يحتفل المغرب كسائر بلدان المعمور باليوم العالمي للطفل، الذي يصادف ال 20 نونبر من كل سنة، والذي يشكل مناسبة للتأكيد على الالتزام الراسخ بحماية حقوق هذه الفئة وضمان تفتحها ورفاهيتها، وفرصة لتكثيف الجهود على نحو أكبر في سبيل تقدم وازدهار أجيال المستقبل. ويقتضي تنمية الطفل اليوم، إعداد جيل واع للمستقبل يسير في الاتجاه الصحيح، ويعرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات. وقد بدأت الدعوات للإعلان عن يوم عالمي للطفل سنة 1954، من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث دعت جميع الدول إلى تخصيص يوم للطفل. وتم تخصيص يوم للاحتفال بعيد الطفل، بحيث يكون هذا اليوم شاهدا على حقوق الأطفال جميعا، لتشهد سنة 1989 الاحتفال بعيد الطفل لأول مرة. وقد صادق على هذا الاحتفال مائة وواحد وتسعون دولة، من بينهم المغرب، بإقامة العديد من الأنشطة والفعاليات والاحتفالات الموجهة للمواطنين الصغار، وذلك للتأكيد على حقوق الطفل، إلى جانب المطالبة بحقوق الأطفال المتخلى عنهم، وأولئك الذين يعيشون في الدول المنكوبة التي تعاني من الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية. ويشهد هذا اليوم قيام العديد من الناشطين الذين يعنون بحقوق الطفل بالعديد من المطالبات التي تدعم حقوق الطفل، ويرفعونها للجهات الوصية. وتأكيدا على سهرها الدائم لحماية الأطفال والطفولة وضمان عيشهم حياة كريمة، من خلال توفير التعليم والسعادة والأمان والحب والصحة، طالبت منظمة الأممالمتحدة للطفولة "اليونسيف" هذه السنة متابعيها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التوقيع على عريضة سترسل إلى قادة العالم باللون الأرزق. وقالت "اليونسيف" عبر صفحتها على تويتر إن "السعادة، التعليم، الأمان، الحب، الصحة.. هذا ما نتمناه لكل طفل، ومع ذلك يحرم الأطفال من حقوقهم فى كل يوم". ووقع على عريضتنا بالأزرق في اليوم العالمي للطفل هذا العام، لمطالبة قادة العالم بوضع الأطفال في صدارة الاهتمام. وأكدت "اليونسيف" أن الأطفال يحرمون من حقوقهم كل يوم، مطالبة بإقامة عالم يكون فيه جميع الأطفال ملتحقين بالمدارس، آمنين من الأذى وقادرين على تحقيق آمالهم، مضيفة "نعلم أنك تريد ذلك أيضا. حان الوقت لإعادة الاهتمام بالأطفال إلى جدول الأعمال". كما ناشدت متابيعيها في جميع أنحاء العالم بالتوقيع على العريضة والمشاركة في حملة "بالأزرق" لمطالبة قادة العالم بالالتزام بإعمال حقوق كل طفل والإقرار بأن تلك الحقوق غير قابلة للتفاوض. وتدعو المنظمة الأممية، في هذا الصدد، الدول إلى اعتماد خطط عمل وطنية فعالة تشرك قطاعات التعليم والعدالة والصحة، فضلا عن إدماج المجتمع المدني والأطفال أنفسهم، وكذا تركيز السياسات الوطنية على بناء نظم الخدمات الاجتماعية وتدريب الأخصائيين الاجتماعيين على تقديم الخدمات اللازمة للأطفال. وتشكل شريحة الأطفال في المغرب نسبة هامة ومؤثرة من البنية المجتمعية وتعمل الدولة على الاهتمام بها من خلال توفير التعليم والصحة والتوجيه والإرشاد، وذلك عبر مختلف المؤسسات الموكول إليها ذاك، من جهة، ومن خلال التأكيد على التزاماتها الدولية من جهة أخرى. فعلى الصعيد الوطني، يشكل المؤتمر الوطني لحقوق الطفل فرصة لتجديد انخراط المملكة والتزامها تجاه الأطفال واليافعين والناشئة وإصرارها على حمايتهم من كافة أشكال العنف والاستغلال والإهمال. وتكرس اهتمام المغرب بحقوق الطفل من خلال إنشاء "المركز الوطني للإشعار والاستماع والدفاع عن الأطفال الضحايا" بالمرصد الوطني لحقوق الطفل، الذي عزز حالات التدخل لفائدة الأطفال ضحايا العنف والاستغلال والإهمال بصفة دقيقة، وساهم في إرساء آلية جديدة للاهتمام بالأطفال المهملين، فضلا عن دعمه للجهود الحثيثة لسحب الأطفال المتخلى عنهم في المستشفيات. كما تشكل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة، التي أشرفت عليها وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية لحماية الطفولة بالمغرب، جوابا وطنيا لمحاربة كافة أشكال العنف والاعتداء والاستغلال ضد الأطفال. وقد تم إعداد هذه السياسة وفق منهجية تشاركية، أشرفت عليها وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بتنسيق مع كافة المتدخلين من قطاعات حكومية وجمعيات والأطفال أنفسهم، وبتعاون مع منظمة "اليونسيف". وتترجم هده السياسة مقتضيات الدستور، وتوجهات البرنامج الحكومي، وخلاصات التقييم النصف المرحلي لخطة العمل الوطنية للطفولة. وتجسد هذا الاهتمام، أيضا، من قبل الوزارة الوصية، من خلال نشر ثقافة حقوق الطفل ودعم مبادرات الجمعيات والمساهمة مع القطاعات المعنية في إعداد التقارير الدورية للمغرب لتنفيذ الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وتنظيم أنشطة لتخليد الأيام الوطنية والدولية لحقوق الطفل، حيث يحتفل المغرب في ال 25 ماي من كل سنة بأطفاله من خلال تنظيم اليوم الوطني للطفل. وفي إطار مهامها في مجال حماية الطفولة، تقوم الوزارة بعدة برامج لحماية الطفولة من خلال دعم مبادرات الجمعيات وتحسين جودة التكفل بمؤسسات الرعاية الاجتماعية ودعم قدرات الفاعليين. وتنزيلا لمضامين السياسة العمومية المندمجة تقوم الوزارة بشراكة مع مؤسسة التعاون الوطني بوضع وحدات لحماية الطفولة في جميع المدن المغربية، ووضع برامج مع جمعيات ذات خبرة لتحسين التكفل بالأطفال في وضعية صعبة. كما أن دراسة حول وضعية الفقر لدى الأطفال بالمغرب، تم تقديمها في 7 ماي الماضي بالرباط، أشارت إلى ضرورة مأسسة نظام للتتبع الدوري للفقر متعدد الأبعاد والفقر النقدي لدى الأطفال وإرساء سياسات استراتيجية في المجالات التي تؤثر على رفاه الأطفال. وأكدت الدراسة، المنجزة بشراكة بين المرصد الوطني للتنمية البشرية ووزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة "اليونسيف"، على الحاجة إلى الإسراع بجرد النواقص في المجال القروي والمناطق المعزولة، لاسيما في ما يتعلق بالولوج إلى الخدمات والبنيات الصحية الأساسية. كما شهدت سنة 1999 إحداث برلمان الطفل كآلية أساسية لتنفيذ اتفاقية الأممالمتحدة، وهي الآلية التي أضحت فضاء للتبادل وتوعية الأطفال بالممارسات الديمقراطية وثقافة الحوار، والعيش المشترك، والتشارك في صنع القرار السياسي. وفي إطار التزام المملكة بضمان حقوق المهاجرين على أراضيها، تم مؤخرا إطلاق مشروع جديد للنهوض بحقوق الأطفال المهاجرين بالمغرب، وذلك بمبادرة من صندوق الأممالمتحدة للطفولة "يونسيف" والاتحاد الأوروبي، الذي خصصت له ميزانية تقدر ب2,447 مليون أورو، يرتقب أن يستفيد منه كافة الأطفال المهاجرين بالمملكة (10 بالمائة من مجموع المهاجرين، 35 بالمائة منهم من الإناث). (*) و م ع