لم تعد مدينة طنجة قبلة للمثقفين والشعراء فقط، بل حتى شبكات الجريمة المنظمة حوّلت بوصلتها نحو المدينة، التي تعدّ واحدة من أكبر مراكز الصناعة والتجارة والمال. أحداث استثنائية عاشت عروس الشمال طنجة، في الفترة الأخيرة، على إيقاع أحداث استثنائية أثارت الكثير من ردود الفعل. فقد سطا لصوص على مبلغ ضخم من ناقلة للأموال أمام وكالة بنكية بعد إطلاقهم الرصاص على حارس أمن خاص، ثم "اختفائهم" في لمح البصر، ودخول مدنيين، أغلبهم محسوبون على ما يسمى ب "تيار السلفية الجهادية"، في مواجهات مع الأمن، الذين تحول طلبهم من سلفي تقديم أوراقه الثبوتية، إثر الاشتباه في أمره، إلى اضطرابات أسدل الستار عليها بتدخل القوات العمومية، وتناسلت الأسئلة المستفسرة حول حقيقة ما يقع في عروس الشمال. محج للأدباء في تصريح ل"إيلاف"، قال محمد الأزهر، الخبير في علم الإجرام، إن "طنجة ستبقى دائما محجًا للفنانين والأدباء، نظرا لموقعها الجغرافي، وطبيعتها المتنوعة وطبائع أهلها، بل هناك الكثير من الفنانين المرموقين استقروا فيها مؤخرا"، مشيرا إلى أنها "تعرف الآن تحولا على مستوى البنيات التحتية والاستثمارات. فهي الآن تعرف تحوّلا اجتماعيا وتنهض من جديد". وأضاف محمد الأزهر: "هي مدينة كسموبوليتية تجمع أجناسًا مختلفة، وهذه طبيعة أي مدينة مماثلة، إذ تظهر جرائم مختلفة وجديدة، وهي طبيعة المدن المتاخمة للحدود، بل إنها مدينة العبور من أفريقيا الى أوروبا وما يقع فيها الآن عادي بالنظر لطبيعتها". حقيقة ظهور الجريمة وقال الخبير المغربي "حقيقة ظهرت جرائم مختلفة، في الآونة الأخيرة، بشكل متتابع، الأمر الذي أثار الانتباه والحال أن الجريمة موجودة لاعتبارات كثيرة. وإضافة إلى ما ذكر، فهي معقل المهاجرين السرّيين، ومعبر للمخدرات حيث تنشط الجريمة المنظمة، وتهريب البشر، ولجوء الفارين من العدالة دوليا إليها". وأكد أنه، تضاف إلى ذلك، الأسباب التقليدية من تنشئة اجتماعية وضيق المجال الإيكولوجي، وغياب دور الثقافة وفضاءات الرياضة لتصريف الطاقات، التي تحتمي بالجريمة وسهولة استقطابها في جماعات متطرفة، التي أصبحت تتنامى في طنجة وغيرها من المدن المغربية، نتيجة إهمال التخطيط للشباب والصغار في أفق تنشئة اجتماعية تحصينية". وأضاف: "على المستوى الثقافي فهي مثل غيرها من المدن التي تعرف غياب إرادة حقيقية لخدمة الثقافة، خصوصا على مستوى الجماعات المحلية". تحوّلات كبيرة يطرح سكان طنجة العديد من علامات الاستفهام حول الأحداث الأخيرة التي عرفتها المدينة. وفي تصريح ل "إيلاف"، قال (م. ر)، أحد الناشطين في طنجة، "المدينة عرفت الكثير من التحولات وأضحت قبلة لمختلف الجنسيات، وهو ما ساهم في بروز أمور دخيلة على المدينة"، مشيرا إلى أن "الأحداث الأخيرة تبقى استثنائية، كون طنجة ما زالت وستظل قبلة للمثقفين، والفنانين، والأدباء العالميين". وأشار إلى أن أسبابا كثيرة لعبت دورا في التحولات التي عرفتها المدينة، مشيرا إلى أن أبرزها هو أنها تشكل محطة عبور ونقطة ربط بين أفريقيا وأوروبا. يشار إلى أن الأجهزة الأمنية تعبّأت لفك لغز جريمة سرقة ناقلة الأموال، التي يرجح أنه تقف وراءها عصابة دولية تمكّن عناصرها من الفرار إلى خارج المغرب. (*) عن صحيفة "إيلاف" السعودية