تقتصر برامج الاذاعات الوطنية على صبغة إجرامية مثل مسرح الجريمة و اخطر المجرمين و التي تحتوي في مضمونها على بعض الجرائم منها ما فوق الخيال و منها ما هو واقع, لكن ما هو ملاحظ على هذه البرامج أنها تقتصر على إعادة تمثيل الجرائم الجنائية من سرقة موصوفة وقتل و اغتصاب و اختطاف و التي يكون أبطالها من الطبقة الفقيرة المهمشة حيث يكون معظم أبطالها مدمنين أو تحت عتبة الفقر أو الطمع, لكن إلى جانب هذه الطبقة توجد طبقة غنية و أبطالها ذو مناصب عليا و حساسة داخل البلاد من أحزاب و رجال أعمال و غيرهم هم مرتكبي هذه الجرائم بكل أنواعها للفرد الواحد, وهذا الكلام ليس مجرد سرد ولكن هناك حالات حقيقية ملموسة على ارض الواقع تابعها الرأي العام و أبطالها أشهر من نار على علم, لكن لم يتم إعادة تمثيل هكذا قضايا أو الجرائم في هذه البرامج مما يجعلنا نعيد قراءتها في كل مرة تعرض فيها قضاياها خصوصا أولئك الدين تميزت جرائمهم بنهب المال العام و تحويلها إلى بنوك خارجية أو شراء عمالة بها او تخزينها في شكل أراضي و عقارات ولم يتم إلى حد الآن تمثيل جرائمهم مع العلم أنها كانت محض متابعة لهم من قبل الرأي العام مما يجعل السؤال مطروح: هل نهب المال العام لا يعد جريمة? و إلى أي معيار يتم الاستناد عليه لتحديد جريمة من غيرها..؟؟وهل يعد القانون الجنائي مصدر عقوبة لكافة الجرائم أم انه استثناء لبعضها..؟؟ حيث عرفت العشر السنين الأولى من حكم عهد الملك محمد السادس فضح ومتابعة العديد من قضايا الفساد المالي ولم يتم دمجها في هذه البرامج و إعادة تمثيلها و السبب غير معروف..!! مدام القانون يعلو ولا يعلى عليه فعلى هده البرامج إدماج هكذا جرائم حتى يكون عبرة لمن بعدهم و بالتالي التوفيق بين كل الطبقات الاجتماعية و تمثيل كل أنواع الجرائم دون إقصاء البعض على حساب البعض الآخر,كما أن هده البرامج لم تزد سوى في ارتفاع مستوى الجريمة وكيف يتم الاستفادة من أخطاء بعض المجرمين وتحويلها إلى نقاط ايجابية في العمليات المقبلة وبنجاح,كما تغفل حلقات هده البرامج عن معالجة وطرح مشكل الاكتظاظ داخل الغرف السجنية والتي لا تزيد إلا في ارتفاع مستوى الاحتقان بين النزلاء و الرفع من مدة المحكوم في حالة ارتكابه جريمة داخل السجن,وتغيب عنها أيضا معالجة إشكالية الحفاظ على النزلاء لأعوام طويلة قيد السجن الاحتياطي دون النظر في قضاياهم,كل هده الإشكاليات كان يجب دمجها في حلقات حتى يتم معالجة مشاكل حقيقية يعيشها النزيل المغربي,فالنزيل لا يحتاج المحلل النفسي الذي يتحدث في غيابه,بل يحتاجه إلى أن يتحدث أمامه و عنه,كما أننا نؤيد فكرة وضع مراكز الشرطة وبكثافة داخل الأحياء الشعبية و المناطق الخطيرة في إطار حكامة أمنية و تقريب الأمن من المواطن تحت تدبير استراتيجي محكم تشرف عليه وزارة الداخلية وكل المعنيين بالأمر. فالمجرم ليس بالضرورة يكون فقيرا فقط و إنما حتى الأغنياء يرتكبون الجرائم و لا ندري ما بال هده القنوات و التغاضي الذي تنهجه في مثل هده الجرائم و عدم تمثيلها مادمنا في دولة الحق و القانون فعلى هده القنوات تجسيد هده الجرائم تحت ظل الديمقراطية الوطنية هدا من جهة, ومن جهة أخرى نجد من يتناولون هده الجرائم هم ضباط ممتازين و محللين نفسيين مع كافة الاحترام لهم, مما يطرح أكثر من تساؤل عن الوقت الذي يتم فيه تسجيل آراءهم و الإدلاء بها و اانتقادتهم, أليس من الطبيعي أن يتم الاستفادة من هدا الوقت لفائدة مصالح المواطنين و العمل الجيد و المجهود الدؤوب لصالح الوطن حتى لا يتم تسجيل أي قضية ضد مجهول؟؟ اللهم ادا كان يتم تسجيل هده الآراء خارج وقت العمل, و مادامت القضايا الجنائية أو الجرائم بصفة أخرى في تمثيلها تتحلى بمحلل نفسي لمادا لا يتم إقحام هده النوعية من الموظفين داخل السجون المحلية الوطنية..؟ أولا حتى يتم امتصاص المجازين في هدا الاختصاص والتي تغيب في مجالهم مباريات التوظيف فلا نعلم ما فحوى فتح هدا الاختصاص وتبذير اعتماده مدام ليس هناك تدبير له! هدا من ناحية, و ثانيا حتى نجعل من المجرمين إما عن قصد أو عن غير قصد مواطنين صالحين و بأقل الأضرار. هدا المجرم الذي تتحدث عنه البرامج ومراكز الشرطة والتحريات الم يكن قبلا مواطنا عدى كونه صالح او غير صالح..؟ هدا راجع إلى المناخ الذي تربى فيه الدولة مواطنيها مدام المواطن يحصل على كافة حقوقه الاجتماعية و الاقتصادية فهل سيضطر إلى ارتكاب جريمة? و بالتالي يصبح مجرما!! نحن هنا لسنا مدافعين عنهم و لا معارضيهم و لكننا في موقف حياد يجعلنا نعيد النظر في مثل هده البرامج فبدل من تجسيد جرائم و غيرها يجب التفكير في وضع برامج تعيد قراءة المؤسسات العامة من الناحية الاجتماعية و تمتيع المواطنين بكافة حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية من سكن و تعليم و صحة و ضمان اجتماعي... ومدام الدستور و القوانين تؤكد على تلك الحقوق فإننا لن نترك المجال للمنظمات و الجمعيات الأجنبية لتقييم مدى محبة الأجهزة والمؤسسات الوطنية للمواطن و تمتعيه بكل الحقوق في المقابل تلبية واجباته خاصة تلك التي تعتني وتهتم بالسجون المحلية والوطنية. * باحثة في الشان العام المحلي