إذا أردت أن تتحدث إلى امرأة حزينة, خذ معك صمتك. خذ ذاتك كُلّها. قل: هذا أنفي سأهبه للنعش المغطى بالبنفسج. لا تقف عند السؤال. نساء الحرب يرتبن أوجاعهن حسب المكان. ماذا ؟ تعتقدون أن الحديث عن السياسة و الإدارة والجرحى و القتلى سوف يؤجل نهايتنا؟ لقد تسلق المهرج المنصة. كان ثمة نمط معين في هذا السيرك الذي يقوم به. ففيما كان يلقي كلمته, كان مساعدوه يلقون بفقاعات الصابون, ترتفع للأعلى, وتحلق حول المنصة, ثم تطير باتجاه البحر. و في الوقت نفسه, كان رجال آخرون يفرغون بعض الأشجار من الشاحنات. و يغرسونها في تربة نترات البوتاسيوم وراء الجموع الحاشدة ليختفي الآجر الأحمر و تتوارى الأكواخ البائسة. أشار إلينا بيده, و صاح بأعلى صوته:" لم نعد لقطاء. أنظروا ! ذلك المقعد سيكون مقعدنا". أنت. ماذا قلت لحاملي الوهم ؟ صَمتت. حملت في وجهي مسدسا من البلاستيك و تخيلته محشوا برصاص حقيقي. يا للسخرية ! العدو منحك فرصة قتل أنثاك, ثم لتمددا معا في قبر واحد. هكذا, بعد أن مارس على عقلك و إرادتك كل أنواع القهر. الآخر بشَكل مُعلن, ابتكر فكرة شَديدة السَّادية و السَّوداوية و رَسم مَشهدا دراميا لا مَنطق فيه ولا رحمة. و تناسى أن الإنسان مَهما كان فاسدا فهو بائس في النّهاية. لا أحد بكا مَعهم, غير أن للذّاكرة صوتا يشبه الوجع و ألم الجروح المفتوحة. قَال الأَمير: تَعتقدون أن الخَلاص مع الدجّال ؟ فهمتكم ...فهمتكم. لأن الشجاع يموت مرة واحدة. و الذي يلوح أو يدعي استعمال السلاح, إما أن يتقدم أو ينتهي. فإذا كان باستطاعة أولي الأمر منهم- السيطرة على أفكارنا, فإنهم بذلك سيتمكنون من ممارسة سلطاتهم بأمان. و لن يكونوا بحاجة إلى مرفق الأمن . و سنقوم بضبط أنفسنا بأنفسنا. إننا صور بشريّة تتكرر. كل الخوف أن تلتقي العيون في لحظة صدق. نفوسنا معذبة, سادية وغريبة. تاهت الأبعاد المتقاعسة في الذّاكرة. تستفحل لفرط الوهم. بسطتُ الصّمت بداخلي ليتمدد الأنين. الحزن يلجم موهبتي عن التفكير إلى الأمام. تتشتت بقايا أحلام ترتعد أمامي. و أنهلت أحفر بأظافري قبرها بين ورود الحديقة... كلما ارتفعت بي. ارتفعت بك, أكثر.. فأكثر. لطالما صالحت الغدر بتذكرة رحلة مؤقتة و طريقي طويل. فالباخرة التي تحملني لا تقصد الوصال. اضحك. ابكي. فتاة الثلاثين في غثيان واع بالزمن توحي بالاختلاف...سنتحدث ! فالفراغ الذي زرعته حملني أكثر من جرح. كنت أتقن وأدك في أعماقي..الآن, تلعثمت...كيف أسحق بعدك قلبي الموجع بالسؤال؟ لا شيء يبدوا في وجهي سوى عينين تائهتين. لا تبحث عن نظره أو شخص بعينه.تستأنس بالفراغ. لقد تحولت كالسحر. و كأن السماء تعبت من الوجوه المتشابهة ! إلا أنني ّ نظرت إلى الأمام أكثر مما إلى الخلف. لعلّ الشماتة في مثل هذه المواقف الحزينة إنسانيا فيها نوع من البشاعة و الحقد غير المشروع. و لكن, من يضبط الشماتة و هي تتسكع في المدينة عارية. لا أحد يضمن [email protected]*