بينما يستعد الكثيرون إلى طي صفحة سنة 2013، من خلال التنافس في اختيار شخصية السنة أو جرد أهم الاحداث التي ميزت السنة التي بدأت شمسها تدنو من المغيب، هناك آخرون حتما يتذكرون أسماء شخصيات اختارها القدر لتكون آخر محطتهم في هذه الحياة الفانية في 2013. هي سنة الحياة، لكن مع ذلك تظل فعالية الموت في تغييب أشخاص عن هذه الدنيا محدودة، لأن الكثير منها ببساطة يظل حاضرا في الأذهان والقلوب، وذلك بفضل عطاءاتهم العلمية والثقافية التي بصموا بها الساحة قبل أن يودعو بلا أي استئذان. ثلة من الأسماء الخالدة في مدينة طنجة، غادر أصحابها الدنيا هذه السنة، استحضرنا بعضها في هذه الورقة، مع التأكيد أن هناك آخرين ستظل أسماءهم محفورة في الذاكرة، ولو في غير حفلات تأبين أو مناسبات عابرة. محمد الغربي.. فارس الأثير بتاريخ فاتح ماي 2013، ستسيقظ الأسرة الإعلامية بمدينة طنجة، على وقع مصاب جلل، هو وفاة الإعلامي الكبير محمد الغربي عن عمر ناهز ال 77 من العمر، وذلك بعد مسيرة حافلة بالعطاء الإعلامي لصالح مختلف القضايا الوطنية. بدأ الراحل الذي يعتبر من مواليد مدينة طنجة سنة 1933، مسيرته الإذاعية من خلال محطة طنجة الدولية، التي التحق بها صيف سنة 1954 ، وهناك قام بمهام إذاعية عدة ، كان أبرزها ، إعداد و تقديم النشرات الإخبارية التي ارتبط بها صوته لفترة طويلة ، كما كان محمد الغربي أحد ألمع و أشهر الواصفين و المعلقين الرياضيين ، الذين أرسوا قواعد التعليق الرياضي و أحدثوا ثورة في هذا المجال على مدى سنوات طويلة . لكن أهم ما سيميز المسار قيدوم الإذاعيين المغاربة محمد الغربي ، كان هو لقاءه بالملك الراحل محمد الخامس حين قام هذا الأخير بزيارته التاريخية لمقر إذاعة طنجة في 19 شتنبر 1957 ، فكان المرحوم هو واحدة من الذين أطلق عليهم الملك الراحل لقب فرسان الأثير الثلاثة، ويتعلق الأمر بكل من محمد الغربي، المختار الحليمي و محمد بنعمر. محمد العربي الزكاف..صوت ضد الإنقلاب لم يكن فارس الأثير الراحل محمد الغربي، وحده الذي اختطفته المنية من بين أفراد أسرته الإعلامية خلال هذه السنة، فقد أبى القدرأن يجعل من الأستاذ محمد العربي الزكاف، ثاني قيدوم إذاعي يغيب عن الحياة هذا العام. فإلى غاية رحيله يوم 7 أكتوبر 2013، ظل العربي الزكاف المولود سنة 1942 بطنجة، من خيرة الأصوات الإذاعية التي أثثت أثير إذاعة طنجة منذ التحاقه بها سنة 1962 . اذ يعد الفقيد من الأصوات الرخيمة التي شدت إليها مستمعي إذاعة طنجة من خلال إنتاج برامج اجتماعية و تربوية وترفيهية عكست مهنية عالية و إخلاصا في العمل الإذاعي يشهد له به الجميع . وعلى امتداد أزيد من أربعين سنة قام المرحوم محمد العربي الزكاف بإعداد و تقديم العديد من البرامج الإذاعية على سبيل الذكر : بين المدارس ، نرحب بجاليتنا ، على طرف لساني ، إلا ما اغنت تستر ، الميكروفون الخفي ، سلّك احسلك ، ثلاثة و ضاما . وبالرغم من إحالته على المعاش سنة 2002 استمر الراحل في مواصلته عطائه الإذاعي عبر أثير إذاعة طنجة من خلال برنامجه الشهير " على طرف لساني "إلى غاية سنة 2008 . كما ارتبط اسم المرحوم الإذاعي محمد العربي الزكاف بالبيانات التي كان يتلوها رفقة الفقيد الإذاعي مصطفى عبد الله و التي جسدت وقوف إذاعة طنجة إلى جانب الشرعية الوطنية إبان المحاولة الإنقلابية الفاشلة أو ما يعرف بحادث الصخيرات. أيمن المرزوقي..سجين سنوات الرصاص بشكل مفاجئ وصادم، سيخرج خبر وفاة المناضل أيمن المرزوقي من داخل بيته الكائن بشارع الحسن الثاني بطنجة يوم 12 فبراير2013، لينزل على رؤوس أفراد عائلته رفاقه وتلاميذه كالصاعقة، حيث سيكتشف الجميع أن الراحل قد توفي قبل هذا التاريخ بيومين من اكتشاف جثمانه. الراحل كان يشتغل قيد حياته أستاذا لمادة الفلسفة بثانوية زينب النفزاوية بمدينة طنجة، وقد تم اعتقاله في بداية الثمانينات و حوكم ب 30 سنة سجنا فيما كان يعرف بسنوات الرصاص، حيث تعرض للتعذيب، تسبب له بمضاعفات عدة ظل يعاني منها الى حين وفاته. محمد الكرفطي.. رائد العيطة الجبلية رواد الساحة الفنية بطنجة وشمال المغرب، هم أيضا فجعوا برحيل علم فني هذه السنة، محمد الكرفطي رائد العيطة الجبلية، سيغيبه الموت يوم 3 شتنبر 2013، بعد أن أصابه طارئ صحي مفاجئ، اقتضى نقله إلى مستشفى محمد الخامس بطنجة، حيث كان الموت هناك في انتظاره ليأخذ معه روحه. ويعد الراحل الشيخ أحمد الكرفطي، من أبرز الوجوه الفنية، من أقطاب فن العيطة الجبلية بمنطقة شمال المغرب، حيث يحسب له دور كبير في العناية بهذا التراث الفني والمحافظة عليه. حيث تميز بأداء أغانيه التراثية لمدة زادت عن 30 سنة. وسبق أن تم تكريم الفقيد اكثر من مرة، كان أبرزها سنة 2009، خلال فعاليات مهرجان الطقطوقة الجبلية، الذي تنظمه جمعية اجراس للتنمية والثقافة بطنجة. محمد شبعة.. مجدد الفن التشكيلي في أوج روحانيات شهر رمضان الفضيل، ومساء يوم الأربعاء 24 يوليوز 2013، سيلبي الفنان التشكيلي الطنجاوي نداء ربه بعيدا عن مسقط رأسه بطنجة، في مدينة الدارالبيضاء يرقد جثمانه اليوم. وللراحل المولود سنة 1935، حضور متميز في الساحة الفنية ومساهمات رائدة في مجال التربية البصرية والهندسة المعمارية والتكوين في الفن التشكيلي، حيث تحمل مسؤولية تسيير وإعادة تأهيل المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان. كما عمل الفقيد على تطوير الفن التشكيلي المغربي، انطلاقا من الموروث الفني التقليدي في ارتباط مع ما أبدعه ويبدعه الصانع الحرفي وقد أقام الفنان عدة معارض فردية وجماعية، داخل وخارج المغرب، بوأته مكانا طليعيا ضمن صفوة المبدعين المجددين في الساحة التشكيلية الوطنية. وتنقلت لوحاته بين عواصم فنية كبرى مثل بروكسيل وشيكاغو وواشنطن وبيروت ومونريال والقاهرة ومدريد ولشبونة ودمشق وتونس. وكان محمد شبعة من المدافعين عن الهوية المغربية في عمقها وتنوعها، إذ عمل على إدماج الفنون التقليدية المغربية في التشكيل الحديث. معاذ بن الصديق.. خير خلف لخير سلف بعد عامين ونصف من توليه مهمة تسيير شؤون الزاوية الصديقية، خلفا لشيخها المرحوم الحسن بن الصديق، سيلبي مقدم الزاوية الجديد نداء ربه يوم 4 غشت 2013، عن سن يناهز الستين من العمر. وكان المرحوم من الكفاءات العلمية المرموقة في مدينة طنجة وفي شمال المغرب، حيث اشتغل أستاذ في سلك التعليم العمومي، وله عدة إسهامات في علم الفقه و الشريعة. محمد الحسيني البقالي..أستاذ المحدثين عن عمر يناهز 110 سنوات، لبى العلامة محمد الحسني البقالي، نداء ربه صبيحة يوم الإثنين 7 يناير 2013، بعد مسيرة علمية حافلة. ويعتبر الشيخ العلامة الراحل من مواليد قبيلة فحص أنجرة قرب جماعة القصر الصغير، من أكابر علماء مدينة طنجة، وقد درس على الشيخ مجموعة من الشيوخ سواء في الداخل أوالخارج أمثال الشيخ الزيناتي، وتولّى الراحل مهمة الخطابة وهو ما زال شابًّا يافعًا، حيث خطب بقريته، ثمّ انتقل إلى مساجد عدّة بمدينة طنجة وخارجها ، ومنها: مسجد البرانص، والعوّامة، والدّايموس، والزّاوية الصّدّيقيّة، ومسجد الأبرار. وقد تخرّج على يديه علماء ومحدّثون، وفقهاء وأصوليّون، وسهر على إعداد طلبة هم اليوم خيرة علماء طنجة وخطبائها، كما تتلمذ عليه أجيال من الطّلبة، فمنهم: العلاّمة المحدّث الشّيخ الراحل الحسن بن الصّدّيق ، والشّيخ المحدّث عبد الله التّليديّ، والعلاّمة المشارك محمّد الأنجريّ، وأجاز الكثير من داخل المغرب وخارجه،