المهرجان الدولي للمسرح الجامعي.. ليس هذا مجرد عنوان يتصدر جملاً وفقرات أملتها رغبة في تسويد البياض وتلقفها القلم المسنون وقال لها انسكبي مع رتابة الألوان .. ولا هو عنوان من عناوين وزارة الثقافة الوصية على أب الفنون سلالته، في أجندتها المنذورة لمرور الأكرمين .. إنما هو، ولكم أن تعجبوا أو تتعجبوا، اسم النشاط الإشعاعي السنوي الذي دأب طلاب "المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة" على تنظيمه منذ ست سنوات.. قلت المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، وليس للفنون وما إليها.. تأبطت خيراً، وقصدت الفندق العريق، استجابة لدعوة الجهة المنظمة التي دعت إلى ندوة صحفية تمهيدية، عشية الأربعاء 10 أكتوبر الجاري.. ولم أندم ذلك المساء، لأن حجم المفاجآت، والمفاجآت السارة بالأساس، كان بحجم حبنا الكبير للمسرح.. المسرح الذي غادرنا.. أو غادرناه.. ولم نعد نعوده أو يعودنا إلا لماماً.. لماماً.. وهذا مبحث آخر. أولى المسرات أن تحمل هذه الدورة اسم الراحل العزيز امحمد مكروم الطالبي الرجل الذي أوقف جزءً كبيراً من حياته للمسرح، ممارسة ودراسة وكتابة وعملاً وتنظيماً أيضاً.. ولا أدل على ذلك من تأكيد أحد مهندسي هذه التظاهرة صديقنا الطاهر القور، أمام الملأ المؤثث للندوة الصحفية تلك، إذ قال: "كان المرحوم امحمد، الذي كانت تربطه علاقة شغل بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، واحداً من واضعي أسس هذا المهرجان.. ثاني المباهج، بالنسبة للداعي لكم بالخير والفرجة الممتعة، وجود اسم واحد من علاماتنا المسرحية المضيئة ضمن لائحة لجنة التحكيم.. الأمر يتعلق بالكاتب المسرحي المبدع ابن طنجة البار الزبير بن بوشتى.. الزبير الذي انطلق من نقطة متناهية في المحلية، يستدل عليها، جغرافياً، بدار الشباب حسنونة المتاخمة لحي المصلى العريق، حقق لنفسه، بالجد والمثابرة والتضحيات، شهرة تجاوزت الحدود العربية إلى الضفاف الأخرى، وهو لا يزال يواصل مشواره الإبداعي المسرحي، بالاعتماد على النفس أولاً وأخيراً، على درب العالمية التي تليق بحيوية الرجل واستماتته ومقاومته لسكونية النجاح المحلي، كما هي حال كثير من مبدعين الذين قنعوا باللي كاين ووضعوا لتجربتهم نقطة نهاية.. ثالث هام، تتميز هذه الدورة التي تحتضنها مدينة البوغاز، مدينة مسرح ثربانطيس، بين 15 و20 من هذا الشهر، بتمكين المهتمين والطلبة من الاستفادة من ورشات تكوينية، بالتوازي مع العروض المسرحية التي تقدمها فرق من المغرب ومصر ولبنان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والجزائر وليبيا وتونس، بالإضافة إلى الولاية المتحدةالأمريكية وفرنسا، ثم إسبانيا في عرض خارج المسابقة الرسمية.. وواسطة العقد في هذه الندوة الصحفية التي شرفت بحضورها، مدير المهرجان ومدير المدرسة الدكتور عبد الله الجبوري، الذي هو أستاذي في كلية العلوم المحنش بتطوان.. ولم ألتق به، للأسف الأشد، منذ سنة التخرج من الكلية في السنة التي قفلنا بها القرن الماضي وقتلناه، وقتلنا معه كثيراً من الأشياء الجميلة.. ستكون لنا عودة، بحول الله، بعد متابعة العروض المسرحية وما يوازيها من أنشطة المهرجان.. وإلى ذلكم الحين، أنقل إليكم تحية عطرة من الصديق الأستاذ محمد الأزرق، الذي يهمس في أذني، الآن الآن، بكثير من مناقب وخصال الفقيد المرحوم امحمد مكروم الطالبي. - نلتقي !