الملك محمد السادس يترحم على روح المغفور له الملك محمد الخامس    انتخاب المغرب رئيسا للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان بجنيف    إعفاء المدير الإقليمي للتعليم بالناظور    تطوان.. حجز أزيد من 17 ألفا قرصا طبيا مخدرا وتوقيف أربعة أشخاص يشتبه ارتباطهم بشبكة لترويج المخدرات    الأرصاد تدعو المغاربة إلى الحذر بسبب مخاطر الفيضانات والسيول المفاجئة    15 قتيلا و2461 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    اتفاقية شراكة بين وزارة التجارة والصناعة و"التجاري وفا بنك" لتعزيز رقمنة التجار    أنفوغرافيك | المغرب ومؤشر القوة الناعمة العالمية لعام 2025    الشرقاوي: وكالة بيت المال القدس الشريف نفذت أزيد من 200 مشروعا كبيرا لفائدة المقدسيين منذ إحداثها    إسرائيل تقترح تمديد وقف إطلاق النار بغزة 60 يوما    باريس سان جيرمان يُقصي ليفربول بركلات الترجيح ويتأهل لربع نهائي الأبطال    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.. برشلونة أول المتأهلين إلى ربع النهائي بفوزه على بنفيكا    الحقائق تنتصر والشائعات تتلاشى    وهبي يقْسِم أنه لن يعدل المادة 3 من المسطرة الجنائية للتبليغ عن الفساد    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا لتتبع تنزيل ورش الارتقاء بالمنظومة الصحية    إجراءات وهبي تثير الجدل.. الغلوسي: إعلان غير مباشر عن "حالة استثناء" في المغرب    الدرك الملكي يفك لغز الطفلة "جيداء" والجاني عمها    موكوينا يدخل في صراع مع جماهير الوداد    مغرب الحضارة الضرورة التاريخية : شركات عمومية للأمن الغذائي    أوكرانيا تقبل مقترح أمريكي بشأن هدنة لمدة 30 يومًا    أمطار الخير ترفع مخزون سدود الحوض المائي لأم الربيع إلى 84.5 مليون متر مكعب    فيديو: أمير المؤمنين الملك محمد السادس يترحم على روح المغفور له الملك محمد الخامس    الاضطرابات الجوية تلغي رحلات بحرية بين المغرب وإسبانيا    هل الصيام يشفي القلب أم يشكل خطراً عليه؟ اكتشف الحقيقة مع الدكتور حفدي المهدي (فيديو)    مطالب برلمانية بالكشف عن أسباب ارتفاع صادرات زيت الزيتون رغم تراجع الإنتاج    مجلس الحكومة يتدارس مرسوماً متعلقاً ب"طنجة تيك" يوم الخميس    نشرة إنذارية: أمطار قوية وأحيانا رعدية وتساقطات ثلجية اليوم الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    جائزة القيادة في النوع الاجتماعي: البنك الدولي يكرم لُبنى غالب، عضو مجلس إدارة مجموعة طنجة المتوسط    مركزية ONCF بالمغرب تضع أطر وإدارة محطة القطار بالجديدة في مواجهة احتجاجات الزبناء بحكم الأعطاب المتكررة وغياب جودة الخدمات    العراق يملك واحدا من أعلى احتياطيات الذهب عربيا ب162طنا    أمطار غزيرة ورعدية تتراوح بين 50 و70 ملم تهدد مناطق بالمملكة    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    الناصيري ينفي الإساءة إلى حجيب    تلوث الهواء يطال 14 مدينة هندية    الحبس والطرد من الإمارات.. تفاصيل قضية الفاشينيستا روان بن حسين في دبي    الشابي يشيد بقتالية الرجاء بعد الفوز على النادي المكناسي    صيدلاني يشجع الشك في "الوعود الدعائية" للعقاقير الطبية    علماء: الإكثار من الدهون والسكريات يهدد المواليد بالتوحد    نهضة الزمامرة يعيّن الفرنسي ستيفان نادو مدربًا جديدًا خلفًا لبنهاشم    المسرح يضيء ليالي الناظور بعرض مميز لمسرحية "الرابوز"    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم مشاريع النشر والكتاب هذا العام    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    كاف تفتح طلبات البث التليفزيوني لبطولاتها    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    حتى ‬لا ‬تبقى ‬الخطة ‬العربية ‬الإسلامية ‬لإعمار ‬غزة ‬معطلة ‬    تنظيم الملتقى الأول ل''رمضانيات السماع و المديح للجديدة    قمة ‬جزائرية ‬تونسية ‬ليبية ‬لنسف ‬القمة ‬العربية ‬الطارئة ‬في ‬القاهرة    الصين: متوسط العمر بالبلاد بلغ 79 عاما في 2024 (مسؤول)    الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.. من الشعارات الانتخابية إلى محكّ السلطة    الجديدي يفرض التعادل على الحسنية    ‬"وترة" يدخل دور العرض بعد رمضان    شخصيات عربية وإفريقية وأوروبية بارزة تنعى الراحل محمدا بن عيسى    برعاية إبراهيم دياز .. أورنج المغرب تطلق برنامج Orange Koora Talents    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدالة والتنمية في محك الانتخابات الجزئية - فتيحي محمد
نشر في طنجة 24 يوم 21 - 09 - 2012

في ظرفية الربيع العربي وإعلان المغرب عن دخوله تجربة ديمقراطية جديدة كرستها تعديلات دستورية وانتخابات تشريعية عامة، أفرزت عن فوز حزب العدالة والتنمية، ذي التوجه الإسلامي(#)، بأغلبية غير مريحة؛ أرغمته من قيادة حكومة ائتلافية مع بعض الأحزاب سبق لها أن ساهمت في تجارب الحكم سابقا.
منذ ذاك الحين وضعت الحكومة، وبالأخص حزب العدالة والتنمية، تحت مجهر الشعب؛ الذي يترقب بلهف ماذا ستنتج عنه هذه التجربة، وهل سيستطيع تخطي الصعاب ويفلح في اجتثاث الفساد وكسر طوق اللوبيات المحتكرة لخيرات الشعب وثرواته المختلفة، وخصوصا في تعميق التجربة الديمقراطية الجديدة وإنضاجها وفق مقتضيات الدستور المعدل تحت ضغط الشارع العربي وربيعه، ويمكن المغاربة من تحقيق نمو مرموق واقتصاد الوفرة والكفاية وحياة العدالة الاجتماعية الحقة.
خطت الحكومة خطواتها الأولى برئاسة حزب العدالة والتنمية وولجت محيط الصعاب المتعددة، علها توفي بوعودها التنموية المعلنة إبان حملة الانتخابات التشريعية الأخيرة وفي برنامج الحكومة الائتلافية، وهي كلها حماس وجرأة وتفاؤل وثقة؛ جعلتها تبدأ بفتح ملفات الفساد، وأخذ بعض الإجراءات؛ ظاهرها غير شعبي، استغلتها بعض الأصوات المعارضة والمغرضة لبث روح الشك ونشر قراءات منبثة؛ القصد منها التشويش على العمل الحكومي وتثبيطه والتشكيك فيه، لعلها تثني العدالة والتنمية عن السير الثابت نحو اجتثاث الفساد وتعقب المفسدين الضالعين لمحاسبتهم وعقابهم؛ لأنهم نهبوا البلاد والعباد وعاثوا في الأرض علوا واستكبارا منذ استقلال البلاد...
ومن المؤسف المضحك في نفس الوقت، أن الهجمة الشرسة لأذناب الفاسدين المفسدين تعاقبت على الحزب لإضعافه والنيل منه، لكن هذه المرة من داخل مؤسسات الدولة الدستورية نفسها وعبرها، متضرعة في هذا بالدستور ومتأولة لبعض بنود مدونة الانتخابات ومصدرة لحكم نهائي مجتث لا تبرير له - حسب أهل الاختصاص- دستوريا وقانونيا.
فعلا إذا تأملت هذا الحكم- وإن لم تكن من الخبراء- تعلم على التو أن الأمر لا يعدو أن يكون حسابا سياسيا محضا لا يستند على أي أساس قانوني؛ ويوحي إليك أنك في دولة علمانية؛ إذ نسي أعضاء المجلس الموقرأو تناسوا أننا في بلد إسلامي بامتياز بنص الدستور المتعلل به؛ ملأت آفاقه الصوامع وتفشت الرموزية الدينية بشتى أشكالها: في تبوغرافيته وهندسته المعمارية الأصيلة.
كيف يعقل إذن أن يقرر بطلان حق الحزب في ثلاث مقاعد على مستوى دائرة طنجة-أصيلة بمجرد الحكم على صورة التقطت لمرشحي الحزب داخل هذه الدائرة، إبان حملة الانتخابات التشريعية العامة الأخيرة، تضمن منظرها العام صومعةّ؟ من غير أن يتساءل - ببداهة الفقيه الموضوعي- هل فعلا استعملت ووظفت هذه الصومعة لإبداء وإشهار الصبغة الإسلامية لهذا الحزب؛ فيكون الحزب قد خرق فعلا القانون وسقط في المحذور، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون لقطة لإدماج المرشحين في الصورة العامة للمدينة القديمة؛ المعروفة بأصالتها الإسلامية ؟
لا شك أن إعادة الانتخابات على مستوى طنجة-أصيلة والتنافس على المقاعد المنزوعة ظلما وعدوانا منه ستضع كل أطراف المشهد السياسي المغربي –بالأخص حزب العدالة والتنمية- على محك الامتحان أمام الناخب وأمام الرأي العام المحلي والقطري. لاشك أن حزب العدالة والتنمية في حاجة لمعرفة مدى رسوخ شعبيته بعد مرور بعض الشهور من ولوج تجربة الحكم؛ لهذا سيوظف كل طاقاته وكفاءاته لدعم مرشحيه الثلاث لعله ينجح في استرجاع حقه والتأكيد لكل مغرض ومناور ومتآلب أن جذور هذا الحزب وعمقه الاستراتيجي الشعب؛ فهو عمدته ومصدر شرعيته ومشروعيته.
الأمر ليس بالسهل؛ فالأحزاب الأخرى –خصوصا أحزاب المعارضة للحكومة- متواجدة بقوة بهذه الدائرة الانتخابية؛ لهذا لن تسمح بتكرار مشهد الانتخابات العامة، حيث حصد حزب العدالة والتنمية القسط الأوفر من أصوات الناخبين، برهن فيه عن مدى تجدره في الشرائح الاجتماعية المختلفة. لهذا نحسب أن التنافس سيكون شرسا والصراع محتدما بين الأطراف المختلفة.
نحسب أن التحدي أمام هذا الحزب كبير ومضاعف؛ فالمنافسة من جهة -كما أشرنا آنفا- ضارية لمنعه من التقدم وتحقيق برنامج حكومته، ولوبيات الفساد مقاومتها عتيدة وهجماتها شرسة، ونزعم أنها لن تستسلم بسهولة؛ لأنها تعلم علم اليقين أن في ذلك حذفها وفناؤها. والشعب من جهة أخرى حذر ومتوجس؛ لأنه فقد ثقته في كل حاكم،وسئم من الانتظار؛ فصم آذانه عن كل الخطابات الرنانة الفارغة والوعود الكاذبة، وعزف عن كل مشاركة سياسية، وأدار ظهره لصناديق الاقتراع، معبرا عن معارضته بصمته، وإن كان يترقب في كل مرة طالع هذه الصناديق لعل المعجزة تأتيه منها من غير مذلته ولا سخرية من أحلامه.
فالعزوف إذن أكبر تحدي في الانتخابات العامة وهو في الجزئية - نظن - أكبر؛ لأن الدعاية التحميسية الرسمية تكون ضعيفة مركزيا و محليا...لهذا لابد أولا من إعادة خطاب تحميس وتشجيع وتعبئة المواطنين لحثهم على المشاركة والذهاب إلى صناديق الاقتراع قصد التعبير عن أصواتهم ضد الفساد والاستبداد. لابد كذلك من تغطية مكثفة للدوائر التي عبرت عن أصواتها لصالح تغيير الأوضاع قصد طمأنتها وضمانها. ولا بد أخيرا من الوصول إلى المناطق النائية والمهمشة والمحرومة ؛ حتى تنزع من نهش مشتري الذمم ومستغلي الفقر والحرمان. كل ذلك علنا نبث الأمل في الشعب، ونعيد -لا أقول الثقة إليه ؛ لأن هذه كالبكارة، إذا فقدت لا تعوض- بل فقط إقناعه بالتعبير إيجابيا عن رأيه واختياراته عبر صناديق الاقتراع، لتتضافر الجهود وتلتحم الطاقات لاقتلاع جذور الفساد المستشري في كل قطاعات الدولة. حينئذ فقط نبدأ الإصلاح وتنطلق خطوات التنمية الحقيقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.