطائرة الماليزية التي شغلت الرأي العالمي باختفائها لأسابيع. الآن بدأ النسيان يزحف على عملية السطو هذه، وبدأت فكرة القاء القبض على لصوص ناقلة الأموال شبه مستحيلة، وصار الاحتمال المقبول هو أن تلك المئات من الملايين قد ذهبت دون رجعة، وهو الأمر الذي يدفع إلى طرح العديد من الأسئلة حول هذه العملية غير العادية. هنا تنقل "طنجة24" مختلف أراء وردود بعض من نخب مدينة طنجة ممن أدلوا برأيهم للجريدة بخصوص عملية السطو المذكورة. الكاريكاتير المغربي عبد الغني الدهدوه الحادث المرعب الذي عاشته طنجة المتمثل في عملية السطو الهوليودية على ناقلة الأموال هو حادث مثير ومليء بالعبر، نجملها من وجهة نظرنا في الآتي: 1 إن الحادث يعبر بشكل جلي عن مدى تطور مستوى الجريمة سواء على مستوى الكيف أو الكم، وارتفاع منسوبها بالمغرب وهو ما تؤكده بعض الأرقام الواردة من وزارة الداخلية حيث سقط خلال 2013 حوالي 600 قتيل بالمملكة ضحية جرائم متنوعة الدوافع والأشكال.. 2 الحادث يثير أيضا للمعضلة الأمنية التي ما فتئ يشتكي حالها المواطنون. فهذا الجهاز بالرغم من جهوده الكبيرة وتضحية أفراده، إلا أنه في حاجة إلى تطوير وتجهيز وتأهيل ودعم.. حتى يصبح مواكبا للتحولات الإجتماعية العميقة التي يعرفها المجتمع المغربي.. 3 الحادث يؤكد، ما تشير إليه بعض التقارير الصحافية وبعض المراقبين من أن مافيات أجنبية على علاقة بأفراد مغاربة ينشطون بالتراب المغربي، خصوصا وأن السرقة نفذت باستعمال سلاح ناري وهو أمر لافت وغير معهود بالمغرب.. الكاتب الروائي والصحافي عبد الواحد استيتو عملية السطو على ناقلة الاموال، طرحت، ولازلت، تخوفا لدى الشارع الطنجي من انعدام الأمن فاستعمال السلاح الناري ليس أمرا بسيطا، ويشير إلى نقلة جديدة في عالم الإجرام في طنجة، من الجريمة البسيطة إلى الجريمة المركبة. قد يبدو للبعض أن هذه الجريمة لا تمس أمن المواطن مباشرة، لكن الأمر ليس كذلك بالتأكيد. فهناك حراس الأمن البسطاء الذين تعرضوا للاعتداء، ناهيك عما سيتم تنفيذه بالأموال المسروقة، وهو بالتأكيد لن يكون عملا خيّرا! الكاتب والصحافي خالد الرابطي عملية السطو المذكورة تمثل نموذجا للمنعطف الجديد والخطير الذي تعرفه الجريمة بالمدينة، حيث بتنا اليوم أمام ما يسمى بالجريمة المنظمة، والتي تسبقها تخطيطات على قدر عالٍ من الاحترافية، و تستعمل فيها الأسلحة النارية. وهو الأمر الذي يمكن القول وبكل شجاعة أنه تجاوز قدرات الأجهزة الأمنية و إمكانياتها. والملاحظ أن الأجهزة الأمنية صارت تلعب دورا مشابها لدور إدارة الضرائب في جمع الأموال لفائدة خزينة الدولة، من وراء المخالفات والتجاوزات التي ترتكب على مستوى السير. ولهذا فالشرطة حاضرة و بقوة في السير والمرور، ومتلهفة على استخلاص المخالفات. لكن غيابها شبه تام على مستوى حفظ أمن وسلامة المواطن وممتلكاته، نعلم أن هذا لن يروق للبعض، لكننا لسنا هنا لإرضاء النفوس، وإنما لكشف الحقائق، وبحث السبل الناجعة لحماية أرواح الناس وممتلكاتهم. الشاعر بلال الدواس عملية السطو على ناقلة الأموال عمل اجرامي خطير إلا أن أسئلة كبرى تطرح، حيث لا يمكن لأي كان أن يقوم بهذه العملية دون اختراق للجهاز الأمني المغربي. الصحافي محمد المريني أرى في هذا العمل نوع من الاحترافية بمعنى أن المجرمين خططوا تخطيط دقيق ومن طبيعة الحال استعانوا بالاخرين .. من؟ الله أعلم، لكن ما كانوا ليستخدموا السلاح لو لم يكونوا على علم بأن هناك مبلغ مالي كبير. أظن أن هناك احتمالين إما أنهم قدموا من بلد أوروبي أو من جهة أخرى قد تكون لها علاقة بالمخربين. المحامي والجمعوي كريم مبروك عملية السطو هذه تعري واقعا أمنيا هشا يبرز مدى تطور الظاهرة الاجرامية في مدينة طنجة كمنطقة عبور أصبحت ممرا ومعبرا للقادم والعابر للحدود. وهذا يبرز حجم الجريمة في المدينة والذي لا يمكن إلا وصفه بالمرتفع جدا أمام انتكاسات أمنية متلاحقة ومطالبات متتالية لساكنة المدينة بتوفير الامن وتفعيل مبدأ الحكامة الامنية في التعاطي مع القضايا المحالة على المعنيين بالشأن الامني. كانت هذه مختلف الآراء لبعض نخب مدينة طنجة التي اجتمعت كلها على ارتفاع نسب الجريمة وطريقة ارتكابها، إضافة إلى ضعف الجهاز الأمني في تعامله مع هذه النوعية من الجرائم التي أصبحت تبين على احترافية عالية لمرتكبيها. لكن رغم كل ذلك فإن عملية السطو هذه التي عاشتها طنجة بدأت تسير إلى غياهيب النسيان أمام عجز الأمن على القاء القبض على مرتكبيها وبالتالي صار الاحتمال الكبير أن تبقى هذه العملية مجرد حكاية تطفو على السطح بين الفينة والأخرى لتحكي عن المئات من الملايين سرقت في وضح النهار في طنجة ولم يتم اعتقال اللصوص على عكس باقي الحكايات.