عندما تكون في مدينة الضحى بلا شمس، و العمران مع شوهته، و السكن الشعبي الشعبوي، والأبراج مع ما ارتكبته من جرائم في حق الانسان و بيئته، فاعلم أنك في في طنجة. عندما تكون في مدينة يختلط مساء هوائها النقي بدخان الأزبال المنبعث من مطرح النفايات الذي عجز المسؤولون على حل معضلته، و إيجاد مطرح مناسب بعيدا عن أنوف العباد، رغم البقع الأرضية العديدة التي فوتت لهذا و ذاك، فاعلم أنك في طنجة. عندما تكون في مدينة بساحلين، المتوسطي، و الأطلسي، و بدون شاطيء بلدي آمن يسبح فيه أبناؤها، بينما حجبت فيلات "الفخفخة" و "العنطزة" عن الناس كل أسباب رؤية البحر، فاعلم أنك في طنجة عندما تكون في مدينة بها أضخم شركة للسيارات، و أكبر ميناء تجاري على المستوى الإفريقي و ربما المتوسطي، و شركات أجنبية كبرى لتدبير القطاعات الحيوية، و ملعب من المستوى الأولمبي، و بدون فريق لكرة القدم في مستوى تطلعات جمهوره، فاعلم أنك في القطب الاقتصادي الثاني على المستوى الوطنى. و القطب الأول في مجال السمسرة، و الارتزاق السياسي، بكل ما أوتى أصحابه من حيل، و قوة، و جبروت، حتى صارت المدينة عنوانا للفساد على كل المستويات. و رغم أني لست فقيها رياضيا حتى أتحدث و أناقش و أحلل الوضع الذي يوجد عليه الاتحاد المحلي، إلا أنني و بدافع الغيرة كعادتي، أحب أن أنفث بعض من قطرات سم كلماتي في وجوه بعض المرتزقة الذين أوصلوا الفريق إلى ما هو عليه الآن، و يقال أنه على وشك النزول للقسم الثالث، يعني " التريسيرا " باللغة التي يفهمها العامة، وليس بلغة الجامعة المفرقة التي لا تعير لصوت الشارع أدنى اهتمام، و أوصلت أزمة كرة القدم المغربية إلى نفق مهول نهايته. مرة، و في أحد اللقاءات الصحافية التي حضرها الوالي السابق لجهة طنجة-تطوان، صرح بأنه لم و لن يتدخل لدعم أي نشاط رياضي بالمدينة، وأنه يرفض بصفة قطعية العمل على مساعدة الفريق المحلي، حتى لا يقال عنه ما لا يحب. وواقع الحال أن تصريح حصاد باعتباره عارفا بخبايا الأمور، كونه رجل السلطة الأول بالمدينة، فيه ما فيه من إشارات واضحة، تفيد أن الذين سبق و سيروا الفريق لم يكونوا بالنزاهة التي يحكون عنها، و أن السمسرة و الارتزاق و التلاعب بحسابات الميزانيات، كانت ميزة غالبيتهم. و قد كنا و لا زلنا نردد و نقول، أن الرياضة إذا سيطرت عليها السياسة، فاقرأوا عليها الفاتحة، و كذلك فعلنا في طنجة، و منذ أن عرف أباطرة الفساد الانتخابي الطريق إلى كرة القدم، و الاتحاد الرياضي ينزف دما، و قلوب الجماهير تتمزق. وها نحن اليوم نتفرج على فريق صُرفت عليه ملايين الدراهم و هو يهوي، و تُروضه فرق لا تمتلك حتى ملاعب معشوشبة، ولا حتى جماهير تساندها و تتنقل معها كما للاتحاد المحلي. و السبب حب الأضواء، و الشهرة، و الرغبة في الاغتناء عبر مسلك الرياضة، الذي لطالما أوصل التفاهة إلى قمة المسؤولية السياسية. نقول التفاهة ونعي جيداً ما نقول، لأن الذين وصلوا إلى مراكز المسؤولية عبر الرياضة، سواء كرة القدم، أو كرة السلة، لم يؤسسوا لهذه المدينة سوى بداية مرحلة الاستنزاف، التي واصلها خلفئهم، و لا زال آخرون يسلكون نفس الطريق، عبر رفع شعار الغيرة التي لا يعرفون منها غير الاسم أو المعنى. و لا شك أن الذين يسيرون مكتب الاتحاد الآن، و الذين يسجلون أقبح فترة عرفها الفريق عبر تاريخه الطويل، هم أدرى بهذا الكلام، ويعرفون جيدا أن الذين ناضلوا مؤخراً من أجل تفويت مبلغ مليوني درهم من ميزانية مجلس العمالة لدعم ما تبقى من مشواره المخيب، كانوا يعلمون المصير المنتظر، و كان أولى لهم أن يخصصوا الميزانية لما هو أنفع، فالمدينة في حاجة إلى كثير من الإصلاحات، أولها عقول المدبرين للشأن المحلي و للأسف. أما نحن، فلا حرج لدينا إن كان فريق المدينة في القسم الثالث أو حتى الرابع إن كان له وجود. المهم أن يمثل المدينة حق تمثيل، و يحترم مشاعر الجمهور الطنجاوي الجميل، الصابر، و المناضل. و يسيره طاقم رياضي سليم العقل و الروح، لا مرتزق سياسي، و لا "بْزْنَاسْ". ففي طنجة تعوَّد الجميع ومنذ القدم، على الاستمتاع بالكرة و اللعب الجميل، من خلال متابعات دوريات الأحياء، بملاعب "الشريف"، و" السواني "، و " الحلوية "، و " البرادار " و اللائحة طويلة. وكان الناس سعداء وهم يَعْبرون الشوارع في اتجاه مرشان لمؤازرة النهضة، و الشباب، ثم الاتحاد فيما بعد. و سواء نزل الفريق أم لم ينزل، فشعار "الما والشطابة"، لا بد أن يرفع من جديد في وجه الذي جعلوا من وضعية الاتحاد الرياضي انتكاسة أثرت و بشكل واضح على نفسية الجماهير الطنجاوية، إنهم أشباه السياسيين الذين لابد من تشطيبهم من ذاكرة طنجة التي نهبوها، و شوهوا كل شيء جميل فيها. فالأمل أن تصلهم هذه الرسائل، و أن يحملوا أسمائهم، و ينصرفون عنا غير مؤسوف عليهم. فقد ضِقنا و ضاقت المدينة بهم. و نسألهم الرحيل.