علمت "طنجة24" أن شابا من مدينة العرائش لقي مصرعه و هو يقاتل في صفوف عناصر الجيش السوري الحر أواخر الشهر الماضي. و نعت صفحات الجهاديين على الإنترنيت الشاب ياسين بروحو 31 سنة واصفة إياه بالشهيد و البطل المغوار.ياسين لقي مصرعه على حاجز عسكري بمدينة اليعقوبية التابعة لمحافظة إدلب،منطقة جسر الشغور المتاخمة للحدود التركية بعد مشاركته في العمليات القتالية الجارية ضد نظام بشار الأسد. ونعى أبوبكر هاشم أحد النشطاء المقربين من الجهاديين على صفحته بالفايسبوك، ياسين بروحو.و كتب هاشم وهو ليبي الجنسية و يعيش في بريطانيا حيث يشغل عضو الإدارة العامة للجنة شؤون الجرحى بتركيا ومسئول الدائرة الإعلامية فيها حسب الوصف الذي يعرف به نفسه، واصفا ياسين “بصاحب العزم القوي، والروح المرحة والخلق الحسن،و الهمة الراقية والمعنويات المرتفعة أبو هاجر (ياسين بروحو المغربي). كنا أول وسيلة إعلامية تزور منزل عائلة ياسين بروحو الذي يقطن بديور النصاري التابع لحي ديور حواتة (المعروف عن قاطنيه الصيد و بيع الحوت والسمك). لم نتكبد أي عناء فى إيجاد المنزل، فالجميع هنا يعرف ياسين، والكل يتحدث عن طيبة أخلاقه و يدعو له بالرحمة.إحدى النساء قالت لنا و نحن في الطريق “ما وقع قدر الله و هذا ما كُتب على ياسين “. وجدنا أمه و أخته في باب المنزل يتقبلان تعازي الجيران و العائلة،ثم قامت الأم التي يبدو عليها الحزن بإستقبالنا و الدموع لم تجف بعد من مقلتيها.و قبل الحديث عن ياسين خرج علينا شقيقه الأكبر محمد الذي أخذ الكلمة و شرع يتحدث بعفوية عن أخيه ياسين. يقول محمد بروحو الشقيق الأكبر”أخي ياسين كان عاديا في سلوكه و تصرفه مع العائلة”،و أضاف” لم تكن تبدو على ياسين مظاهر التشدد و التطرف،لقد كان أخي مرحا للغاية و يتعامل مع والدتنا وأختيه و حتى مع أبناء الجيران بأدب ولباقة “. محمد أخبرنا أن شقيقه ياسين لم يتمكن من متابعة دراسته،فمساره الدراسي توقف في المستوى الإعدادي حيث كان يدرس في إعدادية الإمام مالك.و بعد وفاة والده سنة 1993 غادر مقاعد الدراسة،و بعد مدة شرع يبحث له عن آفاق جديدة،لكنه ظل يعيش في بيت عائلته الذي يضم أمه وأخوه الأكبر محمد 36 سنة و ثلاث من أخواته البنات. قيل لنا بأن ياسين كان حريصا على أداء صلواته بإنتظام،والشيء الوحيد الذي ظل أخوه يلحظه فيه، هو أنه كان منغلقا إلى حد ما على نفسه،و غامض في الكثير من اللحظات،بحيث لم تكن عائلته تعرف ما الذي يقوم به،و مع من يذهب.ستتغير حياة ياسين حسب بعض المقربين منه عندما تعرف على أفراد ينتمون للتيار السلفي بالعرائش،فظل يحضر مجالسهم و لقاءاتهم،حتى أنه كان لا يفارقهم،إلى أن تم إحراق جزء من ضريح للا منانة المصباحية منذ حوالي 9 سنوات. يقول محمد إن شقيقي ياسين تم توريطه و إقحامه في هذا الموضوع ظلما وعدوانا. وأردف شقيق ياسين قائلا “أخي كان مسالما،و لحداثة سنه آنذاك و لأنه لم يكن يعرف الكثير مما يجري و يدور أعتقل ياسين و زج به في السجن”، محمد مقتنع بأن شقيقه ياسين تم تقديمه كبش فداء على خلفية حريق ضريح للا منانة”(السلطات كانت اتهمت عناصر ينتمون للتيار السلفي بالوقوف وراءه و إعتقلت العديد منهم) قضى ياسين ثمانية سنوات من عقوبته السجنية بتهم تتعلق بالإرهاب و كذا المشاركة في إشعال النيران في ضريح للا منانة.عاش متنقلا بين سجون سلا و سيدي قاسم،و عين البرجة بالدارالبيضاء و سوق الأربعاء.و خلال مقامه بالسجن طالب في إحدى المرات بتنقيله إلى سجن طنجة بسبب عدم إحتماله أجواء سجن سوق الأربعاء،و بالفعل تم نقله إلى سجن طنجة بعد أن خاض أشكالا إحتجاجية من أجل ذلك. تحركت في دواخل ياسين و هو في السجن رغبة حب الإطلاع و الدراسة، فقرر التسجيل لنيل الباكالوريا حينما كان يقضي عقوبته السجنية بسجن أوطيطة الذي يوجد بضواحي سيدي قاسم،و بعد موسم دراسي واحد نال ياسين شهادة الباكالوريا تخصص أصول الدين.و سيتم إطلاق سراحه من مدينة طنجة بعد أن قضى عقوبته السجنية. بعد خروجه من السجن حاول ياسين أن يبني لنفسه مستقبلا جديدا،و أعلن عن نيته الزواج من إحدى الفتيات،ثم إستقر معها في بيت العائلة،طالبه إخوته بالبحث عن عمل و عرضوا عليه مساعدته من أجل توفير لقمة العيش له و لزوجته، فاقترح عليه شقيقه الأكبر محمد أن يعمل معه في مهنته و هي خياطة شباك الصيد بميناء العرائش،قبل ياسين العرض و ظل يخيط الشباك لفترة ليست بالطويلة. طموح ياسين كان شيئا آخر،إذ كانت تتصارع في دواخله العديد من الرغبات و الأفكار.لم يطق خياطة الشباك فغادر تلك الحرفة التي لم يعد يستحملها،و انتقل للعمل كبائع متجول،يبيع تارة الملابس وتارة أخرى يبيع الفواكه والخضروات،لكنه كره ظروف و أجواء تلك المهنة حيث لعبة القط و الفأر اليومية مع رجال السلطة، فقرر التوقف عن لعب دور البائع المتجول. بالرغم من ضعف ذات اليد قرر ياسين أخذ زوجته التي تضع النقاب و إكترى بيتا متواضعا حتى يتجنب إحراج شقيقه الأكبر الذي كان يعيش بدوره في نفس بيت العائلة ولأنه يرفض فكرة الإختلاط، بعد فترة وجيزة فاجأ ياسين عائلته حينما قرر الرحيل إلى مدينة الدارالبيضاء بحجة البحث عن فرصة عمل هناك،و أقنعهم بأن باب الرزق ربما يفتح في تلك المدينة العملاقة. شقيققه محمد أخبرنا أن ياسين و خلال مقامه بالدارالبيضاء حيث لم يعمر بها طويلا، كان يتصل بين الفينة و الأخرى ليطمئن على أمه وزوجته وإبنته هاجر التي تركها و هي لم تكمل سنتها الأولى بعد، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي إتصل فيه من العاصمة التونسية مخبرا شقيقه محمد أنه بخير وهو فقط متواجد في تونس طلبا للعمل و للبحث عن آفاق جديدة.لكن شقيقه محمد بدأت تساوره شكوك حول الغاية الحقيقة لتواجد أخيه في بلاد بعيدة دون أن يُعلم أحدا من عائلته. ظل ياسين يتصل بالعائلة و يهاتف بالخصوص شقيقه الأكبر محمد كلما سنحت له الفرصة.مرت الأيام و إنشغل محمد بحرفته في ميناء العرائش حيث يعمل في خياطة شباك الصيد إلى أن فاجأته مكالمة هاتفية من أخيه ياسين مخبرا إياه بأنه متواجد في مدينة إسطمبول التركية.شقيقه أحس بأن ياسين يخطط لشيئ ما،فبادر بسؤاله عن السبب الذي دفعه للذهاب لتركيا التي تعيش أجواء باردة و مثلجة، تاركا زوجته و صغيرته هاجر بدون معيل. رد عليه ياسين بأنه الآن بخير،و هو متواجد مع إخوة طيبين يعتنون به،و سيحصل على شغل في تركيا و أنه سيعمل على إحضار زوجته وإبنته هاجر قريبا لتكونا بجانبه في إسطمبول.إنقطع الإتصال بينهما لمدة 15 عشر يوما و ذلك حينما قرر ياسين دون إخبار أحد التوجه إلى سوريا و التسلل إلى مدينة إدلب للإلتحاق بصفوف المقاتلين الذي يتوافدون هذه الأيام من مختلف الدول بينها المغرب،لمساندة مقاتلي الجيش السوري الحر ضد جيش بشار الأسد. بدأ محمد يحس بأن خطبا جللا أصاب أخاه فكان يتصل برقم ياسين دون أن يجيب أحد، إلى أن تلقى مكالمة من شخص قدم نفسه بإسم هاشم،أرقام الهاتف تدل على أن المتصل من إسبانيا،قدم العزاء لمحمد و أخبره بأن أخاه إستشهد في أرض المعركة بسوريا،و أعطاه موقعا على الإنترنيت،داعيا إياه إلى أن يتحقق من الخبرعبر رؤية أخيه و هو ميت.و بالفعل تأكد محمد أن الشخص الذي يشاهده في تلك اللحظة جثة لا تتحرك،هو بلحمه و شحمه شقيقه الأصغر ياسين. و حسب محمد فقد تم إخباره من طرف نفس المتصل بأن شقيقه ياسين قد تم سحب جثمانه ليدفن في مصيف سلمى بريف مدينةاللاذقية،وعند سؤالنا أكد محمد أنه تلقى إتصالات عديدة من عناصر أمنية ومن رجال السلطة المحلية بالعرائش يستفسرونه عن كيفية معرفة خبر مقتل شقيقه،و من تكون الجهات التي أخبرتهم بذلك،و من أي الدول إتصلوا بهم و غيرها من الأسئلة. و أكد لنا شقيق ياسين أن لا أحد إستدعاه للحضور سواء لمخفر الشرطة أو شيئا من هذا القبيل.