استطاع ميناء طنجة المتوسط 1 منذ دخوله حيز الخدمة في يوليوز 2007 أن يجسد بالملموس جزءا من تطلعات المملكة لإنشاء مركب مينائي ضخم يمثل أرضية عالمية صناعية ولوجيستيكية مندمجة في شبكة المبادلات الدولية بين أوروبا وآسيا والأمريكيتين وإفريقيا. ويعزز ميناء الحاويات طنجة المتوسط، الذي ينشط فيه رواد عالميون في مهن الموانئ وتبلغ قدرته الاستيعابية حاليا 3 ملايين حاوية، عرض البنيات التحتية المينائية الحديثة في هذه المنطقة من العالم التي تستقطب 20 في المائة من النقل البحري العالمي للحاويات، جاعلا من منطقة الشمال قطبا اقتصاديا محوريا. وتفيد آخر الأرقام أن حركة نقل الحاويات بميناء طنجة المتوسط بلغت، في الفصل الأول من 2013، مليون و200 ألف حاوية (وحدات تعادل 20 قدما)، مسجلة ارتفاعا نسبته 36 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من 2012، مما يعكس الإنتاجية الجيدة للميناء، فضلا عن ثقة مموني السفن. وإلى جانب نشاطه الأساسي كميناء للحاويات، تحتضن هذه البنية أنشطة أخرى مينائية (أرصفة لرسو البواخر، ونقل المسافرين والبضائع والمحروقات) وأنشطة برية من خلال إحداث منطقة لوجيستكية وصناعية وخدماتية، فضلا عن قربه من المنطقة الحرة للتجارة بمدينة طنجة التي تبعد عنه 40 كلم. واستقبل ميناء طنجة المتوسطي في دجنبر الماضي (ماركو بولو) أكبر سفينة حاويات في العالم، وأحد رموز التقدم التكنولوجي في مجال النقل البحري التجاري، بما يؤكد بالملموس الأهمية الاستراتيجية للمركب المينائي المتوسطي، باعتباره أحد الممرات البحرية الأكثر ازدحاما في العالم. وافتتحت أول محطة الحاويات يوم 27 يوليوز 2007 من قبل الملك محمد السادس بعد خمس سنوات من الأشغال وبتكلفة تتجاوز 22 مليار درهم، عززها بناء مرفأ للعبارات يخدم 5 ملايين راكب و500 ألف سيارة تدخل سنويا إلى المغرب، فضلا عن مرافئ للسلع بمختلف أنواعها، ومرفأين لكل من الغاز المسال والنفط. ويسعى الميناء، الذي تتولى إدارته الوكالة الخاصة طنجة المتوسط، كبنية تحتية متكاملة إلى بلوغ حركة نقل تصل إلى 3,5 مليون حاوية في أفق 2020، وجلب استثمارات من القطاع الخاص بقيمة مليار أورو بالإضافة إلى إحداث 145 ألف منصب شغل. كما يتوفر الميناء على مركز للمحاكاة والخبرة البحرية هو الأول من نوعه في إفريقيا والبحر المتوسط وبدأ الاشتغال به في مطلع السنة الجارية كأحد المراكز العشرة الأولى من نوعها في العالم على مستوى التقنيات وجودة الخدمة، فضلا عن مركز المراقبة الأمني الذي تم إنجازه وفق القوانين العالمية المعتمدة المتعلقة بسلامة الملاحة البحرية والمسافرين. ولا يزال هذا المشروع الطموح متواصلا من خلال أشغال إنجاز الميناء الثاني من مركب طنجة المتوسط الذي أسندت الوكالة الخاصة تشييده لائتلاف شركات تقوده مجموعة "بويغ". وبلغت نسبة تقدم أشغال إنجاز ميناء طنجة المتوسط 2 حوالي 70 في المائة ويرتقب أن يمكن الميناء الجديد من معالجة خمسة ملايين حاوية سنويا، ليرتفع عدد الحاويات المعالجة بالميناءين الأول والثاني إلى 8 ملايين حاوية. ومن المرتقب أن تنتهي أشغال بناء الشطر الأول من الميناء الثاني نهاية السنة القادمة، من خلال إقامة محطة يبلغ طول رصيفها ألف و200 متر بطاقة استيعابية تبلغ 2,2 مليون حاوية. ويرتقب أن ينطلق العمل بهذه المحطة بداية سنة 2015 باستثمار تزيد قيمته عن 8 ملايير درهم، كما أن حق استغلال هذه المحطة سيمنح للفاعل المينائي "مارسا المغرب" لمدة 30 سنة، في حين سيبلغ طول رصيف المحطة الثانية المرتقب إنجازها لاحقا ألفا و600 متر وتبلغ طاقتها الاستيعابية 3 ملايين حاوية، مما سيخول تلبية حاجيات نمو سوق النقل البحري بالمنطقة. ومع اكتمال أشغال ميناء طنجة المتوسط الثاني بشطريه، سيتحقق طموح إنجاز أول ميناء على صعيد البحر الأبيض المتوسط وبالقارة الإفريقية، بطاقة استيعابية إجمالية تبلغ 8 ملايين حاوية (وحدات تعادل 20 قدم)، مما سيفتح آفاقا جديدة للتنافسية والتنمية بالنسبة للمغرب.